TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: رحلة فيينا - وطواط شتراوس

موسيقى الاحد: رحلة فيينا - وطواط شتراوس

نشر في: 9 نوفمبر, 2025: 12:01 ص

ثائر صالح
الوطواط (بالألمانية Die Fledermaus) هو أوبريت في ثلاثة فصول قدّم على صالة "المسرح عند نهر فيينا" (Theater an der Wien) للمرة الأولى في 5 نيسان 1874، وقد أعيد إحياء الأوبريت على نفس المسرح بمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية لولادة شتراوس، وقد حضرت أحد العروض أثناء زيارتي فيينا قبل ثلاثة أسابيع.
تعني كلمة الأوپرَيت (وأحياناً أوپَرَتّا) أوپرا صغيرة، وهو شكل موسيقي غنائي منفصل حصل على مزاياه الحالية في باريس منتصف القرن التاسع عشر بفضل أعمال جاك أوفنباخ بالدرجة الأولى. الغرض الأصلي منه هو تقديم أعمال غنائية ترفيهية خفيفة، عادة ما تكون فكاهية - هزلية تعتمد على نص مواضيعه الأثيرة هي الخصام بين العشاق وانتحال الشخصيات وتقلبات الحظ والحفلات الفخمة. انتقل هذا الفن إلى باقي الدول لتصبح الامبراطورية النمساوية - المجرية السباقة في هذا الشكل بفضل شتراوس وفرانس فون سوپيه وعدد من الموسيقيين المجريين الذين برعوا فيه مثل فَرَنس لَيهار وإمره كالمان.
أما المسرح الذي يسمى اليوم المسرح الموسيقي على نهر فيينا فقد شيّد في 1801 لتقديم أعمال الأوبرا والموسيقى المميزة لعصر ما بعد موتسارت، وهناك قدم الكثير من الأعمال الشهيرة للمرة الأولى، منها أربع من سيمفونيات بيتهوفن وفانتازيا البيانو، وموسيقى مسرحية روزامونده التي ألفها شوبرت، وست من أوبريتات شتراوس، وأعمال فون سوپيه وكالمان ولَيهار بينها "الأرملة السعيدة" الذي يعد أشهر الأوبريتات العالمية.
تتميز القصة بحبكة معقدة تحدث في حفلة تنكرية يدعو لها الأمير الروسي الثري أورلوفسكي، وفي السجن اليوم التالي. طرفها الرئيسي البارون آيزنشتاين وصديقه الدكتور فالكه الذي ينتقم من آيزنشتاين بسبب مقلب أكله قبل سنوات، عندما أنزل البارون صديقه فالكه من العربة وهو سكران فنام في حديقة عامة وهو بملابس الوطواط التنكرية ليصحو في الصباح ويعود إلى بيته تلاحقه قهقهات أهالي فيينا. يشترك في الأحداث البارون وزوجته وخادمتهما واختها، ومدرس الغناء السابق الذي كان مغرماً بزوجة البارون، ومدير السجن الذي سيقضي فيه البارون ثمانية أيام عقوبة بسبب دعوى تشهير، ومحامي البارون. تجري الأحداث بشكل مفارقات ومصادفات خيالية بالطبع، يصعب اختصارها بعدة سطور في مقالة من هذا النوع، لكنها تفضي إلى نهاية سعيدة كالعادة.
جرى تسجيل الأوبريت مراراً، وأنتج أكثر من 20 فلما عنه منذ سنة 1917 حتى الآن في العديد من الدول. قام المخرج بإضافة بعض العناصر إلى العمل، منها تركيب "فروش" حارس السجن على شخصية القيصر فرانس يوزف وإضافة إشارات عن زمن الإمبراطورية إلى دوره كراوي للأحداث، وكذلك ظهور محامي البارون بشخصية هتلر مع عدد من ضباط الغستابو لمرة واحدة. وكثيراً ما تُعامل أعمال الأوبرا والأوبريت وحتى المسرحيات المقدمة على المسارح اليوم بإشارات مشابهة أو تقدم في بيئة معاصرة. وقدمت فرقة رقص رجالية عروضاً مبتكرة وجميلة أضفت على الأوبريت طابعاً خاصاً، وقد تقمص الراقصون شخصية شتراوس نفسه بتسريحة شعره وذقنه المميزتين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram