TOP

جريدة المدى > سياسية > منزلهم آخر ما يملكون.. اكثر من مئة اسرة تدفع نحو العراء بعد انتهاء الانتخابات في البصرة

منزلهم آخر ما يملكون.. اكثر من مئة اسرة تدفع نحو العراء بعد انتهاء الانتخابات في البصرة

نشر في: 23 نوفمبر, 2025: 12:07 ص

 المدى / البصرة

بعد يومين فقط من انتهاء الانتخابات وبينما كان الناس يحاولون استعادة ايقاع حياتهم الاعتيادية، تلقت اكثر من مئة اسرة في قضاء الزبير صدمة غير متوقعة حين سلمتها بلدية القضاء اخطارات ازالة فورية لمنازلها المحاذية لخط السكة الحديدية في نهاية الصناعية القديمة خلف مقبرة الحسن البصري. والاخطارات جاءت بصيغة الانذار العاجل مانحة الاهالي اثنتين وسبعين ساعة للاخلاء دون اي اشارة الى بديل او برنامج تعويض او حتى جدول واضح لاعادة التوطين. تلك القرارات التي نزلت على الاسر كوقع الصاعقة اعادت الى السطح هشاشة الواقع السكني في الزبير وقابلية الفئات الاضعف لان تكون اول ضحايا الاجراءات الحكومية حين تغلق صناديق الاقتراع ويعود الروتين الاداري الى صلابته المعهودة، فمعظم العائلات التي طالتها الاخطارات تنتمي الى طبقات متعففة ليس لديها القدرة على استئجار منزل بديل ناهيك بشراء قطعة ارض او الانتقال الى مناطق ابعد.
وقال الناشط المدني سيف محسن العتابي في حديث للمدى ان عدد المنازل المستهدفة بالازالة يتجاوز المئة منزل، موضحا ان القرار اتخذ دون اجراء مسح اجتماعي حقيقي او دراسة لنتائجه الانسانية.
واضاف ان هذه العائلات لم تتجاوز على املاك عامة بقصد البناء العشوائي بل استقرت هنا منذ سنوات طويلة في ظل غياب مشاريع اسكان حكومية، ومعظمها يعتاش على اعمال يومية لا توفر دخلا ثابتا. واشار العتابي الى ان الاشكالية لا تكمن في تطبيق القانون بقدر ما تكمن في الانتقائية التي باتت سمة بارزة للادارة المحلية، موضحا ان الدولة غالبا ما تظهر صرامتها تجاه الفقراء بينما تتعامل بمرونة عالية مع التجاوزات الكبرى التي تمارسها جهات متنفذة او شركات تستثمر الاراضي العامة دون وجه حق.
واضاف ان العدالة لا تتحقق عندما يطبق القانون على طرف ويرفع عن طرف اخر، خصوصا عندما تكون النتيجة دفع مئات الاطفال والنساء الى العراء.
وفي السياق ذاته قدم الناشط المدني علي محمد شاكر رواية تفند مبررات الازالة التي تقول ان وجود المنازل يشكل خطرا على حركة القطارات او على صهاريج النفط التي تمر يوميا عبر السكة.
وذكر شاكر للمدى ان صهاريج القطار المحملة بالنفط الاسود تمر بشكل يومي بمحاذاة هذه المنازل منذ سنوات دون ان تسجل حادثة واحدة او محاولة لسرقة الصهاريج من قبل الاهالي. على العكس تماما، كان السكان يقفون كحاجز لحماية خط السكة في اوقات الازدحام ويمنعون اقتراب الغرباء منه، مؤكدا ان الحديث عن تهديدات امنية او عمليات تخريب مجرد ذريعة لتبرير قرار جاهز. اما امل عبد الجليل، وهي احدى المتضررات، فقالت في حديثها للمدى ان والديها توفيا قبل سنوات اثر تعرضهما للغازات السامة واصابة طويلة بامراض سرطانية انتشرت في قضاء الزبير خلال فترات سابقة، وما زالت ذكريات تلك المرحلة محفورة في ذاكرتها كعلامة على هشاشة الحياة وضعف امكانيات الناس امام الكوارث. ومع رحيلهما وجدت العائلة نفسها بلا معيل تعتمد على دخل محدود لا يكاد يسد الاحتياجات الاساسية. وتضيف امل: نعيش على حافة الحياة منذ سنوات، كل ما نملكه هو هذا المنزل الطيني الذي نحتمي به من حر الصيف وبرد الشتاء، واليوم يخبروننا ان علينا مغادرته خلال ثلاثة ايام فقط دون ان يسالنا احد الى اين نذهب. هذا الخطر اكبر من السرطان الذي اخذ امي وابي؛ ضياع البيت يعني ضياعنا تماما.
وتشير امل الى ان اسرتها حاولت مرارا الحصول على قطعة ارض او حتى فرصة سكن بديل ضمن مشاريع المحافظة، لكن كل تلك المحاولات انتهت بلا نتيجة. وتقول: نحن لا نطلب اكثر من سقف يحفظ كرامتنا. القرار بهذه الصيغة قاس جدا على اسر بالكاد تقف على قدميها.
ويرى ناشطون محليون ان ما يجري في الزبير يعيد فتح ملف السكن العشوائي والعجز الحكومي المزمن عن توفير بدائل حقيقية للفئات الهشة.
ويؤكد هؤلاء ان ايقاف تنفيذ الازالة فورا والبدء بمراجعة شاملة من قبل الحكومة المحلية ووزارة الاعمار والاسكان هو الخيار الوحيد لتجنب كارثة انسانية جديدة قد تسجل في واحدة من اكثر المحافظات معاناة من ازمة السكن.
ويحذر الخبراء من ان تحويل عشرات الاسر الى مشردين خلال ايام قليلة سيخلق تداعيات اجتماعية خطيرة تبدأ من احتمالات تسرب الاطفال من المدارس وتمتد الى اضطرابات نفسية حادة، اضافة الى توسع العشوائيات في مناطق اخرى بعد فقدان الناس لمنازلهم الحالية.
في الوقت ذاته يناشد الاهالي الحكومة الاتحادية ومحافظة البصرة ايجاد بدائل عاجلة ولو مؤقتة تمنع انزلاقهم نحو العراء وتفتح الباب امام حل واقعي يحفظ كرامتهم وينسجم مع ابسط معايير العدالة الاجتماعية وفق المادة 30 التي ينص عليها الدستور العراقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف
سياسية

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

بغداد/ تميم الحسن تتجه البلاد – على الأرجح – نحو جلسة برلمانية في نهاية الشهر الحالي من دون حسم أيٍّ من الرئاسات الثلاث، في مشهد يعيد إلى الأذهان انسداد عام 2022 حين دخلت العملية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram