TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > موجة أمطار متأخرة تروي العطش وتعيد الأمل لبساتين بدرة

موجة أمطار متأخرة تروي العطش وتعيد الأمل لبساتين بدرة

بعد أن تحوّلت إلى أشجار يابسة ونخيل بلا تمور

نشر في: 18 نوفمبر, 2025: 12:03 ص

 واسط / جبار بَچاي

 

منذ سنوات وأصحاب البساتين في قضاء بدرة شرقي واسط فقدوا الأمل ببساتينهم التي غدت مجرد جذوع نخيل واقفة بصمت وأشجار يابسة تنتظر فأس الحطّابين لتكون نارًا للشواء، فتقلصت أعداد النخيل إلى أقل من الربع مما كان سابقًا، ولا أثر لأنواع الفاكهة التي كانت تشتهر بها تلك البساتين، ويعود ذلك إلى شحّ المياه إضافة إلى المشاكل الكثيرة التي تعرضت لها تلك البساتين بسبب الحروب والحرائق وغير ذلك.

 

وتجدّدت الآمال عند أصحاب تلك البساتين الذين كانوا يقصدون الكوت لشراء التمور والفاكهة، وذلك بالتزامن مع هطول أول موجة للأمطار خلال الشتاء الحالي بعد فترة طويلة من شحّ المياه والعطش الذي أفقد تلك البساتين هويتها. “الأمطار الغزيرة التي شهدها القضاء وبعض مناطق العراق ومنها مدن معيّنة في واسط عوّضت عطش السنين الذي مرّت به بساتين بدرة، ولو تكررت ثانية في الأسابيع المقبلة يمكن أن تعيد الأمل للأهالي هناك.” يقول محمد منسي السعيدي، وهو من أصحاب البساتين في قضاء بدرة، مضيفًا: “بالرغم من فقداننا الإنتاج بصورة شبه تامة من التمور وأصناف الفاكهة وحتى الخضار التي كانت زراعتها تتم في البساتين، لكننا اليوم أمام فرحة كبيرة وغبطة أخذتنا إلى الماضي حين كانت بدرة تُعرف بتمورها وكرومها ورمان بدرة الشهير إضافة إلى الأجاص والخوخ والتين.”
وذكر أن “شحّ المياه في السنوات الأخيرة وتعذّر سقي البساتين كان أقسى ضربة وُجّهت للمالكين هناك، ففقدت السوق المحلية وحتى أسواق الخارج مكتوم بدرة والبرحي وجمال الدين والبرُّ بن والساير والقيطاز إضافة إلى الخستاوي والعمراني والأشرسي والحمراوي واسطة عمران والتبرزل والشويثي والبلكة وغير ذلك من أصناف التمور النادرة ذات المذاق المعروف.” وفيما يحاصره ظمأ البساتين يرى السعيدي ذو الـ72 عامًا أن “ثمة أملًا وبصيصًا لاح في الأفق نتيجة الأمطار الغزيرة التي شهدها القضاء مطلع الأسبوع الحالي، وكان للبساتين حصة كبيرة منها، فارتوت تمامًا، وأتاح ذلك وفرة في المياه الجوفية التي يعتمد عليها أغلب الفلاحين هناك.” يقول زميله عبد الكريم العقابي إن “شحّ مياه السقي وانحسار الأمطار في السنوات الأخيرة جعل العطش يبسط نفوذه في كل أرجاء البلاد، فتحولت مئات الآلاف من الدوانم الزراعية إلى أراضٍ جرداء، والحال نفسه بالنسبة لبساتين محافظة واسط.”
مؤكدًا أن “المشكلة كانت أقسى بالنسبة لبساتين قضاء بدرة كونها تعتمد في الغالب على مياه الأمطار والمياه الوافدة من المناطق الحدودية بين العراق وإيران، والتي تراجعت بصورة تامة في السنوات الأخيرة، وكل ذلك ترك أثرًا كبيرًا على أصحاب البساتين فهجروها مرغمين.” وقال: “إضافة إلى شحّ المياه، فمن أكبر التحديات التي واجهتها بساتين النخيل في قضاء بدرة وناحية زرباطية المحاذيتين للشريط الحدودي عملية التجريف التي أدت إلى تجريف مساحات كبيرة من تلك البساتين وفقدان أعداد كبيرة من النخيل إضافة إلى الحرائق التي نهشت عمق البساتين وأدت إلى تدمير المئات من النخيل.”
ودعا العقابي الحكومة العراقية إلى “وضع خطة حقيقية للاستفادة من مياه السيول القادمة من المرتفعات الإيرانية، وهي كثيرة أحيانًا، من خلال إنشاء سدود صغيرة واعتماد مشروع حصاد المياه بهدف الاستفادة من الموجات والسيول المطرية لاستخدامها في سقي البساتين عند الحاجة، مع إلزام أصحاب تلك البساتين باعتماد أساليب الري الحديثة مثل الري بالتنقيط لسقي البساتين.” وكان الخبير في إدارة الموارد المائية وشؤون الزراعة في محافظة واسط علي حسين حاجم قد كشف في وقت سابق عن تراجع المساحات الزراعية في المحافظة للموسمين الصيفي والشتوي الماضيين جراء التغييرات المناخية وتصاعد حدة الجفاف، ووصلت إلى 50% للمحاصيل الشتوية و20% للصيفية، وأصبحت أغلب المناطق الريفية طاردة للسكان، في وقت تعرضت البساتين في المحافظة إلى موجة من الجفاف بسبب شحّ مياه السقي، فتراجع أغلب الإنتاج فيها، خصوصًا البساتين الواقعة في أراضي الشريط الحدودي.
يُذكر أن منطقة الشرق الأوسط عامة ومنها العراق الأكثر تأثرًا بتغيرات المناخ، وبيّنت مراكز الأرصاد والبحوث المعنية بالمناخ أن بلاد الرافدين كانت الأكثر تأثرًا بتغيرات المناخ وارتفاع معدلات الحرارة فيه، يرافق ذلك استحواذ دول الجوار على أكثر من 60% من واردات المياه المخصصة للعراق، الأمر الذي أدى إلى تراجع المساحة الزراعية بنسبة كبيرة إضافة إلى اضمحلال الكثير من المناطق الرعوية ذات النباتات الطبيعية التي تعتبر غطاءً نباتيًا يخفض الحرارة، كما في مناطق الشريط الحدودي لمحافظة واسط في مدن بدرة ذات البساتين الكثيرة وجصّان وزرباطية والشهابي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram