متابعة / المدى
شهدت الولايات المتحدة انتخابات محلية مفصلية أسفرت عن فوز الديمقراطيين في ثلاث ولايات، أبرزها انتخاب زهران ممداني أول رئيس بلدية مسلم لنيويورك، فيما أقرّ سكان كاليفورنيا بأغلبية ساحقة إعادة رسم دوائرهم الانتخابية في خطوة اعتُبرت تحدياً مباشراً للرئيس دونالد ترامب، الذي عزى خسائر حزبه إلى الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد.
وفاز الشاب الديمقراطي الاشتراكي زهران ممداني، البالغ من العمر 34 عاماً، برئاسة بلدية نيويورك في انتخابات شكلت أول اختبار انتخابي كبير للرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض. وجاء فوز ممداني على حساب حاكم الولاية السابق أندرو كومو والجمهوري كورتيس سليوا، وفق النتائج الأولية الصادرة عن مجلس انتخابات المدينة.
وقال ممداني في خطاب النصر أمام مؤيديه: «إذا كان هناك من يستطيع أن يظهر لأمة خانها دونالد ترامب طريقة هزيمته، فهي المدينة التي أوصلته إلى ما هو عليه». وأضاف أن «نيويورك ستكون النور في هذا الوقت من الظلام السياسي». وسيصبح ممداني أول رئيس بلدية مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة عند تسلمه المنصب رسمياً في الأول من كانون الثاني/يناير المقبل. وقد حاول ترامب منع الناخبين من التصويت له، ووجّه نداءً خاصاً للناخبين اليهود عبر منصته «تروث سوشيال»، قائلاً: «أي شخص يهودي يصوّت لزهران ممداني… هو شخص غبي!»، مضيفاً أن ممداني «يكره اليهود».
غير أن المرشح الديمقراطي أكد خلال حملته رفضه القاطع لمعاداة السامية، وسعى لطمأنة المجتمع اليهودي، موضحاً أنه يدافع عن القضية الفلسطينية انطلاقاً من مبادئ العدالة لا الكراهية.
ولد زهران ممداني في أوغندا لعائلة من أصل هندي، وانتقل إلى الولايات المتحدة في سن السابعة، حيث حصل على الجنسية الأميركية عام 2018. وركّزت حملته الانتخابية على قضايا معيشية أبرزها ضبط الإيجارات وتوفير وسائل النقل والحضانات مجاناً. ورغم وصف ترامب له بأنه «شيوعي»، فإن برامجه تتماشى مع المبادئ الديمقراطية الاشتراكية التي تلقى رواجاً بين الشباب الأميركي.
وفي الوقت الذي احتفل فيه الديمقراطيون بفوز ممداني الساحق، حاول الرئيس ترامب تبرير الانتكاسات الانتخابية التي مني بها حزبه الجمهوري في ولايات عدة. وكتب على منصته «تروث سوشيال»: «لم يكن ترامب على ورقة الاقتراع، والإغلاق الحكومي هما السببان وراء خسارة الجمهوريين الانتخابات الليلة».
وشهدت الانتخابات فوزاً كاسحاً للديمقراطيين في أول اقتراع رئيسي منذ تولي ترامب السلطة مجدداً، إذ حققوا انتصارات في ثلاث ولايات مهمة. فإلى جانب نيويورك، فازت الديمقراطيتان أبيغيل سبانبرغر وميكي شيريل في انتخابات حكام ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي بفارق كبير.
واعتبر مراقبون أن هذه النتائج تمثل مؤشراً على تراجع شعبية ترامب بعد تسعة أشهر من عودته إلى البيت الأبيض، فيما رآها الديمقراطيون فرصة لاختبار استراتيجياتهم الانتخابية استعداداً لانتخابات التجديد النصفي عام 2026. وفي سياق متصل، صوّت سكان ولاية كاليفورنيا بأغلبية ساحقة لصالح إعادة رسم الخريطة الانتخابية في اقتراع دعا إليه الديمقراطيون لمواجهة محاولات مماثلة من الرئيس ترامب تهدف إلى تعزيز نفوذ الجمهوريين.
وأظهرت النتائج الأولية أن الناخبين وافقوا على «المقترح 50» بنسبة اثنين إلى واحد، وهو ما وصفه المراقبون بأنه «صفعة قوية لترامب». وقال حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم: «نحن فخورون بالعمل الذي قام به سكان الولاية الليلة لتوجيه رسالة قوية إلى أكثر رئيس لا يحظى بشعبية في التاريخ الحديث».
وأضاف نيوسوم أن إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية ستمنح الحزب الديمقراطي خمسة مقاعد إضافية في الكونغرس، مؤكداً أن الخطوة تهدف إلى تحقيق التوازن بعد أن أقرّ الجمهوريون في تكساس إعادة تقسيم دوائرهم بضغط من البيت الأبيض.
وهاجم ترامب الخطوة واصفاً التصويت بأنه «احتيال كبير وغير دستوري»، مشيراً إلى أن العملية «مزورة»، من دون تقديم أي دليل.
وتُعدّ هذه التطورات الانتخابية، من نيويورك إلى كاليفورنيا، مؤشراً واضحاً على التحديات التي يواجهها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الحالية، إذ تعكس تحولات في المزاج السياسي الأميركي نحو التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي، وسط تزايد الاستقطاب الحزبي في البلاد.










