علي حسين
قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت امس ؟ قلت له أنا"متشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألاّ أحترس بكلامي، وأنا أوجه خطابي للذين سيحلسون على مقاعد البرلمان القادم .
نسمع جميعا احاديث عن مشاريع التغيير والإصلاح، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال " 22 " عاما عشناها مع الديمقراطية ، أن القضية لم تعد مجرد انتخابات وتغيير وإصلاح، بل إنقاذ العراق من بركة الفشل ، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله النواب ، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّهم سيخلعون"معطف"الطائفية، ويرتدون ثوب الوطنية، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك"المتشائل"جانباً وأتمنى على السادة النواب الجدد أن يخبرةنا ماذا سيختارون: السعي إلى المستقبل أو الإصرار على التبرّك بالماضي، نظام سياسي يعتمد على الكفاءة والنزاهة أم نظام يصفّق للمحسوبية والانتهازية؟
هذه الاسئلة وغيرها تشغل بال معظم العراقيين، وهي تطرح في كل حوار بين اثنين من العراقيين. النواب عليهم أن يدركوا أنّ صناعة الفشل لا تقلّ خطراً على الدولة من صناعة الإرهاب، الثانية تضرب في الدولة على أمل إسقاطها بالقاضية،، لكنّ الأولى تجعلها تتآكل من الداخل حتى يجد المواطن نفسه أمام مؤسسات عاجزة عن الوفاء بأيّ التزام، لأنّ التزامها الوحيد هو للطائفة والعشيرة وليس للمواطن.
اليوم الناس تعيش في ظل مؤسسات وأحزاب وشخصيات لم تتمسك إلا بالصدأ والتخلف والسبات. وفي ظل مسؤول محصّن ضد الفرح والنزاهة والكفاءة، مستمتع بثقافة التخلّف، كاره لحضارة الازدهار.
في كل دول العالم يسبق المسؤول مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من"الحزب والعشيرة"وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد أن التفويض الذي منحه له البرلمان، يسمح له بأن يختار"ابو علي الشيباني"مستشاراً أعلى، ويطارد في المحاكم أي كفاءة .
إذا كنتَ مثلي تقرأ الأخبار، هناك عنوان أكثر استفزازاً لنا نحن الشعب الناكر للجميل.. إليك هذا العنوان : ( كتلة الاطارالتنسيقي تعلن انها ستعود لتتحالف بعد الاقتراع ) . والسؤال ياسادة لماذا الانتخابات إذا كان الهدف بقاء الحال على ما هو عليه ؟ الجواب حتماً : على المتضرر الذي هو الشعب أن يضرب رأسه في أقرب جدار .









