السماوة / كريم ستار
تواجه مديريات البلديات في محافظة المثنى أزمة مالية حادة منذ عدة أشهر، نتيجة عدم تسلمها موازناتها التشغيلية من وزارة المالية، ما تسبب بتوقف أغلب المشاريع الخدمية في الأقضية والنواحي، وأثر بشكل مباشر على حياة المواطنين اليومية.
وتتزايد شكوى السكان من ضعف الخدمات الأساسية مثل تنظيف الشوارع وصيانة الطرق وإدارة النفايات، ما يزيد من استياء الأهالي ويهدد جودة الحياة في المحافظة.
مدير بلديات المثنى، صالح فهد، أوضح أن «المديرية لم تتسلم سوى 35 مليون دينار فقط من أصل 16 ملياراً و410 ملايين دينار هي قيمة الموازنة التشغيلية للعام الحالي». وأضاف أن «وزارة المالية لم تموّل المنح التشغيلية للبلديات، مما أدى إلى عجز المؤسسات عن تنفيذ برنامجها الحكومي والخدمي، وهو ما انعكس سلباً على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين». وأشار فهد إلى أن «توقف المشاريع ليس خياراً، بل نتيجة حتمية لعجز التمويل، إذ إنَّ أغلب الشركات المنفذة تعتمد على السلف التشغيلية من الدولة ولا تمتلك رصيداً مالياً يكفي للاستمرار في العمل عند تأخر الصرف». ولمواجهة الأزمة، لجأت بلديات المثنى إلى بيع وتأجير الأملاك التابعة لها، بما في ذلك الأراضي والمباني والمتنزهات، لتعظيم الإيرادات وتمويل المشاريع الضرورية. وقال فهد: «ذهبنا باتجاه بيع قطع الأراضي وتأجير الممتلكات العائدة للبلدية، وكل ما يمكن أن يحقق إيراداً، لتمويل المشاريع وتقديم الخدمات في الأقضية والنواحي. هذه الخطوة اضطرارية وليست اختيارية، نظراً لغياب التمويل المركزي».
الناشط أكرم عبدالله أوضح أن «الأزمة المالية كشفت هشاشة النظام المالي والإداري في إدارة المشاريع الخدمية، إذ إنَّ أغلب الشركات تعتمد على السلف التشغيلية فقط، ولا تمتلك رصيداً مالياً يمكنها من الاستمرار عند حدوث أزمات». وأضاف أن «في دول العالم، الشركات تمتلك سيولة أو رصيداً في المصارف يضمن استمرار العمل حتى عند تأخر التمويل، لكن في العراق معظم الشركات تنتظر تمويل الدولة فقط، وهو ما يؤدي إلى توقف المشاريع بسرعة عند أي تأخر». وانعكست الأزمة المالية بشكل واضح على المواطنين، الذين فقدوا خدمات أساسية كانوا يعتمدون عليها يومياً. وقال علي حميد من أهالي السماوة: «شوارعنا ممتلئة بالأتربة والنفايات، والطرقات الرئيسة في القضاء تحتاج صيانة عاجلة. منذ أشهر ونحن ننتظر أن تنفذ المشاريع، لكن كل شيء توقف بسبب عدم وجود المال. نحن ندفع الضرائب ونتوقع أن نحصل على خدمات مناسبة، لكن للأسف ما يحصل عكس ذلك». وأضافت سارة محمد، وهي ربة منزل: «المتنزهات العامة والحدائق توقفت أعمال الصيانة فيها، وأصبح الأطفال محرومين من اللعب في أماكن آمنة. حتى خدمات النظافة تتأخر بشكل يومي، ما يهدد صحتنا وصحة الأطفال».
وأكد المراقب المحلي جواد موسى أن «الأزمة المالية لم تقتصر على بلديات المثنى فقط، بل تشمل أغلب الدوائر الخدمية في المحافظة، مثل الماء والمجاري والطرق والجسور، التي تعاني عجزاً مالياً بسبب تأخر استلام الموازنات التشغيلية من الحكومة المركزية». وأضاف أن «غياب التمويل أثر مباشرةً على مستوى الخدمات المقدمة، خصوصاً في المناطق الريفية والنواحي البعيدة عن مركز المدينة، حيث تأخرت أعمال تنظيف الشوارع وصيانة الطرق وإدارة النفايات، وهو ما خلق استياء واسعاً بين المواطنين». وحذر موسى من أن استمرار الأزمة دون حلول عاجلة «سيؤدي إلى تفاقم البطالة بين العمال اليوميين الذين تعتمد عليهم البلديات في أعمال التنظيف والصيانة، ويعرقل تنفيذ مشاريع التنمية المحلية المخططة لهذا العام».
وتعد أزمة بلديات المثنى نموذجاً لمشكلات التمويل التي تواجه المحافظات العراقية، حيث تتقاطع الإجراءات المالية المركزية مع ضعف الإيرادات المحلية، بينما تتزايد حاجة المواطنين إلى خدمات أساسية. ويؤكد المسؤولون والمتضررون على ضرورة تدخل الحكومة الاتحادية بشكل عاجل لصرف الموازنات التشغيلية المتأخرة، قبل أن تتحول الأزمة المالية إلى أزمة خدمية ومعيشية شاملة تهدد استقرار المحافظة ومستوى معيشة السكان.










