علاء المفرجي
صدر حديثا عن دار أنكيدو كتاب (أسئلة السينما الأبدية) تأليف لوران تيران وترجمة علي كامل. هذا الكتاب يعكس رغبة المؤلف في تقديم موضوعات عميقة تتعلق بجوهر السينما: الفلسفة، الإخراج، العلاقة بين المخرج والممثل، وكذلك علاقة الإبداع بالمشاهد. المقابلات ليست سطحية، بل تحتوي على تساؤلات وجودية وفكرية من المخرجين، وهذا يمنح القارئ نافذة نادرة إلى دواخل عملية صناعة الفيلم.
تضم المقابلات 20 من أبرز المخرجين، من أجيال والتيارات الفنية المختلفة. وهو تنوع مهم لأنه يعطي وجهات نظر مختلفة ويُثري النقاش، فليس هناك معيار واحد لصناعة السينما أو رؤيتها.
الكتاب موجَّه ليس فقط لمحترفي السينما، مثل المخرجين وطلاب السينما، وإنما أيضاً للجمهور العادي الذي يهتم بمعرفة “ما وراء الكواليس” وكيف تُصنع الأفكار وتحول إلى فيلم. هذا ما أشارت إليه بعض التغطيات الصحافية.
الكتاب مقسَّم إلى خمسة أقسام وثمانية محاور، بالإضافة إلى مقدمات وترجمة وخاتمة مخصصة للمخرج جان-لوك غودار تحت عنوان “الحداثة والابتكار” ومقدمة للمترجم، وهذا يعطي تنظيمًا واضحًا ويُسهّل على القارئ متابعة الأفكار المختلفة وتحليلها.
من خلال تجارب المخرجين الذين تمت مقابلتهم، يقدم تيرار نصائح مهمة لمن يودون دخول عالم الإخراج أو التفكير بجدية في مهنة السينما، ليس فقط من الناحية التقنية، بل من الناحية الفكرية والإبداعية.
وعلى الرغم من تنوع المخرجين، قد يكون البعض يرى أن بعض المدارس السينمائية (مثل بعض أنواع السينما التجريبية جدًا أو السينما غير الغربية) ليست ممثلة بما يكفي. هذا يمكن أن يحد من شمولية النقاش، خاصة إذا كان الهدف هو تقديم “أسئلة أبدية” من جميع الزوايا.
وطبيعة المقابلات الصحافية تعني أن الحوار قد لا يكون دائمًا عميقًا مثل مقال أكاديمي أو تحليل نظري، فبعض المخرجين قد يقدمون إجابات مختصرة أو متحفظة، وهذا قد يترك بعض الأسئلة دون متابعة طويلة.
الكتاب يوفر محتوى غني من الحكمة والتجربة السينمائية، ويثير تساؤلات مهمة جدًا لأي شخص مهتم بفهم ما وراء الكاميرا.
يعد مورداً قيّمًا لطلاب السينما والإخراج، لأنه يجمع بين النظرية والتجربة العملية من مؤلفين سينمائيين مشهورين. يمكن أن يكون مفتونًا للمثقفين المهتمين بفنون السينما، لكن بعض الأجزاء قد تكون تحديًا للقارئ العادي إن لم يكن معتادًا على النقاش الفلسفي أو الفني العميق.
بالرغم من أن الكتاب موجَّه للجمهور العام، فإن عمقه الفكري قد يجعله أقل جاذبية لجمهور السينما العادي جدًا الذي لا يهتم كثيرًا بالجوانب التقنية أوالفلسفية، ما قد يحد من تأثيره على النطاق الأوسع من المتصفحين السينمائيين الذين يبحثون فقط عن قراءة خفيفة أو معلومات سريعة عن الإبداع السينمائي.
و لوران تيرار مخرج سينمائي وكاتب سيناريو فرنسي. درس صناعة الأفلام في جامعة نيويورك ، وعمل قارئًا للنصوص في استوديوهات وارنر براذرز ، وأصبح صحفيًا، وعمل في مجلة الأفلام الفرنسية " ستوديو" لمدة ست سنوات.
هناك، أجرى سلسلة من المقابلات حول صناعة الأفلام، نُشرت في كتاب بعنوان " دورة صانعي الأفلام المحترفة: دروس خاصة من أبرز مخرجي العالم". من وودي آلن إلى ديفيد كروننبرغ ، ومن الأخوين كوين إلى لارس فون ترير ، يواجه جميع مخرجي الأفلام نفس الاهتمامات الأساسية: كيفية توجيه الممثلين، على سبيل المثال، أو ما إذا كان يجب التخطيط المسبق لزوايا الكاميرا. في مقابلاته مع هؤلاء المخرجين و16 مخرجًا بارزًا آخرين، وجد تيرارد أوجه تشابه ملحوظة بين مخرجين مختلفين ظاهريًا.
وبدأ في كتابة سيناريوهات الأفلام والتلفزيون في عام 1997 ، بينما أخرج فيلمين قصيرين. كتب وأخرج فيلمه الروائي الطويل الأول، قصة حياتي ، في عام 2004، وشارك في كتابة فيلم ( كيف تتزوج وتبقى أعزبًا )، ثم كتب وأخرج فيلمه الثاني، موليير ، في العام التالي. دخل موليير في مهرجان موسكو السينمائي الدولي التاسع والعشرون.










