نوزاد حسن
نبدو في اغلب الاحيان شعوبا بلا حظ.وما يقال عن حظ الفرد السيء يمكن ان يقال عنا باننا شعب سيء الحظ بامتياز.وتكمن مشكلتنا في هذه النهايات غير المقبولة التي تنتهي بها حياتنا وهي في الغالب انفعال سياسي يقلب الاوضاع راسا على عقب.ومنذ نشاة الدولة العراقية عاش الاجداد والاباء لعنة التغير الارعن الذي يقع كقدر ثم علينا ان ننسجم مع هذا التغير.اعني ان الانقلاب العسكري كان عصا سحرية تشبه عصا موسى مع الفارق,فبمجرد ان تهتز حتى يسقط النظام على رأس قائده الاوحد ورأسنا.ساشير الى سقوط البعث عام 2003 هذا السقوط الحر العجيب الذي اسلم جيلا كاملا الى حياة جديدة وصنع من اربعة عقود سنوات بلا اي انتماء.وهكذا واجهنا نظاما جديدا تاسس بانقلاب عسكري امريكي ايضا.وكان علينا ان نعيش قسوة نسف عقود بكل ما فيها من تعقيد وعلاقات وحرب وحياة اجتماعية كاملة.بهذا المعنى محيث تماما فترة كاملة لنبدأ من جديد فترة مختلفة في لونها وشكلها الخارجي مع جراح جديدة نتذوقها الان بحواسنا الخمس.
نحن اذن شعب سيء الحظ بكل معنى الكلمة.لم نصادف زعيما معتدلا او تدخلت قوى ما لتغييره كما حدث لعبد الكريم قاسم.المهم عشنا دوامة التغيير الارعن بلا رحمة.وها نحن ننتظر بروز اسطورة جديدة لا يمكن ان تظهر.لذا استطيع القول ان الهند اكثر حظا منا لانها انجبت ثلاثة سياسيين من عرق اخلاقي نادر هم غاندي ونهرو وزين العابدين عبد الكلام,وان ماليزيا انجبت مهاتير محمد,وان سنغافورة حظيت ب لي كوان يو.هل هناك سعادة وحظ اكثر من هذا.؟
بروز رجال بطاقات استثنائية لادارة شؤون بلدان في اسيا,وما ادراك ما اسيا بكل تعقيدها الطائفي والاثني وملامح التخلف وصراعات السياسة.
رجال خاضوا حرب اعقد وظيفة في العالم,واستطاعوا ان يصنعوا علم اخلاق للسياسة لم يكن موجودا في السابق.
لم ينغمس اولئك القادة بعسل السلطة ولعبة الكر والفر والاغراء والترهيب والترغيب والتصفية.فهناك في هرم السلطة تبدو الدنيا بشكل مختلف.وتشعر ذات الرئيس وروحه بانه كائن متفرد وملهم والجميع يحسده ويتمنى رضاه.
في كرسي السلطة يتغير الوعي الى وعي اخر.تطرأ عليه صدمة تغيره كليا بحيث يصبح اداة بيد الحدث وبيد الرغبة التي لا تشبع.وهنا يصاب وعي الرئيس بالتورم وعقدة الظهور كمنتصر على الدوام.انا اتحدث عن تغيير جوهري يشبه التغير الكيميائي الذي يصنع من المادة شيئا جديدا.هكذا ستختلف تجربة وعي الرئيس التقليدي عن وعي الرئيس الفذ من طراز لي كوان يو.ولا دخل هنا للاخلاق في هذه القضية.نحن امام تجربة من نوع اخر لم تحدث عندنا.رئيس له وعي صاف,يراقب الاشياء بقلب متفتح ويصاب بالارق عند حدوث فاجعة,ويأرق ان شاهد تقريرا عن بؤس مدينة من مدن بلاده.وفوق كل هذا:تسيطر على الرئيس حالة من عدم الرضا المزمن الذي لا تتركه يرتاح ابدا.يتمنى لو يقدم عدالة تشبه خط المستقيم ولانه لا يستطيع لذا فهو ينزل الى مستوى حياة الناس.هذا هو حل الرئيس ذي الوعي الصافي.اقناع نفسه بانه غير مستثنى من بؤس مواطنيه,بل هو يشاركهم كل شيء.وقد يحدث ان ينظم الرئيس مثلا نظاما اداريا دقيقا كما فعل مهاتير محمد ولي كوان يو غلى حين واجه غاندي تعقيدا اشد خطورة في بلده لكنه استخدم اسلوبا انسانيا كي لا يخسر ذاته امام اغراء السلطة.










