TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل نجمت عن الانتخابات معادلة معقدة في مجلس النواب؟

هل نجمت عن الانتخابات معادلة معقدة في مجلس النواب؟

نشر في: 3 ديسمبر, 2025: 12:01 ص

د. فالح الحمــراني

تواصل مراكز التحليل الدولية، بما في ذلك الروسية الاهتمام بانتخابات مجلس النواب في 11 تشرين الثاني وتضع السيناريوهات المختلفة للنتائج التي ستنجم عليها، وطبيعة اصطفاف القوى النافذة، ومآل الصراع بين القوى السياسية يشأن شخصية رئيس الوزراء المقبل، والتوجهات الاستراتيجية التي ستضعها الحكومة الجديدة، ودور القوى الإقليمية والخارجية في رسم الخارطة السياسية العراقية.
وضمن هذا السياق قيّم المحلل العسكري الروسي الشهير والمستشرق والأستاذ في الجامعة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، تاخيرغانييف، نتائج الانتخابات على النحو التالي: "اعتقدت بعض الأحزاب أن تحالف التنسيق سينهار. إلا أن هذه التوقعات لم تتحقق. فقد شكلت جميع المكونات مجتمعةً الكتلة البرلمانية الأكبر."
كما حظيت نتائج الانتخابات بتغطية إعلامية واسعة في الصحافة الدولية. وذكرت دويتشه فيله الالمانية أن "التحالفات الشيعية المقربة من إيران تشكل الفصيل الأكبر في مجلس النواب العراقي."
وفي قراءة اخرى ووفقا لتقرير معهد الشرق الأوسط في موسكو فقد تكون المعادلة الجديدة في مجلس النواب العراقي أكثر تعقيدًا من أي معادلة سابقة، لا سيما وأن معظم هذه الكتل البرلمانية الجديدة قد تطرح مشاريع قوانين تُعارض تطلعات العراق نحو دولة مدنية تضمن التفاعل مع مختلف شرائح المجتمع، وتعمل على إقرار تشريعات محلية وأجنبية مرفوضة، مثل قانون "حق التظاهر"، وقانون "جرائم المعلومات". ورغم أن قانون الأحزاب والانتخابات العراقي يحظر على الجماعات المسلحة المشاركة في الانتخابات والنشاط السياسي، إلا أن هذه الجماعات نجحت في تشكيل عشرات الأحزاب والكيانات السياسية، الأمر الذي يقول مراقبون إنه "يُشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل الديمقراطية والحياة السياسية في العراق". ومعظم هذه "الأحزاب الفئوية" عادة ما تكون أحزابا جديدة ضمن تحالف "سي إس" ، الذي يمثل مظلة للأحزاب الشيعية في البلاد. بالطبع، سيكون هذا العامل هو العامل الرئيسي في اختيار رئيس الحكومة الجديدة وتوزيع المناصب الوزارية ورؤساء الهيئات أثناء تشكيل الحكومة. ويشير المحللون إلى الاتجاهات التالية في هذه الانتخابات: 1. زيادة المشاركة. 2. فشل مقاطعة مقتدى الصدر للانتخابات. 3. زيادة أصوات الجماعات المقربة من قوات الحشد الشعبي. 4. الأحزاب الكردية المتحالفة مع الحزب الوطني الكردستاني تخسر مقاعدها. ٥. بقاء شخصيات سياسية "مناهضة للمعارضة" خارج مجلس النواب.
هذه المؤشرات، وفقًا لبعض الخبراء، تستبعد احتمال تفكك الوحدة السياسية الشيعية، التي استهدفتها قوى خارجية.
وبرأي آخر: ماذا كشفت انتخابات ٢٠٢٥؟ يرى معلقون سياسيون أن التفوق الواضح للتحالف الشيعي في انتخابات ٢٠٢٥ يُمثل نقطة تحول، ليس فقط من حيث عدد المقاعد، بل أيضًا من حيث النزاهة السياسية للعراق. ووفقًا لتحليل راجع تطورات العراق، تم تحديد النقاط المرجعية التالية في الحياة السياسية للبلاد:
١. الضغوط الخارجية التي شكلت السياسة العراقية منذ دستور ٢٠٠٥، ٢. حملات مقاطعة الانتخابات في عام ٢٠٢١، ٣. مشاريع "الانقسام الشيعي" في عام ٢٠٢٥. لم يلق هذا صدىً كما هو متوقع في المجتمع العراقي. ووفقًا للمحللين، تُمثل نسبة المشاركة في الانتخابات، التي بلغت ٥٧٪، "استجابة جماعية من الشعب العراقي للضغوط السياسية".
