علي حسين
لم تكن الفتاة النحيلة التي ولدت في بغداد وعاشت طفولتها في الناصرية وصباها في الكوت ، وشبابها في أروقة دار المعلمين العالية ، ودرّست الاطفال في الانبار إنها ستغيّر اسمها ذات يوم من فخرية عبد الكريم الى " زينب " ، وتقف الى جانب فنان الشعب يوسف العاني في سعيد أفندي وخليل شوقي في النخلة والجيران لتروي حكايات العراقيين ، وتنقل لنا فقر حالهم ممزوجاً بعذابات المرأة العراقية ..اسمحوا لي إذن في هذه الزاوية المتواضعة أن أتذكر اسماً تاه عني ، لكنه لن يتيه عن ذاكرة العراقيين ، نتذكر زينب الفنانة والإنسانة والمناضلة ، ، مثلما نتذكر سيدة عراقية كبيرة اسمها نزيهة الدليمي ظلت تحلم حتى آخر يوم في حياتها بصورة لعراق جديد شعاره المستقبل وغايته إسعاد الناس وبثّ الأمل في نفوسهم، جاءت نزيهة من عائلة فقيرة، مثلما كانت عائلة زينب متوسطة الحال، نقلت نزيهة فقر حالها ووعيها وعذابات المرأة العراقية إلى كل عمل سياسي واجتماعي قامت به ، فيما أصرت صبيحة الشيخ داود على أن تكون المدافعة عن حقوق جميع العراقيين ،ومثلما التفتت نازك الملائكة لتجد حولها مجموعة من دعاة التنوير الثقافي كان القاسم المشترك بينهم لم يكن حبّ السياسة ولا الاستمتاع بسحر الثقافة ، بل لأنهم من جيل مأخوذ بحبّ الوطن وبالإصرار على أن ينشغلوا بهموم الناس .
هل كانت نزيهة الدليمي او الطبيبة العبقرية سانحة امين زكي او زكية خليفة يوماً أنّ الوطنية لم تعد طريقا إلى عقول الناس وقلوبهم، وأننا تحولنا الى بلاد تسعى لتدريس فوائد الطائفية على شعوب الأرض ، مثلما لم تكن زينب تعتقد أن العراقيين سينشغلون بحكايات وتحريم مصافحة المرأة ، بينما تنسحب القيم الوطنية والثقافة الى الوراء.
اليوم أصبح العالم مسكوناً بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان أو حكومة في أية بقعة من العالم من دون النساء، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دو بوفوار في كتابها "الجنس الآخر"، عندما أطلقت عبارتها الشهيرة : لا "يولد المرء امرأة بل يصبح كذلك". وقد أثار الكتاب في حينه ضجة كبيرة في فرنسا وخارجها، وقبل سيمون أطلق شاعرنا الزهاوي دعوته الشهيرة لمنح المرأة حقوقها:
وكل جنس له نقص بمفرده
أما الحياة فبالجنسين تكتمل
من اجل المراة يحتفي معرض العراق الدولي للكتاب بسيرة النساء العراقيات ، حيث اختار شعاره " نون النسوة " حرصاً منه على تعربف الاجيال بمئة قامة قامة نسوية مرموقة تركن بصمات لافتة على صعيد الأدب والفكر والثقافة والسياسة والطب والمحامات ، وبقيت منجزاتهن خالدة بعد أكثر من مئة عام على نشوء الدولة العراقية ، وبقيت أعمالهن أساس يمكن الانطلاق منه لمواصلة الجهود الثقافية والمعرفية التي تدفع باتجاه ترسيخ مكانة المراة العراقية .










جميع التعليقات 1
احمد عبد الرزاق شكارة
منذ 2 أسابيع
الاستاذ السيد علي حسين المحترم تحياتي وتمنياتي بوافر الصحة والعافية. والسداد لشخصكم الكريم . حسنا فعلت مؤسسة المدى بإطلاق عنوان نون على الدورة السادسة لمعرض الكتاب تكريما للمرأة العراقية التي كرست انموذجا حيا لنجاح المرأة في مجالات الحياة.