بغداد / المدى
حذّر الخبير الاقتصادي منار العبيدي من تأزم مالي خطير يواجه الاقتصاد العراقي بالتزامن مع انشغال القوى السياسية بالانتخابات البرلمانية، مشيراً إلى عجز مالي متصاعد، وتراجع في الإيرادات، وضغوط على احتياطيات البنك المركزي.
وقال الخبير الاقتصادي منار العبيدي في مدوّنة نشرها عبر حسابه على منصات التواصل الاجتماعي، أمس السبت، إن «وسط ضجيج التحالفات الانتخابية وصخب السياسة، يواصل الوضع المالي في العراق مساره نحو التأزّم الخطير». وأوضح أن بيانات شهر آب 2025 تظهر أن إجمالي الإيرادات بلغ 82 تريليون دينار، منها 73 تريليون دينار من النفط، مقابل 9 تريليونات دينار فقط من الإيرادات غير النفطية، مشيراً إلى أنه في المقابل بلغت النفقات العامة 87.5 تريليون دينار، منها 73 تريليون دينار نفقات تشغيلية، يضاف إليها 5 تريليونات دينار كسلف حكومية غالباً ما تُدرج في نهاية العام ضمن المصروفات الفعلية، ما يعني أن العجز الحقيقي حتى نهاية آب 2025 بلغ نحو 10 تريليونات دينار.
وبيّن العبيدي أن التقديرات تشير إلى أن العجز الفعلي للموازنة قد يتجاوز 15 تريليون دينار بنهاية العام الحالي. وأشار إلى «بيانات» كشف عنها البنك المركزي العراقي تبيّن أن «البنك اشترى من وزارة المالية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام ما قيمته 49 مليار دولار فقط، في حين باع عبر نوافذ بيع العملة الأجنبية أكثر من 60 مليار دولار»، موضحاً أن البنك اضطر لاستخدام نحو 11 مليار دولار من احتياطياته لتغطية الطلب المتزايد على الدولار.
وأكد أن «هذا النزيف المستمر في ظل تراجع أسعار النفط ضمن نطاق 60 – 65 دولاراً للبرميل، ينذر بأن جزءاً كبيراً من النفقات التشغيلية الأساسية لن تتمكن الحكومة الحالية — ولا التي ستليها — من تغطيته، ما لم تتخذ إجراءات جذرية وسريعة لزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق إلى أدنى حد ممكن».
ونوّه العبيدي بأن الحكومة قد تلجأ إلى الاقتراض مجدداً، «إلا أن هذه الخطوة لن تكون بالسهولة السابقة، خصوصاً بعد أن بلغ الدين الداخلي أكثر من 90 تريليون دينار، وتقلّصت قدرة السوق المحلية على استيعاب المزيد من أدوات الدين». وأضاف أن «الحل الحقيقي يبدأ من تحليل مفصل لجداول الإنفاق العام وصولاً إلى أصغر وحدة إنفاق في مؤسسات الدولة، مع التركيز على كشف مواطن الهدر المالي، وعلى وجه الخصوص في ملفات الرواتب الوهمية والتقاعد وبرامج الرعاية الاجتماعية، التي يعلم الجميع أن قسماً كبيراً منها يذهب إلى غير مستحقيه، فضلاً عن استغلالها في بعض الأحيان لأغراض انتخابية».
وشدّد على ضرورة مراجعة ملفات البطاقة التموينية ودعم الأدوية وغيرها من برامج الدعم التي تحتاج إلى تقييم دقيق «يحدد مدى كفاءتها وتحقيقها لأهدافها الفعلية». وأكد أن «العراق اليوم أمام منعطف مالي حرج، خصوصاً مع احتمالية تأخر إقرار موازنة العام القادم نتيجة تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما يعني الدخول في عام مالي غامض من دون سقف إنفاق واضح».
وقال العبيدي: «لقد تجاوز الوضع مرحلة الخطابات، فالعجز الفعلي الذي يقترب من 15 تريليون دينار — أي أكثر من 10% من إجمالي الإيرادات العامة — لم يعد مجرد رقم في التقارير، بل خطر حقيقي يهدد قدرة الدولة على الاستمرار في دفع رواتبها والتزاماتها. وإن لم تُعالج الأزمة بسرعة وبقرارات مسؤولة، فستضطر الدولة إلى تبني إجراءات قسرية تمسّ الفقير والعاطل قبل الموظف».
خبير اقتصادي: العراق يقترب من أزمة مالية قاسية مع تفاقم العجز وتراجع الاحتياطيات

نشر في: 16 نوفمبر, 2025: 12:04 ص









