متابعة / المدى
تواجه محافظة ميسان واحدة من أسوأ أزماتها الزراعية، بعد توقف الخطط الزراعية الصيفية والشتوية وجفاف أكثـر من 90 % من الأهوار، ما تسبب بانهيار النشاط الزراعي وتدهور معيشة آلاف العائلات التي تعتمد على الزراعة وتربية الجاموس كمصدر رزق رئيسي.
وحذّر مدير زراعة ميسان، ماجد الساعدي، من تداعيات خطيرة يواجهها القطاع الزراعي في المحافظة، مؤكداً أن توقف الخطط الزراعية وجفاف مساحات واسعة من الأهوار انعكسا بشكل مباشر على أوضاع الفلاحين ومربي الجاموس.
وقال الساعدي في تصريح صحفي إن ميسان تُعد محافظة زراعية بامتياز، إذ يشكل العاملون في الزراعة والمهن المرتبطة بها أكثر من 60% من سكانها. وأضاف أن الخطة الصيفية توقفت بالكامل، فيما لم تُقر حتى الآن الخطة الشتوية، في ظل جفاف غير مسبوق تجاوزت نسبته 90%.
وأوضح أن المناطق الشرقية من المحافظة، الممتدة من جزيرة علي الغربي إلى جزيرة الطيب ومنطقة دويريج، تعتمد على السيول القادمة من إيران ومن نهري الطيب والدويريج، ولا تستهلك مياهاً من نهر دجلة وتفرعاته، ومع ذلك لم تُدرج ضمن الخطة الزراعية الشتوية. وأبدى الساعدي استغرابه من القرار، واصفاً منع الزراعة في هذه المناطق بأنه غير مبرر، خاصة أنها تُزرع سنوياً وتعتمد على تقنيات ري حديثة مثل الري المحوري والثابت.
وبيّن أن وزارة الزراعة تمت مناشدتها أكثر من مرة لشمول هذه المناطق بالخطة الشتوية، دون استجابة تُذكر، محذراً من تفاقم معاناة الفلاحين إذا استمر هذا الوضع.
كما أشار الساعدي إلى أن مناطق الأهوار، التي تعتمد على تربية الجاموس، تشهد هجرة واسعة للسكان وبيع الحيوانات بأسعار زهيدة نتيجة انحسار المياه، لافتاً إلى أن الجاموس لا يمكنه العيش في بيئة جافة، ما تسبب بانهيار إمكانات التربية في معظم مناطق الأهوار.
وأضاف أن مربي الجاموس والصيادين يواجهون أوضاعاً معيشية صعبة، داعياً الحكومة إلى التدخل العاجل لتأمين الإطلاقات المائية وإنقاذ ما تبقى من الحياة في الأهوار.
وحذّر مدير الزراعة من أن استمرار توقف الخطط الزراعية سيؤدي إلى تدهور اقتصادي واجتماعي واسع، مع فقدان آلاف العوائل لمصدر رزقها الوحيد.
ويُعد العراق من بين أكثر خمس دول عرضة للتغيرات المناخية في العالم، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما حذّر البنك الدولي عام 2022 من تحديات مناخية طارئة تهدد الأمن الغذائي، داعياً إلى تبني نموذج تنموي أكثر استدامة وأقل اعتماداً على الكربون.
كما أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان مطلع عام 2025 أن العراق فقد نحو 30% من أراضيه الزراعية المنتجة خلال العقود الثلاثة الماضية نتيجة التغيرات المناخية، فيما تراجعت مناسيب نهري دجلة والفرات إلى مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وأكد رئيس الهيئة العامة للسدود والخزانات في وزارة الموارد المائية، وسام خلف عبيد، في نيسان الماضي، أن الخزين المائي في السدود متواضع، لكن مياه الشرب والاستخدامات الضرورية مؤمنة لهذا الموسم والموسم المقبل.
ويشير تقرير سابق إلى أن القطاع الزراعي العراقي، رغم أهميته في دعم الاقتصاد والأمن الغذائي، يواجه تحديات متصاعدة، أبرزها التطرف المناخي، وأزمة المياه، وارتفاع تكاليف الإنتاج. كما انخفضت المساحات الخضراء في البلاد من نحو 50% إلى 17% بسبب التغير المناخي وتراجع الجهود الحكومية والمجتمعية في الحفاظ على الغطاء النباتي.
وأدى التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية إلى تراجع المساحات المنتجة وارتفاع معدلات التلوث، فيما تؤكد وزارة الزراعة أن البلاد تحتاج إلى زراعة أكثر من 15 مليار شجرة لتأمين غطاء نباتي يكافح التصحر. ووفق تقديرات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، لا تتجاوز مساحة الغابات في العراق 8250 كيلومتراً مربعاً، أي ما نسبته 2% من إجمالي مساحة البلاد.










