TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > الوعود الفارغة تُحرّك الإضراب مجدداً.. الأطباء والتمريض يطالبون بالإنصاف!

الوعود الفارغة تُحرّك الإضراب مجدداً.. الأطباء والتمريض يطالبون بالإنصاف!

نشر في: 3 نوفمبر, 2025: 12:16 ص

بغداد / تبارك عبد المجيد
عاد إضراب الأطباء مجدداً إلى الواجهة، حيثُ تحدّث عددٌ من الكوادر الطبية والتمريضية لـ"المدى" عن أسباب التحركات الاحتجاجية الأخيرة، مؤكدين أن ما يجري لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تراكم مشكلات طويلة تتعلّق بالتعيينات، والحقوق المالية والمهنية، وتأخّر الحكومة في تنفيذ الوعود السابقة.
قال الناشط حسن الألوسي، ممثل تنسيقيات شريحة المهن الصحية في عموم العراق، إن ما يجري من إضرابات واحتجاجات في المؤسسات الصحية ما قبل الإضراب الأخير ناتجٌ عن تراكم مشكلات كبيرة تخص الكوادر الطبية والتمريضية والمهن الصحية، موضحًا أن هذه التحركات لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة تأخر تطبيق الحلول الحكومية السابقة التي طُرحت لمعالجة ملف التعيينات والحقوق المالية والمهنية.
وأوضح الألوسي في حديثه لـ"المدى"، أن "الإضراب كان خاصًّا بكوادر التمريض، ونُظِّم عن طريق نقابة التمريض العراقية للمطالبة بعددٍ من الحقوق، خصوصًا مخصصات الخطورة وبعض الامتيازات الأخرى التي ترتبط بطبيعة عملهم وتعرّضهم المباشر للمخاطر الصحية والأوبئة".
وأشار إلى أنه في حينها جرى لقاء بين نقيب التمريض ووزير الصحة ورئيس الوزراء، وتمّ خلاله الاتفاق على مجموعةٍ من الحلول المقترحة لمعالجة تلك المطالب، منها تضمينها في الموازنة المقبلة. إلا أن الألوسي أوضح أن تلك الوعود لم تُنفّذ فعليًّا حتى الآن، ولم يطرأ أي تطبيق رسمي على أرض الواقع، ما أثار استياء الكوادر التمريضية مجددًا.
وأضاف أن الإضراب الأخير، الذي تصاعد صداه في بعض المحافظات مثل البصرة والنجف وبابل وبغداد، لم يكن بإعلان رسمي من نقابة الأطباء، وإنما أطلقه ممثّلو الأطباء أنفسهم، وشاركت فيه بعض الفئات الأخرى من المهن الصحية وطب الأسنان بشكلٍ محدودٍ جدًا، وغالبًا على شكل وقفات احتجاجية سلمية هدفت إلى إيصال صوت المطالب دون أن تتسبّب في توقّفٍ فعلي للخدمات الطبية.
وبيّن الألوسي أن سبب الاحتجاج الأخير يعود إلى توقّف مسار التدرّج الطبي نتيجة عدم تعيين خريجي كليات الطب العام من دفعات 2023 و2024، والمتبقّين من دفعة 2023، وهو ما أدّى إلى خللٍ في تطبيق قانون التدرّج الطبي رقم 6 لسنة 2000. وشرح أن هذا القانون ينصّ على أن الخريج بعد تعيينه يدخل في مرحلة التدرّج، ثم يحلّ محلَّه خريجٌ آخر بعد انتهاء فترة التدرّج، لضمان استمرارية تسلسل التعيينات والممارسة الطبية.
وأضاف أن هذا التوقّف تسبّب في تعطيل الدورة الطبيعية للتعيينات، وأدّى إلى تراكم الخريجين الذين لم تُفتح أمامهم فرص التعيين، مما خلق ضغطًا كبيرًا على المنظومة الصحية والتعليمية.
وتابع الألوسي أن هذا الملف دفع رئيس الوزراء إلى إصدار توجيهٍ بتشكيل لجنةٍ عليا برئاسة وزير الصحة وعضوية رئيس مجلس الخدمة الاتحادي وممثلين عن وزارة المالية ونقابة الأطباء، وذلك لمتابعة أوضاع الأطباء المقيمين وخريجي كليات الطب وحلّ أزمة التدرّج.
