TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > الناصرية.. مسيرة حاشدة لإحياء ذكرى «مجزرة الزيتون» والمطالبة بمحاسبة القتلة

الناصرية.. مسيرة حاشدة لإحياء ذكرى «مجزرة الزيتون» والمطالبة بمحاسبة القتلة

نشر في: 30 نوفمبر, 2025: 12:04 ص

 ذي قار / حسين العامل

استنكر المشاركون في الذكرى السنوية السادسة لمجزرة جسر الزيتون استمرار التسويف في محاسبة المتورطين، إذ احتشد آلاف الأشخاص من أسر الضحايا وأهالي الناصرية لإحياء المناسبة التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيداً و500 جريح من متظاهري محافظة ذي قار. وانطلقت المسيرة من ميدان التظاهر في ساحة الحبوبي باتجاه موقع المجزرة على الجسر، مرددة هتافات تطالب بالقصاص من مرتكبيها.
وردد المشاركون في المسيرة الراجلة هتافات غاضبة من بينها: «دم خواني إعله الزيتون شلون تريد أتكتر»، و«هايه شبابك يا وطن هايه ضحت بدمها ورفعت الراية»، و«الصوت صوتك يا وطن، وفوك صوتك ما يعلى صوت»، و«الله أكبر يا علي والأحزاب كتلونه»، و«بالروح بالدم نفديك يا شهيد»، و«لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله»، و«كون أحسان هنا الملعب فاكد واحد». ويُعد أحسان الهلالي «أبو كوثر» من أبرز ناشطي تظاهرات الناصرية، وقد صدر بحقه حكم في قضية وصفها المحتجون بالكيدية. ورفع آباء الضحايا وأمهاتهم صور شباب في مقتبل العمر قضوا خلال المجزرة، وسط استمرار غياب محاسبة فعلية للمتورطين.
وقال والد الشهيد أزهر الشمري، خلال مشاركته في المسيرة، إنهم «يقفون اليوم على جسر الزيتون لإحياء الملحمة البطولية التي سطرها المتظاهرون ضد البؤس والفساد والمحاصصة». وأضاف: «نعاهد ضحايا الظلم على أن تبقى ذكراهم حية بيننا، وسنمضي على دربهم مهما كلف الأمر من أثمان باهظة». ودعا إلى فتح تحقيق شامل في جرائم قمع التظاهرات ومحاسبة المتورطين، ولا سيما جريمة جسر الزيتون التي وصفها بالجريمة «المتكاملة الأركان».
أما والد الشهيد حمزة كامل، فأوضح أن «ست سنوات مرت على مجزرة جسر الزيتون، وقُتل عشرات الشباب بدم بارد، ومن بينهم ولدي حمزة»، مشيراً إلى أن ابنه «لم يكن يحمل سوى العلم العراقي». وتحدث عن مشاركة ابنه في القتال ضمن قوات الحشد الشعبي لمدة تسعة أشهر قبل التحاقه بالتظاهرات.
وأشار والد الشهيد إلى ما وصفه بـ«التسويف» في محاسبة المتورطين، قائلاً: «طالبنا الجهات الحكومية بالكشف عن القتلة ومحاسبتهم، لكن حتى الآن لم يتم الكشف عن أي منهم»، متسائلاً: «هل جاء طير أبابيل من السماء وقام بقتلهم؟». وأوضح أن «القضاء سبق أن حكم على أحد الضباط المتهمين بالسجن المؤبد، لكنه أُفرج عنه لاحقاً ورُقّي إلى رتبة أعلى، وسمحوا له بالتوجه إلى العمرة». وأضاف: «رغم اعترافه بمقتل ولدي على جسر الزيتون عندما كان يقود قواته هناك، فإن لم يكن هو القاتل فمن هو؟ ولماذا لم يُكشف عنه؟». وختم قائلاً: «سلمناهم بيد الله».
