النجف/ عبدالله علي العارضي
تسود في محافظة النجف موجة من القلق الشعبي بعد تسجيل عدد من الإصابات بمرض السرطان في بعض الأحياء السكنية التي تنتشر فيها أبراج الاتصالات على أسطح المنازل أو بالقرب من المدارس، ما دفع الأهالي إلى الخروج بتظاهرات للمطالبة بإزالتها، معتقدين أنها السبب وراء تزايد حالات الإصابة بالمرض في مناطقهم.
ويقول علي خضير، أحد سكان منطقة ام عردة جنوبي النجف، في حديثه لـ(المدى)، إن "عدد الإصابات بالسرطان في منطقتنا ازداد في السنوات الأخيرة، وجميعها قريبة من أماكن توجد فيها أبراج اتصالات، لذلك خرجنا نطالب بإزالتها، لأننا نعتقد أنها السبب وراء تلك الإصابات، حتى وإن لم يثبت ذلك علمياً بعد". ويضيف حسين الفتلاوي، من سكنة المشخاب، أن "البرج القريب من منزلنا لا يبعد سوى أمتار قليلة، وأحياناً نشعر بحرارة أو طنين في الرأس عندما نكون بالقرب منه. نحن لسنا خبراء، لكننا نريد الاطمئنان على سلامة عوائلنا، ولا نثق تماماً بتطمينات الشركات التي تدير هذه الأبراج".
الأبراج النظامية آمنة وتخضع للضوابط
من جانبه، يؤكد جمال عبد زيد، مدير بيئة النجف، في تصريح لـ(المدى)، أن "الضوابط الخاصة بتشييد الأبراج تعتمد على نوعية البرج والطاقة المنبعثة منه وعدد الهوائيات (الآنتينات) المثبتة عليه"، مبيناً أن “المديرية تشترط على الشركات المنفذة الالتزام بمحددات الأبعاد والارتفاع والطاقة المسموح بها قبل منح الموافقة على إقامة البرج".
ويشير عبد زيد إلى أن "نسبة كبيرة جداً من الأبراج المنتشرة في النجف حاصلة على الموافقات الرسمية، وهي نظامية وتخضع للفحص الدوري"، مؤكداً أنه "لا وجود لأي ربط علمي مثبت بين أبراج الاتصالات ومرض السرطان، وتأثيراتها لا تتعدى التأثيرات الحرارية البسيطة ضمن الحدود المسموح بها دولياً".
لا علاقة مثبتة بين الأبراج والسرطان
بدورها، توضح سندس الحمداني، مسؤولة شعبة السرطان في دائرة صحة النجف، لـ(المدى)، أن "موضوع الأبراج داخل الأحياء السكنية لا يُعد خطيراً على السكان وفق الدراسات المتوفرة لدينا".
وتتابع قائلة: "تردنا بين الحين والآخر شكاوى من المواطنين الذين يخشون أن تكون الأبراج سبباً في الإصابة بالأمراض السرطانية، لكن بعد إجراء فحوصات ميدانية وحتى تحاليل للتربة في بعض المناطق، لم نجد أي إشعاع أو تلوث". وتضيف الحمداني أن "النتائج العلمية لا تثبت وجود علاقة بين الأبراج ومرض السرطان، شرط أن تكون الأبراج مطابقة للضوابط من حيث الترددات، والموجات، واحتوائها على أجهزة فلترة"، مبينة أن "الأبراج المخالفة التي لا تحتوي على هذه الأجهزة قد تسبب صداعاً أو شقيقة أو تأثيرات بسيطة على الأعصاب، لكنها لا ترتبط بالإصابة بالسرطان إطلاقاً".
بين القلق الشعبي والتطمينات الرسمية
ورغم تأكيد الجهات البيئية والصحية على سلامة الأبراج المرخصة، إلا أن المخاوف بين المواطنين ما زالت قائمة، خصوصاً مع ازدياد الإصابات المسجلة في بعض الأحياء السكنية، وهو ما يدفع الأهالي للمطالبة بتشديد الرقابة على الشركات المشغلة، وضمان أن تكون جميع الأبراج ضمن المعايير البيئية والصحية المعتمدة.
في المقابل، يشدد المختصون على ضرورة عدم الانسياق وراء المخاوف غير المبنية على أدلة علمية، داعين إلى تعزيز الوعي البيئي عبر حملات توعوية توضح للناس طبيعة عمل الأبراج وحدود تأثيرها الفعلية.










