متابعة / المدى
انعقد اجتماع سري في غرفة مؤتمرات أحد الفنادق الفاخرة في ميامي بولاية فلوريدا، واستمر ثلاثة أيام في نهاية شهر تشرين الأول الماضي، وجمع بين ممثلين عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكيريل دميترييف، المبعوث الروسي المقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين، والخاضع لعقوبات أميركية مشددة منذ عام 2022.
وقد كشف موقع «أكسيوس» عن تفاصيل الاجتماع الأسبوع الماضي، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الإدارة الأميركية والكونغرس، بعد الكشف عن كواليس خطة سلام مثيرة للجدل تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكنها وُصفت بأنها «منحازة بشدة» لمصالح موسكو.
اضطلع دميترييف، الحليف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدور قيادي في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن الحرب، واجتمع مع المبعوث الخاص ستيف ويتكوف عدة مرات خلال العام الجاري. وقال مسؤول أميركي كبير لوكالة «رويترز» إن إدارة ترامب أصدرت إعفاءً خاصاً سمح بدخوله الأراضي الأميركية. وكانت الحكومة الأميركية قد أدرجت دميترييف وصندوق الاستثمار المباشر الروسي على القائمة السوداء للعقوبات في عام 2022، وهي عقوبات تمنع فعلياً المواطنين والشركات الأميركية من التعامل معهما.
وشارك جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب ومستشاره السابق، في الاجتماع، ولعب دوراً رئيسياً في المناقشات مستفيداً من علاقاته السابقة مع دميترييف خلال الولاية الأولى لترامب. وأشارت مصادر لـ«رويترز» إلى أن الاجتماع تضمن لقاءات جانبية، من بينها اجتماع مع النائبة الجمهورية آنا لونا من فلوريدا، التي ناقشت مع دميترييف تعزيز العلاقات التجارية بين واشنطن وموسكو.
ووفق صور وفيديوهات نشرتها وسائل إعلام روسية، التقى دميترييف بلونا في غرفة المؤتمرات داخل الفندق، وتبادلا هدايا رمزية مثل علبة شوكولاتة تحمل صورة بوتين، وهو مشهد أثار انتقادات حادة في أوكرانيا وأوروبا.
وأسفر الاجتماع عن صياغة خطة سلام مكونة من 28 نقطة، مقسمة إلى أربعة محاور رئيسية: السلام في أوكرانيا، الضمانات الأمنية، أمن أوروبا، والعلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وكل من كييف وموسكو.
واعتمدت الخطة جزئياً على مبادئ كان ترامب وبوتين قد ناقشاها خلال قمة ألاسكا في آب الماضي، وتطالب أوكرانيا بتقديم تنازلات كبيرة، من بينها التخلي عن أجزاء من شرق أوكرانيا (دونباس) التي لا تزال تحت سيطرة كييف، والاعتراف بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، وتقليص حجم الجيش الأوكراني بنسبة تتجاوز 50 في المئة، والتعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو، والتخلي عن الأسلحة بعيدة المدى، وعدم نشر قوات حفظ سلام أوروبية في المناطق المتنازع عليها.
وأثارت الخطة انتقادات واسعة من الأوكرانيين وحلفائهم، الذين اعتبروا أنها تميل بشكل كبير لصالح موسكو. وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم أمس بعدم التنازل عن مصالح أوكرانيا. وتبدو الوثيقة، التي تدعو أوكرانيا إلى تقديم تنازلات واسعة، متعارضة مع الموقف الأكثر صرامة الذي اتخذته إدارة ترامب مؤخراً تجاه موسكو، بما في ذلك فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي.
وقال مصدران مطلعان على الاجتماع لـ«رويترز» إن رستم أوميروف، أمين المجلس الوطني الأوكراني للأمن والدفاع، كان أيضاً في ميامي الأسبوع الماضي لمناقشة الخطة مع ويتكوف. وأفاد مصدر مطلع بأن ويتكوف أطلع أوميروف على الخطة خلال الزيارة، وأن الولايات المتحدة سلمت الخطة إلى أوكرانيا عبر الحكومة التركية يوم الأربعاء الماضي، قبل عرضها رسمياً في كييف يوم الخميس. إلا أن أوميروف وصف دوره بأنه «فني» ونفى مناقشة جوهر الخطة مع المسؤولين الأميركيين.
من جانبها، دافعت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت عن الخطة، مؤكدة أنها «تعكس حقائق الوضع على الأرض» وتوفر «ضمانات أمنية لأوكرانيا وأوروبا وروسيا، مع حوافز اقتصادية للطرفين». أما دميترييف فقد كتب على منصة «إكس» يوم الجمعة: «بسبب دعاية الحربيين، يتجاهل الكثيرون أن خطة ترامب تهدف إلى إنقاذ أوكرانيا من فقدان المزيد من الأراضي والأرواح».










