بغداد / عبدالله علي العارضي
في الوقت الذي تشهد فيه القارة الإفريقية واحدة من أوسع موجات التفشّي لفيروس ماربورغ منذ سنوات، تتسع دائرة القلق في العراق مع ارتفاع التحذيرات الدولية من خطورة الفيروس وسرعة انتشاره، خصوصًا بعد تسجيل إصابات في دولٍ لم يسبق لها التعامل مع المرض مثل رواندا وإثيوبيا وتنزانيا.
ومع كل بيان صحي يصدر من أفريقيا، تتضاعف الأسئلة لدى المواطنين العراقيين الذين باتوا يعيشون بين تأثير الشائعات من جهة وضعف الثقة بالإجراءات الصحية من جهةٍ أخرى، في ظل بنية طبية تعاني أصلاً من نقص الموارد وتباطؤ الاستجابة.
وفي 14 نوفمبر 2025، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية سجلت أول تفشٍّ مؤكد في تاريخها لفيروس ماربورغ، بعد تأكيد تسع حالات أولية، وقد لقي بعضُها حتفَها وفق نتائج المختبرات الوطنية. وقالت المنظمة في بيانها إنّ “الفيروسَ شديدُ الخطورة، ولا توجد حتى الآن أدوية معتمدة أو لقاحات مُرخّصة ضده”، محذِّرةً من أن التفشّي يُمثّل “خطرًا صحيًا مرتفعًا على مستوى البلد، ومقلقًا على مستوى الإقليم”، مع تأكيد ضرورة “تعزيز قدرات الكشف المبكّر، والعزل، والتتبّع، والتوعية المجتمعية”.
ورغم أن العراق لم يُسجّل أي إصابة مؤكدة حتى الآن، إلا أن ازدياد حركة السفر، وغياب الرقابة الصحية الصارمة على المنافذ، وتاريخ البلاد مع الأوبئة العابرة للحدود يجعل المخاوف حاضرةً بقوّة، خصوصًا مع التحذيرات التي تشير إلى قدرة الفيروس على الانتقال بسرعة تفوق أمراضًا أصبحت مألوفة في المنطقة مثل الحمى النزفية.
يقول حسن إسماعيل، مواطن من بغداد، في حديثه لـ(المدى): "نحن كمواطنين نعاني من الشائعات الكثيرة المنتشرة في كلّ مكان، خصوصًا في جانب الصحة والأمراض، ولهذا فإن تفشّي مثل هذا المرض يثير الرعب لدى المواطنين ونأمل أن تكون هناك إجراءات صحية حقيقية لمواجهة المرض بصورةٍ جدّية. بحسب الأعراض وطريقة انتقال المرض، فإنّ هذا الفيروس خطيرٌ جدًّا وقد ينتقل في الأوساط المجتمعية ويتفشّى بسهولةٍ وبشكلٍ أسرع من أمراضٍ أخرى مثل الحمى النزفية أو الإيدز. السيطرة على تفشّي مرضٍ بهذه الخطورة صعبة، خصوصًا مع قلّة المستشفيات وضعف جاهزيتِها. المشكلة ليست في الكوادر نفسها، المشكلة في التأخّر الإداري والروتين الذي يؤخّر اتخاذَ القرارات. أيُّ وباءٍ جديد يحتاج إلى سرعة استجابة، ونحن للأسف نعاني من بطءٍ في الإجراءات وهذا يقلّل قدرة الكوادر على المواجهة”.
ويقدّم ياسر جليل، حاصل على ماجستير في الأحياء المجهرية، لـ(المدى) شرحًا تفصيليًا عن الفيروس: " ماربورغ فيروس (Marburg virus) أو (MARV) هو أحد فيروسات الحمى النزفية.
يسبب فيروس ماربورغ داءَ فيروس ماربورغ لدى الإنسان والرئيسيات غير البشرية. هو فيروس شديد الخطورة قد تصل نسبةُ الوفيات فيه إلى 88%.
وُصف فيروس ماربورغ لأول مرة في عام 1967، ولوحِظ أثناء تفشّي داء ماربورغ في مدنٍ ألمانية مثل ماربورغ وفرانكفورت، وفي العاصمة اليوغوسلافية بلغراد. حدث ذلك بسبب تماس العمال الألمان مع أنسجة أحد أنواع القرود في منشأةٍ صناعية، وأصاب التفشّي 31 شخصًا توفّي منهم سبعة.
تعتبره منظمة الصحة العالمية ضمن المستوى الرابع في الكائنات الممرِضة (BSL-4)، وهو المستوى الأعلى للسلامة البيولوجية. وفي الولايات المتحدة يُصنّفه المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية كعامل من الفئة (A)، وتدرجه مراكز السيطرة على الأمراض كعاملٍ للإرهاب البيولوجي.
يمكن أن ينتقل الفيروس عبر أحد أنواع خفافيش الفاكهة، أو بين البشر عبر سوائل الجسم، بما في ذلك الجنس غير الآمن. ويسبّب المرض نزيفًا وحمى وأعراضًا مشابهةً للإيبولا. ولا يوجد علاج فعلي بعد الإصابة، لكن العلاج الداعم المبكّر يزيد فرصَ النجاة.
في عام 2009 بدأت تجارب سريرية على لقاحي الإيبولا وماربورغ في أوغندا، كما تمّ عزل الفيروس من خفافيش الفاكهة المصرية، ما يعزّز فرضيةَ دورها في دورة حياة الفيروس. أيضًا قد يبقى الفيروس في السائل المنوي لدى الناجين لمدة قد تصل إلى 203 أيام.
أما الأعراض فتبدأ بعد نحو خمسة أيام وتشمل إسهالًا مائيًا، صداعًا شديدًا، آلامًا في العضلات، قيئًا، وآلامًا في المعدة، مع احتمال نزيفٍ من العين أو الأنف أو الفم أو داخل الأعضاء”. ويرد سيف البدر، المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، في تصريح لـ(المدى) قائلاً: “هذا الفيروس لم تُسجّل أي إصابة به في بلدنا، والناقل له غير موجود طبيعيًا في بيئتنا.
مع ذلك، وزارة الصحة، من خلال دائرة الصحة العامة والمركز الوطني للأمراض الانتقالية ومختبر الصحة العامة المركزي، تتابع عن كثبّ كافة المستجدات في العالم والإقليم، وبالشراكة مع منظمة الصحة العالمية”.










