TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > جفاف هور الدلمج يحوّل مساحاته إلى أراضٍ قاحلة وواسط تفقد ثروة سمكية وسياحية كبيرة

جفاف هور الدلمج يحوّل مساحاته إلى أراضٍ قاحلة وواسط تفقد ثروة سمكية وسياحية كبيرة

نشر في: 3 نوفمبر, 2025: 12:01 ص

 واسـط / جبار بچاي

يتعرض هور الدلمج المشترك جغرافياً بين محافظتي واسط والديوانية إلى موجة جفاف كبيرة حولت أجزاء واسعة منه إلى أراضٍ قاحلة جرداء، وما زال الجفاف يزحف نحو أعماقه التي فقدت أصنافاً كثيرة من الأسماك إضافة إلى الطيور المهاجرة التي كانت تجد في الهور بيئة مناسبة في مواسم هجرتها.
كان الدلمج حلماً مشتركاً بين المحافظتين لتحويله إلى منتجع سياحي أو محمية طبيعية بحكم موقعه الجغرافي والبيئة الزراعية المحيطة به والتنوع الأحيائي الذي كان يزخر به، لكن كل ذلك تلاشى، ولم يعد الدلمج سوى أرض غرينية قاحلة وزوارق مهجورة غاصت في الأطيان، فيما أُهملت شباك الصيد على قارعة الطريق الذي خلا من المركبات التي كانت تفد إلى الهور للتنزه والسياحة.
يقول شاكر الحمداني، أحد صيادي الأسماك في هور الدلمج، إن «الجفاف توغل في أطراف الهور ثم وصل أعماقه التي أصبحت فريسة للجفاف القاسي نتيجة شح المياه التي كانت تغذي الهور عن طريق مبزل المصب العام وبعض المبازل في أراضي قضائي الأحرار والنعمانية بمحافظة واسط».
وأضاف في حديثه لـ«المدى» أن «الجفاف الذي أصاب الهور أفقد محافظتي واسط والديوانية ثروة اقتصادية مهمة، إذ كانت أسواق المحافظتين تشهد ضخ كميات كبيرة من الأسماك، وقسم منها يُنقل إلى المحافظات الأخرى، خاصة العاصمة بغداد».
وأشار إلى أن «مئات العوائل التي كانت تعتمد على هور الدلمج في معيشتها فقدت مصادر رزقها تماماً، بالتزامن مع توقف الزراعة وانعدام الخطة الزراعية بشكل عام، مما يجعل الوضع معقداً وخطيراً لتلك العوائل».
وأوضح أن «الثروة السمكية التي كانت تُستحصل من الدلمج يومياً لم تكن قليلة، إذ كانت معظم الأسواق العراقية تستقبل كميات كبيرة من الأسماك مختلفة الأنواع التي يتم اصطيادها من هناك».
من جهته، كشف عباس جودة أن «خسائر الجفاف في هور الدلمج لا تقتصر على الثروة السمكية، بل تشمل الثروة الحيوانية عامة، خصوصاً الجاموس الذي يعتمد على المياه، إذ أصبحت مئات الجواميس بلا ملاذ، ما دفع أصحابها إلى بيعها بأسعار زهيدة في الأسواق المحلية».
وأضاف أن «جميع المبازل الواقعة ضمن حدود محافظة واسط والتي كانت تغذي الهور بمياه بزل الأراضي الزراعية توقفت كلياً بعد شح المياه وتراجع المساحات الزراعية على نحو غير مسبوق»، مشيراً إلى أن «الخطر القادم سيكون أشد قسوة مع فقدان مصادر مياه الشرب، ما يهدد الأهالي بالعطش في منطقة باتت على وشك التحول إلى صحراء قاحلة».
من جانبه، أوضح مستشار محافظة واسط لشؤون الموارد المائية علي حسين حاجم أن «الدلمج بحيرة وليـس هوراً، فهناك فرق كبير بينهما من حيث الوصف الجغرافي والمائي ووظيفة العمل، وكل المؤشرات تؤكد أن الدلمج بحيرة، لكن المفهوم العام جعل البعض يطلق عليه صفة الهور، وهو أمر غير دقيق».
وأضاف أن «بحيرة الدلمج تُعد المسيطرة على تشغيل المصب العام، ويتطلب الأمر إفراغها في فصل الشتاء لتمرير واردات المبازل إلى المصب العام دون إبقاء أي خزين، وذلك بالتناغم مع محطة الضخ عند تقاطع المصب العام مع نهر الفرات التي لا يمكنها تمرير أكثر من 200 متر مكعب في الثانية خلال موسم الشتاء».
وقال لـ«المدى» إن «البحيرة تُفرغ شتاءً لتستوعب واردات المبازل التي تصب في المصب العام صيفاً، وتُغلق من جهة الناصرية كلياً أو جزئياً كي يتمكن مقطع المصب العام ومحطة الضخ في الناصرية من تصريف مياه المبازل الشلبية القادمة من مناطق الفرات، خصوصاً من محافظة الديوانية التي تشتهر بزراعة الشلب».
وبيّن أن «عمل البحيرة يكون متناوباً بين واردات مبازل الفرات خلفها والكميات التي يمكن تصريفها منها، بما لا يتجاوز 200 متر مكعب في الثانية، لذا فإن خزين البحيرة يعتمد على نوع المحاصيل المزروعة شمالها ووفرة مياه السقي التي ترفع مناسيبها بسبب كثرة مياه البزل».
وأوضح أن «هذا هو الحال في الظروف الطبيعية، أما اليوم، ومع الشحة المائية وتوقف الزراعة والمبازل، فقد أصبح الوضع مختلفاً تماماً، إذ أُفرغت البحيرة كلياً وتلاشت الكائنات الحية فيها بسبب شح المياه وتقلص المساحات الزراعية، فبحيرة الدلمج اليوم في وضع يرثى له، بلا خزين مائي، وبارتفاع في نسبة الملوثات، وغياب شبه تام للكائنات الحية، خصوصاً الأسماك والطيور المهاجرة».
ويقع الدلمج غرب مدينة الكوت بنحو 35 كيلومتراً، وتبلغ مساحته نحو 60 ألف دونم، وينقسم بين محافظتي واسط والديوانية. وفي ثلاثينيات القرن الماضي استُخدم الدلمج كمخزن للمياه الناتجة عن الفيضانات في الجانب الغربي من نهر دجلة الذي يبعد عنه نحو 30 إلى 35 كيلومتراً، لكن لاحقاً قامت إحدى الشركات الأجنبية بتحويله إلى بحيرة لخزن مياه المبازل، وأُحيط بسدة ترابية رُصفت بالحجر والحصى الخابط.
ويُعد الدلمج من المواقع المصنفة عالمياً حسب المنظمة العالمية للحفاظ على البيئة التابعة للأمم المتحدة، لما يتميز به من تنوع بيئي وجغرافي ساهم في جذب أنواع كبيرة من الطيور والحيوانات البرية المختلفة والنادرة، ومعظم تلك الطيور كانت تأتي من بلدان وقارات بعيدة خلال مواسم هجرتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram