TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > فوضى الدعاية الانتخابية في بغداد تثير استياء المواطنين وتكشف ضعف الرقابة

فوضى الدعاية الانتخابية في بغداد تثير استياء المواطنين وتكشف ضعف الرقابة

نشر في: 28 أكتوبر, 2025: 12:03 ص

بغداد / كريم ستار

تشهد العاصمة بغداد انتشاراً واسعاً وغير منظم للدعايات الانتخابية في الشوارع والساحات العامة، ما تسبب بتشويه المشهد البصري وظهور أضرار بيئية واضحة، وسط تبادل للمسؤوليات بين أمانة بغداد ومفوضية الانتخابات وضعف في إجراءات المتابعة والمحاسبة.

وغزت الملصقات واللافتات الانتخابية جدران العاصمة وأعمدتها وواجهات الأبنية والمدارس ودور العبادة، لتغطي معظم مناطق الكرخ والرصافة، وتحول المدينة إلى لوحة مزدحمة بالشعارات والصور. ويصف مواطنون هذا الانتشار العشوائي بأنه «فوضى دعائية» تشوّه مظهر العاصمة وتخرق التعليمات البلدية.
وتتساقط الملصقات مع الرياح والأمطار لتتراكم على الأرصفة وفي المصارف المائية مسببة انسدادات ومشكلات نظافة وتلوث، فيما تشير بيانات غير رسمية إلى تضرر أكثر من ربع مليون شجرة في البلاد خلال الدورات الانتخابية الماضية نتيجة تعليق الإعلانات على جذوعها وأغصانها.
يقول المواطن حيدر الساعدي من منطقة الكرادة إن صور المرشحين «تملأ الأشجار وأعمدة الكهرباء وحتى الجسور التي يفترض أن تكون رموزاً حضارية، لكنها تتحول بعد أيام إلى نفايات ممزقة تنتشر في الشوارع دون محاسبة».
من جانبها، تؤكد أمانة بغداد استمرار متابعتها لهذه الظاهرة، مشيرة إلى تشكيل لجنة مشتركة مع مفوضية الانتخابات لوضع ضوابط وتعليمات تخص الدعاية الانتخابية.
وقال المتحدث باسم الأمانة، عدي الجنديل، إن نسخة من هذه الضوابط أُرسلت إلى المفوضية وعممت على الدوائر البلدية كافة، مضيفاً أن ما يُشاهد اليوم من ملصقات على الجزرات الوسطية والساحات العامة والحدائق ودور العبادة يخالف تلك التعليمات.
وأوضح الجنديل أن الأمانة ترفع تقارير يومية توثق المخالفات وترسلها إلى وكيل البلدية، الذي يحيلها إلى المفوضية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك خصم مبالغ من التأمينات المالية المودعة لديها من قبل المرشحين أو الكيانات المخالفة.
لكن مستوى التنسيق بين الأمانة والمفوضية ما زال محدوداً، إذ اكتفت الناطقة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، بالقول إن «الأمر يخص أمانة بغداد حصراً، وهي الجهة المخولة بوضع الضوابط وتنفيذها وفق صلاحياتها الخاصة». في المقابل، حذّرت وزارة البيئة من الأضرار البيئية الناتجة عن الحملات الانتخابية، مؤكدة أن المرشحين والقائمين على الحملات مطالبون باحترام التعليمات البلدية والبيئية والحفاظ على المساحات الخضراء والمشهد الحضري.
وأوضح الوزير أن الضوابط تتضمن عدم تثبيت الملصقات على الأشجار والأرصفة والحدائق العامة والممتلكات التراثية، والالتزام بالأماكن المحددة بعد الحصول على الموافقات الرسمية، إضافة إلى منع استخدام المواد الملوثة أو اللواصق الكيميائية واعتماد مواد قابلة للإزالة.
الناشط البيئي علي اللامي اعتبر أن غياب الرقابة والمساءلة سمح بتزايد التجاوزات، مشيراً إلى أن المخالفات بدأت حتى قبل انطلاق الحملات الرسمية، ما دفع وزارة البيئة إلى إصدار تحذيرات مبكرة.
ويشكو أصحاب المحال التجارية وسكان الأبنية من وضع اللافتات الإعلانية دون إذن، في تجاوز على الملكية الخاصة.
وقال أحمد كاظم، صاحب محل في الكرادة، إن «الجدران تُغلف بصور المرشحين والأعمدة تُغطى بالشعارات، حتى واجهات المحال لا تسلم منهم».
بدوره، أشار المواطن علي حمزة من حي الشعلة إلى أن «الدعاية الانتخابية تحولت إلى كابوس سنوي، إذ تُقطع الأرصفة وتُشوه الأشجار، بينما تكتفي الجهات المسؤولة بالتحذيرات الإعلامية دون إجراءات فعلية».
ويأمل مواطنون أن تتخذ المفوضية العليا للانتخابات والبلديات إجراءات أكثر حزماً في الدورات المقبلة، عبر فرض غرامات حقيقية على المخالفين وإزالة المظاهر العشوائية التي تشوّه المشهد العام وتضعف هيبة العملية الانتخابية.
وبين تبادل المسؤوليات بين الأمانة والمفوضية، تبقى بغداد غارقة تحت صور المرشحين وشعاراتهم بانتظار يوم الاقتراع، الذي قد يطوي موسم الدعايات، لكنه لن يمحو بسهولة آثارها البيئية والبصرية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram