د. فالح الحمــراني
يرى العديد من المراقبين في موسكو أنَّ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلغاء لقاء القمة التي كان من المزمع عقدها في بودابست مع الرئيس فلاديمير بوتين للنظر في فرص التسوية الأوكرانية، وإعلان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في آنٍ واحد عن عقوبات جديدة على روسيا، تُعدّ مؤشرًا سلبيًا، وقد تُشير إلى تراجع فرص تسوية القضية الأوكرانية.
وتُصوّر الولايات المتحدة العقوبات الجديدة رسميًا، كحافز لوقف إطلاق النار بيد أن روسيا، ترفض القبول بذلك تحت وطأة الضغوط.
وحدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شرط عقد اجتماع جديد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بوجود ثقة في أنها ستتمخض عن اتفاق لتسوية في أوكرانيا. وقال: من الضروري أن نعرف أننا سنعقد صفقة".
وأضاف ترامب أنه يشعر بخيبة أمل في إمكانية إحراز تقدم على سبيل التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الروسي / الأوكراني. وفي الوقت نفسه، أشار إلى أنه يتمتع دائمًا بعلاقة جيدة جدًا مع بوتين.
وأوضح أنه اتخذ خطوة إلغاء القمة لأنه "شكك في فعالية المفاوضات" والقدرة على تحقيق الهدف المنشود. ويرصد مراقبون أن خطاب ترامب جزء من لعبة سياسية، ومناورة أخرى من الرئيس الأمريكي.
فواشنطن مقتنعة بأن الاتصالات مع الولايات المتحدة في حد ذاتها تصب في صالح روسيا. ووفقًا لهذا المنطق، يُنظر إلى إلغاء اجتماع أو تقييد التواصل الدبلوماسي على أنه إشارة جدية تهدف إلى إجبار الكرملين على إعادة النظر في موقفه الذي يصر على إزالة الأسباب الجذرية لنشوب النزاع.
وتعتقد الولايات المتحدة أن هذه الاتصالات مجرد أداة سياسية بيد موسكو. وأشارت صحيفة إزفيستيا الصادرة في موسكو "أن إلغاء قمة بودابست ليس مأساةً أو حتى إزعاجًا لروسيا. فلا يزال قرار وقف تصدير صواريخ توماهوك لأوكرانيا ساري المفعول، وسنصمد وستمر الجولة التالية من العقوبات، وسيجري احتوائها، وستتجسد المهام العسكرية في منطقة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وفقًا للخطة، مع نتائج إيجابية تدريجية لروسيا".
وأضافت "لقد برهن التاريخ، كما هو الحال دائمًا: أن روسيا ليس لها حلفاء سوى الجيش والأسطول الحربي والقوات الجوية والفضائية - فقوتها الحقيقية في ساحة المعركة وهذا ما يجب الاعتماد عليه في المفاوضات مع "شركائنا الدائمين!".
ويرى العديد من المحللين أن واشنطن تنطلق من افتراض أنه لا داعي للتعجيل بالأمور، وأن هناك مجالًا للمناورة. ومن الواضح أن هذه المناورات تهدف إلى تجنب تكرار ما جرى في ألاسكا، وينبغي تحقيق بعض التقدم، وفق رؤية ترامب.
وجاء إرجاء عقد القمة بعد أن أكدت موسكو شروطها التي تقوم على ضرورة وقف إطلاق نار دائم، واعتراف كييف بسيادتها على مناطق شرق أوكرانيا التي انضمت لها، وعدم انضمامها للناتو، وإلغاء القوانين التي تمنع استخدام الروسية ونشاط الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية...الخ.
إنَّ المحادثات الهاتفية بين وزيري الخارجية والمذكرة المرسلة إلى واشنطن التي عرضت الموقف الروسي هذا، لم تُرضِ الجانب الأمريكي، وردًا على ذلك، تُرسل الولايات المتحدة إشارة "حازمة وواضحة".
وفيما فرضت واشنطن العقوبات على شركات نفط روسية، أعلنت التخلي عن تصدير صواريخ بعيدة المدى لكييف.
وبذلك فأن "الخطوط الحمراء" لا تزال قائمة. إنَّ تصريح ترامب بأن الاجتماع غير ممكن إلا "لاحقًا" له دلالة أيضًا. ويعتقد الخبراء أن الولايات المتحدة ستُحاول مجددًا الضغط على روسيا، والقيادة الروسية لن تُقدم تنازلات تحت الضغط - وسيواصل الجانبان المناورة.
وأعلنت واشنطن في 23 تشرين الأول، إدراج شركتي نفط روسيتين كبيرتين في قوائم العقوبات - «روسنفت» و«لوك أويل»، اللتين تصدران أكثر من نصف صادرات النفط الروسية. وفي وقت سابق، أدلى وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو بتصريح بعد محادثاته مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: أنَّ الولايات المتحدة لم تُلغِ القمة مع روسيا، بل جرى تأجيلها، والسؤال الوحيد هو توقيت المحادثات. وجاءت التطورات عقب الاتصال الهاتفي في 20 تشرين الأول بين وزيري الخارجية الروسي والأمريكي.
وبحسب تقارير صحفية فإن محادثتهما "أخفقت". ورجحت أن لافروف أبلغ في مجرى المحادثة نظيره روبينو أنَّ موسكو لا توافق على اقتراح وقف إطلاق نار مؤقت للنزاع على خط المواجهة الحالي. وقال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ماثيو وايتاكر، إن دونالد ترامب يبحث الآن عن طرق للضغط ليس فقط على موسكو، ولكن أيضًا على كييف، لأنه يروم إنهاء الصراع. وقال ويتاكر في مقابلة مع نيوزماكس: "يحاول الرئيس ترامب إيجاد طرق لمواصلة الضغط على [الرئيس الروسي] فلاديمير بوتن، ومواصلة الضغط، بصراحة، على [الرئيس الأوكراني] فلاديمير زيلينسكي، وكذلك إيجاد طرق جديدة لمواصلة الضغط، وجلوس الجانبين على طاولة المفاوضات.. والتفاوض على وقف إطلاق النار". وتأمل واشنطن أنَّ فرض العقوبات على شركات النفط الروسية سينعكس على استيراد دول عديدة في مقدمتها الهند، النفط من روسيا. وكتبت صحيفة التايمز: إنَّ إقرار ترامب سيؤدي إلى تمتين العلاقات بين روسيا والهند.
وإن سياسة واشنطن تجاه دلهي قد أفضت إلى نشوب أزمة ثقة بينهما، ورجحت أن هذه الفجوة ستتسع ما دام ترامب في السلطة. وفسرت ذلك بعمق العلاقات التاريخية طويلة الأمد بين الهند وروسيا، التي يعود تاريخها إلى الاتحاد السوفييتي.
ويعتقد الكثيرون أنَّ تلك القرارات تعكس فشل سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إزاء الهند. وأفادت بعض التقارير مؤخرًا أن القيود الأمريكية ستؤدي إلى انخفاض حاد أو حتى صفر في المشتريات الهندية من النفط الروسي، لكن لا توجد حتى الآن بيانات موثوقة ومؤكدة حول هذا الموضوع.











جميع التعليقات 1
زاهر الشاهين
منذ 1 شهر
من وثق بامريكا والغرب كما الشاة التي يكون من يحميها الذءب. ترامب رجل صفقات لاتهمه لا امريكا ولا روسيا. الغرب واوربا يسعون الى تمزيق روسيا وهذا الحلم القديم الجديد. لن يهدأ العالم الا بتفليش امريكا.