متابعة / المدى
يتجدد الجدل السياسي والاجتماعي في العراق مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، بشأن جدوى نظام الكوتا النسائية في تعزيز حضور المرأة داخل البرلمان، وسط تساؤلات حول مدى استقلالية القرار النسوي في ظل استمرار هيمنة الأحزاب على معظم المرشحات.
ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على دخول النساء قبة البرلمان لأول مرة، لا يزال النقاش قائماً حول ما إذا كانت الكوتا النسائية تمثل أداة حقيقية لتمكين المرأة أم مجرد ضمان عددي للحضور السياسي دون تأثير فعلي.
ويستعد 2248 مرشحة للتنافس على 83 مقعداً مخصصاً للنساء وفق القانون، في وقت يرى فيه مختصون أن التحدي الأكبر لا يكمن في الوصول إلى مقاعد البرلمان، بل في استقلال القرار النسوي عن التأثيرات الحزبية التي تحدّ من المشاركة الفاعلة للنساء في صنع القرار السياسي.
وقالت المرشحة عن أحد الأحزاب السياسية أنوار الخفاجي لوكالة شفق نيوز، إن دخول مرشحات جديدات إلى الانتخابات المقبلة «يمثل تحولاً مهماً في المشهد السياسي العراقي»، مبينة أن عدداً كبيراً من النساء اخترن الترشح ضمن قوائم جديدة بعيدة عن الأحزاب التقليدية التي لم تفِ بتطلعات المرأة والناخبين.
وأضافت الخفاجي أن هذا التوجه يهدف إلى تقديم نموذج يقوم على الكفاءة والنزاهة والاقتراب من قضايا الناس، مع تعزيز التواصل مع الجمهور، وإشراك الشباب والنساء في البرامج الانتخابية، والتركيز على الخدمات والعدالة الاجتماعية وتمكين المرأة فعلياً لا شكلياً، بما يعيد ثقة الناخب بالمرأة النائبة.
من جانبها، قالت الباحثة في الشأن السياسي نوال الموسوي، إن أغلبية المرشحات «غير مستقلات، بل منضويات ضمن قوائم وتحالفات تحدد إطار عملهن»، مشيرة إلى أن فوز المرشحة لا يعني بالضرورة قدرتها على التعبير عن رؤيتها الخاصة، لأن الموقف السياسي غالباً ما يتقيد بخط الكتلة التي تنتمي إليها. وأضافت أن المزاج العام للشارع العراقي يميل إلى المدنية، غير أن الأحزاب الإسلامية أيضاً تدفع بعدد من المرشحات للاستفادة من الكوتا النسائية. واعتبرت الموسوي أن الكوتا «أُفرغت من مضمونها الداعم للمرأة، إذ تحولت إلى مجرد نسبة إلزامية تذهب ثلاثة أرباعها لصالح الأحزاب الإسلامية».
وأوضحت أن «المفوضية خصصت لكل كتلة نسبة محددة من الكوتا، ما جعلها أداة لضمان التمثيل العددي لا للاستقلالية السياسية، لأن المرشحات الفائزات سيبقين ضمن العباءة الحزبية وجزءاً من استراتيجيات الكتل السياسية».
وفي السياق ذاته، أكدت نائبة الناطق باسم مفوضية الانتخابات نبراس أبو سودة، أن عدد المرشحات في هذه الدورة بلغ 2248 مرشحة من أصل إجمالي المرشحين، موضحة أن القانون يفرض حصة لا تقل عن 25% من مقاعد مجلس النواب للنساء، وأن نظام الكوتا لا يشمل مقاعد الأقليات التسعة المخصصة خارج هذا النظام.
وأضافت أبو سودة أن هذا العدد الكبير من المرشحات يعكس وعياً متنامياً لدى المرأة العراقية بأهمية المشاركة السياسية، غير أن تحقيق التمكين الحقيقي يتطلب بيئة سياسية تتيح حرية الموقف والاستقلال في الرأي داخل البرلمان المقبل.
بدوره، أكد عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات حسن هادي زاير «عدم وجود أحزاب نسوية مسجلة رسمياً للمشاركة في الانتخابات المقبلة»، ما يبرز محدودية التمثيل النسوي المستقل، ويؤكد الحاجة إلى بيئة سياسية أكثر حرية تتيح للمرأة أداء دورها الكامل بفاعلية واستقلالية.
وانطلقت الحملات الدعائية للانتخابات يوم الجمعة 3 تشرين الأول الجاري، وتستمر حتى 24 ساعة قبل بدء التصويت الخاص، فيما حدد مجلس الوزراء يوم 11 تشرين الثاني موعداً رسمياً للاقتراع العام الذي يشارك فيه نحو 30 مليون ناخب من أصل 46 مليون نسمة لاختيار ممثليهم في البرلمان الجديد، وفقاً للبيانات الرسمية.