وبيّن أن اللجنة عقدت عدة اجتماعاتٍ دورية، كما جرى لقاءٌ رسمي جمع ممثلي خريجي المهن الصحية والطبية وخريجي دفعات 23 و24 و25 مع رئيس الوزراء من خلال الأستاذ مشرق الفريجي قبل نحو ثلاثة أسابيع. وأوضح أن هذه اللقاءات أثمرت عن توصياتٍ رفعتها اللجنة ومكتب رئيس الوزراء، برئاسة الدكتور علي الرزوقي، لمعالجة أزمة التعيينات، على أن تُصدر بشأنها كتبٌ رسمية قريبًا لتحديد آلية التنفيذ.
وأشار الألوسي إلى أن جوهر الأزمة يكمن في عدم توافر درجاتٍ وظيفية كافية لدى وزارة المالية لتغطية الأعداد المتزايدة من الخريجين، إلى جانب التوسّع الكبير في أعداد الكليات الأهلية التي تضاعف مخرجاتها من التخصّصات الطبية والصحية، بما يتجاوز احتياج وزارة الصحة الفعلي. وأكد أن هذا الأمر أدّى إلى تكدّس الخريجين المشمولين بالتعيين المركزي وعدم قدرتهم على الالتحاق بسوق العمل.
وشدّد الألوسي على أن الكوادر الصحية والطبية تتحمّل أعباءً كبيرة وتواجه مخاطر مهنية عالية بحكم طبيعة عملها المباشر مع المرضى والأوبئة، وهو ما يستوجب من الحكومة توفير دعمٍ خاص ومزايا مادية ومعنوية تليق بدورهم الإنساني والخدمي.
وأشار إلى أن هذه الفئات تطالب بتحسين مخصّصات الخطورة، وتوفير بدلات الإعاشة، ورفع مستوى الاهتمام الرسمي بواقعهم المهني، مبيّنًا أن غياب هذا الاهتمام هو ما يدفعهم إلى اللجوء إلى الإضرابات والاحتجاجات كوسيلةٍ لإيصال أصواتهم والمطالبة بحقوقهم المشروعة.
وتابع الألوسي حديثه بالتأكيد على أن الحلّ النهائي لهذه الأزمة يتطلّب تنسيقًا حقيقيًّا بين وزارات الصحة والمالية والتعليم العالي ومجلس الخدمة الاتحادي، لضمان استيعاب الخريجين ضمن التدرّج الوظيفي المنصوص عليه قانونًا، وإنهاء حالة الانتظار الطويلة التي يعيشها آلاف الشباب من خريجي المهن الطبية والصحية في العراق.
قالت زينب عبد الكريم، من شريحة الأطباء، إن "ما نعيشه اليوم ليس مجرد احتجاج، بل هو صرخة طويلة بسبب تراكم الإهمال لحقوقنا وتجاهل مطالبنا القانونية والوظيفية".
وأضافت لـ"المدى"، إن "الإضراب الذي نُظِّم قبل أيام جاء بعد انتهاء المهلة المحددة التي مُنحت للحكومة لتنفيذ وعودها السابقة، والمتعلّقة بتوفير الدرجات الوظيفية وتحسين مخصّصات الخطورة والبدلات المهنية. كنا ننتظر استجابةً حقيقية، لكن تجاهل المطالب هو ما دفعنا إلى التصعيد من جديد"، موضحةً أن الإضراب "كان وقفةً من زملائنا الأطباء الموظفين في المؤسسات الصحية".
وأشارت إلى أن "أحيانًا يتم استغلال معاناتنا في فترات الانتخابات، حيث يرفع السياسيون شعارات دعم الكوادر الصحية فقط لكسب أصواتنا، لكن بعد انتهاء الحملات لا أحد يعود ليسمعنا. تعبنا من الوعود التي لا تُنفّذ، ونريد حلولًا واقعية تضمن مستقبلنا المهني والمعيشي".
وأكدت أن "الاحتجاجات لم تكن يومًا تخريبية أو موجّهة ضد الدولة، بل وسيلة سلمية للضغط من أجل تطبيق القوانين الموجودة فعلًا، مثل قانون التدرّج الطبي، وتوفير درجاتٍ وظيفية عادلة لجميع الخريجين".
وتابعت قائلة: "التأخير في التعيين ليس مجرد مسألةٍ إدارية، بل يعني إضعاف خبرة جيلٍ كاملٍ من الأطباء. تركُنا في البيت يُطفئ الحماس ويجعلنا نبدأ من الصفر بعد تعب دراسة سنواتٍ طويلة"، وأضافت مؤكّدة: "الطبّ ممارسةٌ مستمرة، وليس شهادةً تُعلّق على الحائط".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram