بغداد / سجى رياض
أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي بيانًا أشارت فيه إلى أن مدونة الأحوال الشخصية الجعفرية التي أقرها مجلس النواب العراقي رسميًا في 27 آب/أغسطس، تُميز ضد النساء وتجعل منهن مواطنات من الدرجة الثانية. وكانت منظمة العفو الدولية قد حذرت قبل عام من أن تعديل القانون يفتح الباب أمام تقنين الزيجات غير المسجلة، التي غالبًا ما تُستخدم للتحايل على قوانين زواج الأطفال.
وفي هذا السياق، تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان الدكتورة بشرى العبيدي لـ«المدى»: «للأسف، هذا التشخيص صحيح جدًا، فالمدونة تعاملت مع المرأة العراقية كدرجة أدنى من المواطن الرجل، وهذه كارثة بكل المقاييس. من خلال خبرتي القانونية، أرى أن المدونة بعيدة عن قواعد المساواة والعدالة والإنصاف التي تشكل أساس حقوق الإنسان، كما أنها تخاطب المواطن على أساس الجنس، وهو ما يخالف المادة 14 من الدستور».
وأضافت العبيدي أن المدونة «نسفت كل ما تحقق من تقدم قبل عام 2003 وبعده، وجعلت الرجل المتحكم بمصير المرأة، إذ تشترط أن تكتب المرأة شروطها في عقد الزواج كما لو كانت بحاجة إلى إثبات حقوقها، ما يعكس انعدام الثقة. كما أن ارتفاع نسب الطلاق مؤشر خطير على غياب الاستقرار الذي كان ينبغي أن تعززه المودة والرحمة المنصوص عليهما في القرآن». ودعت العبيدي إلى استمرار الرفض المجتمعي للمدونة، قائلة: «وجودها خرق حقيقي للدستور. يجب على مجلس النواب أن يتخذ موقفًا حازمًا لحماية الحقوق الدستورية، فالمدونة لا تُعدّ قابلة للتعديل لأنها قائمة على خطأ جوهري، والحل هو إلغاؤها بالكامل».
من جانبه، أوضح المحامي محمد جمعة أن «قضايا الحضانة ضمن المدونة ولّدت مشاكل كثيرة، إذ تتعرض أمهات لاعتقالات بسبب رفضهن تسليم أطفالهن». وأضاف أن «تقارير إعلامية ومنظمات حقوقية أكدت نزوح ما بين 200 إلى 300 أم إلى إقليم كردستان خشية فقدان الحضانة، وهو رقم كبير بالنظر إلى أن المدونة لم يمضِ على تطبيقها سوى أشهر قليلة».
وأشار جمعة إلى أن «هذه الظاهرة الخطيرة ترافقها زيادة في نسب الطلاق، إذ أصبح الرجل قادرًا على إنهاء الزواج بكلمة واحدة، وتسقط بذلك حقوق الزوجة ببساطة. كما أن الخلافات بين العائلات داخل المحاكم ازدادت حتى قبل الزواج، إذ يختلف الطرفان حول تطبيق المدونة أو القانون القديم، ما يعكس حجم الانقسام الذي تسببت به».
وختم جمعة بالقول إن «من الممكن جعل المدونة اختيارية للطرفين، بحيث تُطبّق فقط في حال موافقة الزوجة الصريحة على بنودها، لا أن تُفرض عليها قسرًا، فالعقود الشرعية تقوم على التراضي لا الإكراه».










