الموصل / سيف الدين العبيدي

استعادت أزقة الموصل القديمة حضورها التراثي مع عودة الصلاة إلى جامع الرابعية الأثري، الذي شيدته الحاجة رابعة خاتون بنت إسماعيل باشا الجليلي عام 1766 على مساحة 1400 متر مربع، في واحدة من أبرز معالم الحقبة الجليلية التي تركت بصمتها في عمارة المدينة.
ويتميّز الجامع باحتوائه على بئر ماء ما يزال قائماً حتى اليوم، كان من الآبار التي استخدمت خلال حصار نادر شاه للموصل. وقد تعرض الجامع لتخريب واسع على يد تنظيم داعش، الذي أزال الآيات القرآنية واللوحات الشعرية داخل المصلى وخارجه، كما أصيب بأضرار جراء القصف خلال معارك التحرير.
انطلقت أعمال إعمار الجامع في حزيران 2022 بدعم من منظمة «أليف»، حيث عُثر خلال أعمال الصيانة على جثث وأكثر من 15 عبوة وصاروخ غير منفلق من مخلفات الحرب.
المهندس المقيم إبراهيم يعرب أوضح لـ«المدى» أن موقع الجامع داخل أزقة ضيقة شكّل تحدياً كبيراً لوصول مواد البناء، مشيراً إلى أن إعادة تصميم القبة كانت من أصعب مراحل العمل، إذ جرى رفع طبقة السيراميك التي أضيفت خلال صيانة عام 1995، واستظهار الحجر الأصلي العائد إلى نحو 260 سنة، استناداً إلى صور قديمة موثقة في جامعة الموصل. وأضاف أن القبة أعيد بناؤها بطبقتين من الجص والحجر، بينما شُيّد الجامع بالحجر والجص والمرمر الموصلي حفاظاً على قيمته الأثرية.
وبيّن يعرب أن أضرار المصلى كانت محدودة، لكن تمت إعادة تبليط أرضيته بالحجر بدلاً من الكاشي، إلى جانب ترميم مقبرة بيت الجليلي ومصلى النساء وبيت الإمام في الجهة الغربية، وإعادة بناء صفوف المدرسة الدينية في الجهة الشرقية.
من جانبه، أكد المشرف الأثري على المشروع مصعب محمد أن جامع الرابعية حافظ على طابعه التاريخي، وتمت عمليات الصيانة دون استخدام مواد كيميائية. وأشار إلى أن جميع الآيات القرآنية والزخارف التي هشّمها داعش أُعيد نقشها على الحجر الأصلي، مع ترك أجزاء من الأضرار شاهدة على ما أصاب الجامع. وأضاف أن أعمال الترميم شملت الجدران والمنبر والأعمدة باستخدام أجهزة حديثة، وأن الأجزاء المتضررة خارج المصلى عُوضت بعدد محدود من الأحجار.
وبيّن محمد أن ملحقات الجامع أُعيد بناؤها بالكامل لأنها أضيفت في تسعينات القرن الماضي، معبّراً عن سعادته بعودة الجامع إلى هيئته الأصلية كما كان قبل 260 عاماً، خاصة في القبة والمصلى والمنبر.