TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > رائحة الكبريت تعود مجددًا.. باحث بيئي: تلوث هواء بغداد يتجاوز 6.5 ضعف الحد المسموح به دوليًا

رائحة الكبريت تعود مجددًا.. باحث بيئي: تلوث هواء بغداد يتجاوز 6.5 ضعف الحد المسموح به دوليًا

نشر في: 26 أكتوبر, 2025: 12:04 ص

 بغداد / تبارك عبدالمجيد

شهدت العاصمة بغداد منذ ساعات الفجر الأولى يوم أمس السبت، انتشار رائحة خانقة أثارت قلق السكان وتساؤلاتهم حول مصدرها، بالتزامن مع ارتفاع مؤشرات تلوث الهواء إلى مستويات “غير صحية”، في وقت عزت فيه مصادر بيئية السبب إلى حرق النفايات والانبعاثات الصناعية، وسط انتقادات لضعف الإجراءات الحكومية وغياب الحلول الجذرية.

قال عمر عبد اللطيف، عضو مرصد العراق الأخضر، إن “الرائحة تنتشر في كل عام وفي مثل هذا الوقت، ومن المؤكد أنها بدأت منذ يوم أمس، وهي غير طبيعية ويبدو أنها ناجمة عن حرائق للنفايات”. وأضاف في تصريح لـ«المدى» أن “المشكلة لم تُحل من قبل الجهات المعنية رغم كثرة التحذيرات، فالنباشة دائمًا يحرقون النفايات لأسباب غير معروفة، وربما للتخلص منها تمامًا”.
وأوضح عبد اللطيف أن “بعض الأدخنة والأبخرة المنبعثة ضارة جدًا، لأنها تنتج عن مواد كيميائية وبلاستيكية وغيرها من المكونات الخطرة الموجودة في النفايات”، مشددًا على “ضرورة إيقاف هذه التجاوزات التي تلوث أجواء العاصمة”.
من جانبه، أوضح مدير عام الأنواء الجوية، عامر الجابري، أن الروائح التي يشعر بها المواطنون “تنتج غالبًا عن الغازات المنبعثة من عمليات الاحتراق ودخان المعامل”، مبينًا أن “انخفاض سرعة الرياح أو سكونها يؤدي إلى تراكم الغازات في الجو، فتزداد الروائح التي تشبه الكبريت”.
وبيّن الجابري لـ«المدى» أن “المناطق القريبة من مصافي النفط أو مواقع الطمر العشوائية والمناطق الصناعية غير النظامية تكون الأكثر تأثرًا، لأن الرياح تنقل هذه الروائح بين المناطق بحسب اتجاهها وسرعتها”، مؤكدًا أن “وزارة البيئة تمتلك أجهزة متخصصة لرصد الملوثات ومتابعة مستويات التلوث بدقة”. أما الباحث في الإعلام البيئي، الدكتور سيف الكرعاوي، فأوضح أن “مؤشر الجسيمات الدقيقة PM2.5 في بغداد بلغ 173 وفق مؤشر جودة الهواء الأمريكي (AQI)، وهو ما يُصنف ضمن فئة «غير صحي»”.
وأشار الكرعاوي لـ«المدى» إلى أن “هذا المستوى يعني زيادة احتمالية تهيج الجهاز التنفسي وارتفاع المخاطر الصحية، خصوصًا على كبار السن والحوامل ومرضى الربو والقلب”، لافتًا إلى أن “نسبة التلوث الحالية تتجاوز 6.5 ضعف الحد الإرشادي الذي حددته منظمة الصحة العالمية”.
وأضاف أن “مستوى التلوث يوم أمس كان 105 PM2.5، لكن الارتفاع الحالي مرتبط بإعادة تشغيل المداخن الصناعية مع بداية الأسبوع، إضافة إلى حرق النفايات في بعض المناطق”.
ودعا الكرعاوي المواطنين إلى “تقليل الأنشطة الخارجية وتأجيل ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وارتداء الكمامات الواقية من نوع N95، ومتابعة الحالة الصحية للفئات الأكثر عرضة للمضاعفات”.
وأوضح أن “PM2.5 تشير إلى جسيمات دقيقة جدًا يمكنها اختراق أعماق الرئتين والوصول إلى مجرى الدم، ما يجعلها من أخطر أنواع الملوثات على الصحة العامة”.
من جانبه، انتقد الناشط البيئي أحمد الخفاجي “تقصير الجهات المعنية في مواجهة أزمة التلوث المتكررة”، معتبرًا أن “التحركات الحكومية ما زالت شكلية ولا ترتقي إلى مستوى الخطر المتزايد”.
وقال الخفاجي لـ«المدى» إن “وزارة البيئة والمؤسسات الأخرى تكتفي في كل مرة بإصدار تحذيرات عامة وتوصيات بإغلاق النوافذ والبقاء في المنازل، من دون أي إجراءات فعلية لمعالجة الأسباب”، مؤكدًا أن “هذه النصائح لا تحمي الناس من الخطر، بل تعكس غياب الإجراءات الوقائية الحقيقية”.
وأضاف أن “المشكلة تتكرر كل عام تقريبًا بسبب تراكم النفايات والانبعاثات الصناعية والمولدات الأهلية، وضعف الرقابة على مواقع الطمر”، مشيرًا إلى أن “الجهات المسؤولة لم تضع خطة واضحة لإدارة ملف النفايات أو للحد من التلوث”.
وأكد أن “العام الماضي شهد المشهد ذاته تقريبًا، حين اكتفت الوزارة بإصدار بيانات تحذيرية من دون أي تحرك ميداني حقيقي، بينما يعاني المواطنون من أعراض تنفسية وحرقة في العينين والحنجرة”، داعيًا إلى “تطبيق القوانين البيئية بصرامة، وتفعيل محطات الرصد، ومعالجة الأسباب من جذورها”.
وختم بالقول: “العراقيون لا يحتاجون إلى نصائح بإغلاق النوافذ، بل إلى بيئة نظيفة وإجراءات واقعية تحمي صحتهم وحقهم في هواء نقي”.
وفي السياق ذاته، حذر المتنبئ الجوي حسين الأسدي من “موجة تلوث خطيرة” تضرب عدداً من المدن العراقية، مشيرًا إلى “ارتفاع غير مسبوق في مؤشرات جودة الهواء خلال ساعات الليل”.
وقال الأسدي إن “خرائط CAMS/ECMWF تُظهر مستويات تلوث مرتفعة جدًا في مدن بغداد والبصرة والموصل وأربيل وكركوك، تتراوح بين الأحمر والبنفسجي، وهي دلالة على تلوث غير صحي إلى خطير نتيجة تراكم الجسيمات الدقيقة وسكون الرياح”.
وأضاف أن “المحافظات الوسطى والجنوبية، مثل النجف وكربلاء والديوانية، تشهد نسب تلوث متوسطة إلى مرتفعة نسبيًا”، موضحًا أن “سكون الرياح يؤدي إلى تكدس الملوثات في الطبقات القريبة من سطح الأرض”.
وشدد على “ضرورة تجنب الخروج لفترات طويلة خلال الليل، وإغلاق النوافذ، واستخدام أجهزة تنقية الهواء عند توفرها”.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram