المدى/خاص
يعاني المواطن العراقي منذ سنوات من ارتفاع غير مسبوق في أسعار الأدوية وتكاليف العلاج في المستشفيات الأهلية، في ظل غياب إجراءات فعّالة من الحكومة ووزارة الصحة لضبط الأسعار ومراقبة أداء القطاع الصحي الأهلي.
ومع استمرار هذه الأزمة، تتفاقم المعاناة اليومية للمرضى، الذين يضطرون إلى دفع مبالغ باهظة للحصول على علاجاتهم، بينما تظل المستشفيات الحكومية عاجزة عن توفير احتياجاتها الدوائية.
أكدت عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية، سهام الموسوي، الأربعاء، أن الحكومة ووزارة الصحة فشلتا بشكل كامل في معالجة ظاهرة ارتفاع أسعار الأدوية وتكاليف العلاج في المستشفيات الأهلية، مشيرة إلى غياب الإجراءات الجادة في تحديد الأسعار أو مراقبتها.
وقالت الموسوي في تصريح تابعته (المدى) إن “المواطن لا يزال يعاني من الارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية التي تُباع في المذاخر والصيدليات الأهلية، فضلاً عن التكاليف الباهظة التي تفرضها المستشفيات الأهلية على المرضى”.
وأضافت أن “العديد من الأطباء يفرضون على المرضى شراء الأدوية من صيدليات محددة، وغالباً ما تكون بأسعار مرتفعة جداً، رغم وجود فرق رقابية تابعة لوزارة الصحة تتابع هذا الملف”.
وأوضحت الموسوي أن “إجراءات الحكومة ووزارة الصحة بشأن وضع تسعيرة رسمية للأدوية المستوردة ومراقبة أداء المستشفيات الأهلية شبه غائبة، وإن وُجدت فهي بطيئة ولا تلبي طموحات المواطنين”.
من جانبه، وصف الناشط المدني أحمد الدليمي لـ(المدى) الوضع الحالي بـ”الكارثي”، مشيراً إلى أن “غياب الرقابة على أسعار الأدوية وتكاليف العلاج يجعل المواطن رهينةً لسياسات تجارية غير منضبطة، ويجبر الأسر على تحمل أعباء مالية إضافية في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ركود واضطراب”.
وأضاف الدليمي أن “المطلوب ليس فقط إصدار تسعيرة رسمية، بل تفعيل آليات الرقابة بشكل مستمر وفرض عقوبات صارمة على المخالفين، سواء من الصيدليات أو المستشفيات الأهلية، لضمان وصول العلاج بأسعار مناسبة لكل المواطنين”.
من جهتها، أكدت وزارة الصحة في بيان رسمي أن “هناك لجاناً تعمل على مراجعة أسعار الأدوية المستوردة، ووضع تسعيرة رسمية تحددها وفق معايير التكلفة والجودة، مع مراقبة دورية للأسواق والصيدليات”.
وأوضح مصدر في وزارة الصحة أن “الوزارة تواجه تحديات كبيرة في فرض الرقابة على المستشفيات الأهلية بسبب التداخل بين القطاعين العام والخاص، ونقص الكوادر الرقابية، فضلاً عن التباين الكبير في أسعار المستوردات”.
وأضاف أن “الحكومة تعمل على تطوير آليات أكثر فاعلية لمتابعة هذا الملف خلال الأشهر القادمة، بهدف حماية المستهلك وتخفيف العبء المالي عنه”.
تشير التقارير المحلية إلى أن معظم المستشفيات الحكومية تعاني من نقص حاد في الأدوية والعلاجات داخل صيدلياتها، ما يضطر المواطنين إلى شراء احتياجاتهم الدوائية من الصيدليات والمذاخر الأهلية بأسعار مرتفعة أحياناً تصل إلى أكثر من ضعف السعر الرسمي.
ويضيف خبراء الصحة أن اعتماد المستشفيات الأهلية على المبيعات الدوائية كمصدر رئيسي لدخلها يجعلها تفرض أسعاراً مرتفعة، ما يزيد من معاناة المواطنين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والمصابين بأمراض مزمنة تحتاج إلى علاجات مستمرة.
كما تؤكد منظمات مدنية أن غياب التسعيرة الرسمية للأدوية المستوردة وغياب الرقابة على المستشفيات الأهلية يزيد من حالات الاستغلال المالي للمرضى، ويضعف الثقة في النظام الصحي الوطني.
يأتي هذا في وقت يطالب فيه نشطاء وصحفيون ومسؤولون محليون الحكومة بـ”اتخاذ إجراءات عاجلة لتسعير الأدوية بشكل عادل، وزيادة مراقبة المستشفيات الأهلية، وحماية المواطن من الاستغلال المالي تحت مسمى الخدمات الصحية”.
وتشير المصادر إلى أن أي تأخير في معالجة هذه الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي والاجتماعي، خصوصاً في ظل ارتفاع الأمراض المزمنة والوبائية، وزيادة الضغط على المستشفيات الحكومية والأهلية على حد سواء.