وتعتبر اللجان التي ستُنشأ في المرحلة الجديدة، والبرنامج الحكومي القائم على معايير مهنية، بمثابة مؤشرات على "الانتقال إلى حوكمة معتدلة وعقلانية ووطنية". ونتيجةً لذلك، يصف بعض المحللين الانتخابات العراقية لعام ٢٠٢٥ بأنها "رد فعل تاريخي" للبلاد على التدخل الخارجي، ويُقدمون التقييم التالي: "أعلنت هذه الانتخابات نهاية فترة التحكم عن بُعد في العراق". أظهرت هذه النتائج أن الأغلبية السياسية الشيعية حافظت على نزاهة عملها رغم اتهامات التدخل الخارجي في العملية الانتخابية. وقد أكدت ذلك نتائج الانتخابات البرلمانية لعام ٢٠١٨.
ويُعلن تحالف التنسيق نفسه "الكتلة الأكبر". ووفقًا لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، عُقد اجتماع تحالف التنسيق في مكتب رئيس الائتلاف حيدر العبادي ببغداد. وتم التأكيد على أن المرحلة الجديدة تتطلب "تعاونًا وطنيًا واستقرارًا سياسيًا". وأُشير إلى أن الالتزام بالجداول الزمنية الدستورية أساسي لانتقال منظم وقانوني للسلطة. ووقّع أعضاء التحالف وثيقةً مشتركةً تنصّ على أن "هيكل التنسيق" كتلةٌ ذات أغلبيةٍ برلمانية، وبالتالي انتقلت رسميًا إلى هذا التحالف صلاحية اختيار مرشحٍ لرئاسة الوزراء.
كما اتُّخذ قراران: 1. تشكيل لجنةٍ لإعداد البرنامج الوطني للحكومة الجديدة. 2. إجراء مقابلاتٍ مع المرشحين لرئاسة الوزراء وفق معايير مهنية. كما ناقش الاجتماع المعايير التي يجب أن يستوفيها رئيس الوزراء الجديد، وأولويات الحكومة الجديدة في القطاعات السياسية والاقتصادية والخدمية. وفقا لنظام المحاصصة في توزيع المناصب، ووفقا للحصص داخل نفس المكون، فإن كل كتلة تفوز بـ 7 مقاعد في مجلس النواب ستحصل على وزارة أو منصب في الحكومة ، وأصغرها ستكون مناصب الأجهزة والإدارات الحكومية والمؤسسات المستقلة مثل أجهزة المخابرات والأمن الوطني وجهاز مكافحة الإرهاب ولجنة الإعلام والاتصالات وإدارة الحج والمعابر الحدودية ونواب الوزراء والمديرين العامين ، مما يعني أن كل كتلة تحصل على 7 مقاعد في مجلس النواب، أن تمنح هذه الجماعات المسلحة مناصب قيادية في الدولة العراقية.
وفي هذا السياق، وصف عضو في مجلس النواب العراقي المنتهية ولايته الدورة البرلمانية الجديدة بأنها " أعلى تمثيل لأطراف الجماعات المسلحة." وبحسب النائب العراقي الذي رغب في عدم الكشف عن هويته فإن "معظم هذه الأحزاب والأجنحة تشكلت لمدة عام أو أكثر، مما يعني أن هناك توجيهات أو اتجاها مركزيا لجذب وتأسيس وجود وثقل كبير في مجلس النواب "، موضحا أنها "تشكلت من قبل شخصيات سياسية غير مسجلة في تقارير الفصائل". أو قوات الحشد الشعبي. إنهم ليسوا في الواقع قادة الأحزاب المسجلة في دائرة الحزب، لكنهم يدعمون هذه الأحزاب ويمثلونها سياسيا وفي مجلس النواب. يمكن فهم الوجود القوي للجماعات على أنه انتقال تدريجي من ساحات المواجهة العسكرية إلى الأشكال السياسية، والذي نتج عن تحولات كبيرة في المنطقة، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد والسيد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية الأخيرة المفروضة على الجماعات العراقية. وستشكل هذه الأحزاب مشكلة خطيرة للدولة العراقية وهشاشة الديمقراطية في البلاد وتضعف قناعة العالم الخارجي بوجود عملية ديمقراطية، خاصة أن هذه الأحزاب ستنخرط في العمل السياسي، وقد تؤدي عملية التفاوض بشأن أي قضية سياسية إلى احتمال تهديد المواجهة المسلحة فيما بينها أو ، ربما ، مع المعارضين والسياسيين على دفعات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram