واسط / جبار بچاي
تواجه غابة الشحيمية في قضاء الصويرة بمحافظة واسط تحديات كثيرة للحفاظ على هويتها وما تبقّى منها بعد أن نخرها الخراب وعبث الطارئين. فقد تعرّضت مساحات كبيرة منها إلى الاندثار نتيجة شح المياه، لتأتي ظاهرة الشواء من قبل المواطنين وتقضي على جزء آخر من الغابة، بعدما تحوّلت أشجارها إلى حطب. ودفع ذلك الفرق التطوعية في الناحية إلى تنظيم حملات لرفع النفايات ومخلفات الشواء، لكن من دون جدوى، إذ تتكرر الحالة يومياً، وتصل ذروتها خلال أيام العطل الأسبوعية والمناسبات. وأطلق ناشطون في الناحية مناشدات للوافدين إلى الغابة بضرورة المحافظة عليها وعدم قطع الأشجار أو ترك النفايات والمخلفات تتناثر في أرجائها.
يقول الناشط أحمد سعدي العيساوي إن «غابة الشحيمية في واسط واحدة من أهم الغابات في المحافظة وتمثل مقصداً سياحياً مهماً لأهالي قضاء الصويرة وناحية الشحيمية، خاصة في الأعياد والمناسبات، فهي محطة للتوازن البيئي والترفيهي للسكان هناك».
وأضاف أن «الغابة تضم المئات من الأشجار المعمّرة، وتفد إليها أنواع عديدة من الطيور المهاجرة في مواسم الهجرة، وبعضها يتكاثر داخل الغابة التي تحيط بها حقول القمح والقرى الفلاحية. فالمنطقة تتميز بالطابع الزراعي، ووجود غابة الشحيمية يدل على الاهتمام السابق بهذه المنطقة التي شهدت هجرة وافدة للعمل في مهنة الزراعة بعد إكمال استصلاح مشروع الشحيمية الزراعي ووجود مشروع كصيبة ومحطة أبقار كصيبة القريبة».
وذكر أن «الوضع الحالي للغابة لا يسر أحداً، فالأشجار المعمّرة تراجعت أعدادها بشكل مخيف، وما عادت الغابة تمتلك خصوصيتها السابقة، بل أصبحت أراضيَ جرداء بسبب شح المياه وعدم توفر الحصة المائية للغابة التي طالها الإهمال ونخرها الخراب والعبث».
ويوضح زميله أمجد التميمي أن «التراجع الكبير في هذه الغابة يعود لسببين رئيسين؛ أولهما عدم توفر مياه السقي، وثانيهما السفرات الترفيهية التي حوّلت أشجار الغابة إلى حطب للشواء من دون رحمة أو مراعاة لأهميتها البيئية والترفيهية».
وقال إن «من المؤسف أن كثيراً من العوائل ومنظمي السفرات يتركون المخلفات والنفايات تتطاير هنا وهناك، ما دفعنا للقيام بعدة حملات طوعية لجمع تلك النفايات وتوزيع الأكياس مجاناً للعوائل التي تفد إليها، لكن هناك من لا يلتزم للأسف». ودعا وزارة الزراعة ودائرة الغابات ومكافحة التصحر في الوزارة إلى «الاهتمام بهذه الغابة وتوفير التخصيصات المالية الكافية لتطويرها وتحديث أشجارها، وإنشاء سياج حاكم حولها، مع تعيين حراس وعمال خدمة للأشجار والأغراض الأخرى».
ولفت إلى «أهمية الغابات المنتشرة في عموم المحافظات ومنها واسط، فهذه المواقع ملاذات ترفيهية وسياحية جميلة، ويمكن الإفادة من أشجارها في الاستخدامات الصناعية، إضافة إلى كونها تمثل جزءاً من البيئة المستدامة، لذلك كان ينبغي الاهتمام بها من قبل وزارة الزراعة، وهي الجهة العليا التي تشرف على عموم الغابات».
وكان مشروع غابات واسط قد انطلق عام 1954 في مدخل مدينة الكوت بمساحة قدرها 1336 دونماً موزعة على موقعين؛ الأول في مدخل المحافظة، وتقع فيه إدارة المشروع بمساحة 840 دونماً، والثاني موقع الكرامة في الكارضية بمساحة 496 دونماً. وتوجد في محافظة واسط، التي تتميز بطابعها الزراعي، خمس غابات منفذة من قبل الشركة العامة للغابات والبستنة في وزارة الزراعة وهي: غابة الكوت بموقعيها «الكوت والكارضية»، وغابة شيخ سعد، وغابة الروضان في النعمانية، والشحيمية (90 كم شمال غرب الكوت)، وغابتا الحفرية والموفقية. ويبلغ مجموع مساحة تلك الغابات نحو 29 ألفاً و552 دونماً، وقد تعرضت جميعها لأضرار جسيمة في السنوات الأخيرة، تصل في بعض الغابات إلى 100 بالمئة، وأصبحت غير ذات جدوى ما لم يتم إحياؤها مجدداً.
يُذكر أن غابات واسط كانت في السنوات السابقة تجهّز دوائر الدولة والبلديات والمواطنين بمختلف الشتلات الملائمة للبيئة المحلية مثل اليوكالبتوس، والكازورينا، والأثل، والديدونيا، واللوسينيا، والأكاسيا، والأشنطونيا، وبأسعار مدعومة بنسبة عالية للإسهام في زيادة المساحات الخضراء.