وقال أحد المتظاهرين لـ«المدى»، فضّلت الجريدة عدم ذكر اسمه لدواعٍ تتعلق بسلامته، إن «المجزرة استهدفت شباباً سلميين لم يرتكبوا أي ذنب سوى المطالبة بحقوقهم». وأعرب عن استغرابه من عدم الكشف عن مرتكبي المجزرة رغم تشكيل عدة لجان حكومية، ملمحاً إلى وجود تواطؤ أو تسويف في المحاسبة، مؤكداً «الاستمرار على نهج شهداء المجزرة حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة بتوفير العيش الكريم لجميع العراقيين».
وتشهد مدينة الناصرية سنوياً، ومع حلول ذكرى مجزرة جسر الزيتون التي وقعت يومي 28 و29 تشرين الثاني 2019، مسيرة راجلة من ساحة الحبوبي باتجاه الجسر وسط المدينة، تُرفع خلالها نعوش رمزية وصور الضحايا والأعلام العراقية، إضافة إلى لافتات تطالب بالقصاص من المتورطين. ويُوقد ذوو الشهداء وأصدقاؤهم الشموع في موقع سقوط الضحايا برصاص القوات العسكرية.
وبالتزامن مع حلول الذكرى السادسة للمجزرة، التي راح ضحيتها أكثر من 50 شهيداً و500 جريح، جدد ناشطو الحركة الاحتجاجية يوم 27 تشرين الثاني 2025 المطالبة بالقصاص من مرتكبيها، مؤكدين أنها ارتُكبت «مع سبق الإصرار وبأوامر وتوجيهات داخلية وخارجية».
وكان رئيس الوزراء الأسبق والقائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي، قد أرسل الفريق الركن جميل الشمري مع قوات عسكرية قبل وقوع المجزرة بأيام ليرأس خلية الأزمة في ذي قار ويتولى إدارة ملف تظاهرات الناصرية، ما أسفر عن اندلاع الأحداث الدامية. وأدى ذلك لاحقاً إلى سحب يد الشمري من رئاسة خلية الأزمة، فيما أعلن عبد المهدي عزمه تقديم استقالته مساء 29 تشرين الثاني 2019 بعد حملة إدانة واسعة لأعمال القمع ضد المتظاهرين.
وفي أعقاب المجزرة، قرر مجلس النواب العراقي في جلسته المرقمة 22 بتاريخ 18 كانون الأول 2019 اعتبار محافظة ذي قار «مدينة منكوبة» على خلفية الهجوم الذي شنته القوات الأمنية على المتظاهرين، والذي أدى إلى استشهاد 50 شخصاً وإصابة نحو 500 آخرين.
وفي منتصف آب 2024، أثار قرار تبرئة المدان الرئيسي في المجزرة غضباً واسعاً في المحافظة، بعد إفراج محكمة التمييز الاتحادية عن الضابط في قوات التدخل السريع، عمر نزار، الذي كان قد صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد لدوره في المجزرة. وكانت محكمة استئناف ذي قار قد أصدرت حكمها في حزيران 2023 بالسجن المؤبد بحقه قبل أن تُقرر التمييز الإفراج عنه لاحقاً.
ويبلغ إجمالي ضحايا تظاهرات محافظة ذي قار، التي استمرت لعامين، 144 شهيداً وأكثر من خمسة آلاف مصاب جراء استخدام العنف المفرط والرصاص الحي والمتفجرات والقنابل الدخانية وهجمات ما عُرف بـ«مسلحي الطرف الثالث» من القناصين والعناصر المسلحة. وتقدّر منظمات غير حكومية وناشطون إجمالي ضحايا قمع التظاهرات في العراق بنحو 800 شهيد و25 ألف جريح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

بغداد/ تميم الحسن تتجه البلاد – على الأرجح – نحو جلسة برلمانية في نهاية الشهر الحالي من دون حسم أيٍّ من الرئاسات الثلاث، في مشهد يعيد إلى الأذهان انسداد عام 2022 حين دخلت العملية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram