ذي قار / حسين العامل
حذر اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار من مخاطر بطالة الفلاحين الناجمة عن إلغاء الخطة الزراعية وجفاف الأنهار المغذية لأراضيهم، وفيما أكد تعرض مربي المواشي إلى خسائر فادحة نتيجة نفوق الآلاف من رؤوس الجاموس والأبقار، دعا إلى إعادة النظر بالسياسة المائية والزراعية وتجهيز المربين بالأعلاف المدعومة.
يأتي ذلك بالتزامن مع انطلاق تظاهرات للفلاحين في قضاء الشطرة (45 كم شمال الناصرية) احتجاجًا على تردي الواقع الزراعي والمطالبة بصرف مستحقات الفلاحين الخاصة بالموسم السابق لتسويق الحبوب.
وقال رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار حسين نعمة الرباط الأزيَرْجاوي للمدى إن “فلاحي ذي قار تظاهروا في قضاء الشطرة للمطالبة بإطلاق الخطة الزراعية وعدم حرمانهم من الموسم الزراعي الحالي وإيجاد حلول لأزمة المياه التي تسببت لهم بخسائر جسيمة”، وأضاف: “كما شملت المطالب دعوة لإطلاق المستحقات المالية المتأخرة للفلاحين إذ لم يستلم الفلاحون ما يقرب من نصف مستحقاتهم الخاصة بتسويق الحبوب ضمن الموسم الزراعي الماضي”.
ووصف الأزيَرْجاوي وضع الفلاح في ذي قار في ظل الواقع الزراعي الراهن بالمتردي جدًا، مشيرًا إلى جملة من التحديات التي تواجهه، من أبرزها الجفاف وإغلاق مصادر المياه في الأنهار الفرعية المغذية لأراضيهم ورفع مضخات المياه الزراعية وإحالة الفلاح إلى القضاء في حال تشغيل تلك المضخات، لافتًا إلى أضرار أخرى جسيمة لحقت بمربي المواشي نتيجة جفاف الأهوار وتلوث المياه وتصحر المراعي ونقص الأعلاف.
وأوضح أن “أصحاب المواشي باتوا في وضع لا يُحسدون عليه في ظل فقدان مصدر الأعلاف الطبيعية، حيث لا زراعة ولا مياه، وهو ما جعل مناطق الرعي أشبه ما تكون بالصحراء”.
وتحدث رئيس الجمعيات الفلاحية عن نفوق آلاف رؤوس الماشية في المحافظة، لافتًا إلى أن “خسائر مربي المواشي تفوق بأضعاف ما أعلن عنه مؤخرًا من قبل الدوائر الزراعية في المحافظة، إذ كشفت عن تسجيل هلاكات تُقدر بـ 15 ألفًا و400 رأس جاموس في مناطق الأهوار و1950 رأسًا من الأبقار خلال 3 أعوام، أي ما بين عامي 2020 – 2022”، مبينًا أن “هناك خسائر كبيرة في رؤوس الأغنام والماعز وغيرها”، داعيًا إلى تدخل عاجل لتوفير أعلاف مدعومة. وحذر الأزيَرْجاوي من مخاطر حرمان الفلاحين من الخطة الزراعية، مشيرًا إلى أن “الفلاحين والعاملين في القطاع الزراعي يشكلون أكثر من نصف المجتمع في ذي قار، وأن حرمانهم من المصدر الرئيسي لعيشهم من دون توفير البدائل من شأنه أن يفضي إلى عواقب وخيمة”، مبينًا أن “الفلاحين ومربي المواشي يعيشون حاليًا تحت ضغط الحرمان، وأن عواقب انفجار هذا الضغط المكبوت ستكون وخيمة”.
ولم يستبعد رئيس الجمعيات الفلاحية اندلاع المزيد من التظاهرات الفلاحية في حال بقاء الوضع على ما هو عليه، مرجحًا أن يلجأ البعض إلى أعمال مخالفة للقانون ومضرة بالمجتمع من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم، مستذكرًا ما حصل في قضاء الجبايش مؤخرًا إذ أزهقت أرواح ثلاثة أشقاء أثناء البحث عن مواشيهم المسروقة.
وخلص الأزيَرْجاوي إلى القول إن “حرمان الفلاح من الزراعة والماء قد يضطر البعض إلى مزاولة أعمال التسليب داخل المدن”.
وشهدت مساحات الخطة الزراعية للموسم الشتوي في ذي قار تراجعًا كبيرًا خلال الأعوام الأخيرة، فبعد أن كانت تُقدر بـ 438 ألف دونم عام 2016 تراجعت إلى 135 ألف دونم عام 2022، لتصل إلى 450 دونمًا فقط عام 2025 واقتصار زراعتها على الآبار الارتوازية، فيما تم تصفير الخطة الصيفية في العام الحالي.
ويأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تمر بها البلاد ومحافظة ذي قار، التي أخذت تواجه تحديات كبيرة حتى في تغذية مجمعات مياه الشرب بالمياه وتفقد مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، إذ تشهد حاليًا موجة نزوح سكاني كبير بين أوساط الفلاحين والصيادين ومربي المواشي الذين باتوا يواجهون مخاطر جمة تنعكس سلبًا على مجمل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتهددهم بالحرمان من مصدر دخلهم الرئيس.
بالتزامن مع يوم الفلاح العراقي كشف اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار في (أواسط نيسان 2024) عن تردي الواقع الزراعي وما يواجهه الفلاحون من مخاطر النزوح الناجمة عن التصحر وتذبذب مناسيب المياه وشحها، مؤكدًا تلقي 2000 طلب من الفلاحين ومربي المواشي يطالبون فيها بالتعويض عما لحق بأراضيهم وبساتينهم ومواشيهم من خسائر جسيمة خلال عام 2023.
وفي يوم (15 تشرين الأول 2025) كشفت البيانات الرسمية المتعلقة بآثار الجفاف والتغيرات المناخية في محافظة ذي قار عن هلاك أكثر من 15 ألف رأس جاموس ونحو ألفي رأس من الأبقار خلال 3 سنوات فقط، وهو ما تسبب بخسائر فادحة لمربي المواشي، فيما تمثل الدعم الحكومي للتخفيف من الضرر بمبادرة رئاسية تقضي بتجهيز المربين بحصة مجانية واحدة من أعلاف النخالة والمولاس قدرها 45 كيلوغرامًا.
وكانت وزارة الزراعة قد أعلنت يوم الأحد (31 آب 2025) عن تبني الزراعة الذكية والمستدامة كخيار استراتيجي لمواجهة شح المياه والتغيرات المناخية.
وقال المتحدث باسم الوزارة مهدي سهر في تصريح تابعته (المدى) إن “الوزارة تنفذ سياسة زراعية تهدف إلى مواجهة تحديات شح المياه والتغيرات المناخية من خلال اعتماد نهج الزراعة الذكية مناخيًا، بما يسهم في التكيف مع هذه المتغيرات وتقليل كلف الإنتاج الزراعي”.
وأضاف أن “الوزارة تتجه حاليًا إلى استخدام الطاقة النظيفة، خصوصًا الطاقة الشمسية، في تشغيل مشاريع الري بالتنقيط والثابتة والمحورية، إلى جانب تشغيل المضخات الزراعية ومشاريع الثروة الحيوانية بالطاقة المتجددة”.
وفي (مطلع آب 2025) كشفت إدارة محافظة ذي قار عن تنسيق مع وزارة الموارد المائية لحفر المزيد من الآبار في المناطق النائية، وذلك لتدارك أزمة المياه وآثار الجفاف في المناطق المذكورة، فيما أكدت مديرية الماء الحاجة إلى أعداد كبيرة من الآبار.
وكانت الحكومة المحلية في ذي قار قد كشفت في (الأول من شباط 2025) عن تراجع مناسيب المياه في نهري الغراف والفرات وفقدان نحو 50 م³/ثانية من حصتها المائية، وفيما شددت على أهمية تأمين كامل الحصة للمحافظة، أعربت دائرة الزراعة عن خشيتها من تداعيات أزمة المياه على الخطة الزراعية.
فيما كشف انحسار المياه في ناظم البدعة، المصدر الرئيسي لرفد محافظة ذي قار بمياه الشرب، في (أواخر تموز المنصرم) عن أزمة مقلقة وغير مسبوقة أدت إلى توقف أكبر مشروع ماء يغذي أكثر من مليوني نسمة في المحافظة المذكورة.
وبدورها أبدت جهات حكومية ومنظمات مجتمعية يوم (4 حزيران 2024) قلقها من مخاطر تراجع مناسيب المياه في مناطق الأهوار، محذرين من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي قادم يهدد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.
فيما أعلنت دائرة الهجرة والمهجرين في ذي قار يوم (28 تشرين الأول 2024) عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار ومناطق أخرى تعرضت للجفاف والتصحر والتغيرات المناخية.
وسبق لإدارة محافظة ذي قار أن حذرت يوم (22 تشرين الأول 2024) من كارثة بيئية واقتصادية ناجمة عن شح المياه في المناطق الزراعية، وفيما توقعت تعرض خمس وحدات إدارية إلى كوارث ونزوح سكاني في حال لم تجرِ المعالجة الفورية لأزمة المياه، طالبت وزارة الموارد المائية بالتدخل العاجل.










