TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > فتيات الموصل يكتشفن فرصاً جديدة في سوق العمل عبر ورش الذكاء الاصطناعي

فتيات الموصل يكتشفن فرصاً جديدة في سوق العمل عبر ورش الذكاء الاصطناعي

نشر في: 4 ديسمبر, 2025: 12:08 ص

 الموصل/سيف الدين العبيدي

في خطوة غير مسبوقة بالمدينة، بدأت فتيات الموصل التعرف على تقنيات الذكاء الاصطناعي واستخدامها في صناعة المحتوى الرقمي والإعلانات من خلال ورشة عملية نظمتها منظمة "ريادة وقيادة" ضمن مشروعها "مهنتي"، المدعوم من جمعية "فعل الخيرات". هذه الورشة تعتبر الأولى من نوعها في المدينة، وتستهدف تمكين الشابات وإكسابهن مهارات مهنية تواكب التطورات التقنية الحديثة، وتفتح أمامهن أبواب فرص عمل جديدة في سوق يمر بتحديات كبيرة.

لطالما ارتبط الذكاء الاصطناعي في نظر بعض أفراد المجتمع بالخوف من فقدان الوظائف أو التحولات التقنية المفاجئة، إلا أن المشاركات في الورشة أكدن أن هذه التقنية أصبحت أداة مساعدة وفعالة لإنجاز الأعمال بسرعة وكفاءة، سواء في صناعة الإعلانات أو تطوير المحتوى التعليمي.
وقد ركزت الورشة على تعليم الفتيات استخدام سبعة تطبيقات مختلفة تعمل بشكل تكاملي لإنتاج محتوى مرئي ومكتوب عالي الجودة، بعيداً عن الاعتماد الكلي على التطبيقات الشائعة فقط مثل "جات جي بي تي".
الدكتور بشار الطالب، مدير المشروع والمنظمة، أوضح لـ(المدى) أن الورشة تمثل جزءاً من سلسلة ورش مهنية قدمتها المنظمة منذ عام 2023، شملت مجالات متنوعة مثل تصليح الأجهزة الكهربائية، الحدادة، إدارة الحفلات، أتيكيت خدمة المطاعم، وتربية النحل، إلى جانب الزراعة وإدارة الصفحات الإلكترونية. ويهدف المشروع إلى استقطاب المتسربين عن العمل والأيتام والمعيلين، وتمكينهم من تعلم مهن قابلة للتطبيق عملياً داخل المنزل أو في بيئات العمل المختلفة، بما يسهم في تحسين دخلهم الاقتصادي وتعزيز استقلاليتهم المالية.
وأضاف الطالب أن ورشة الذكاء الاصطناعي ركزت على الجانب العملي لتعليم المشاركات كيفية إنتاج محتوى متكامل باستخدام الصوت والصورة والفيديو والنصوص، بما في ذلك التعديلات والتحويل بين صيغ المحتوى المختلفة. كما أشار إلى أن بعض الشركات المحلية قد أبدت اهتمامها بالعمل مع الفتيات اللواتي أكملن الورشة، لاسيما في مجال التسويق الرقمي، ما يفتح أمامهن فرصاً مهنية جديدة، ويثبت أن التقنية ليست تهديداً وإنما أداة تمكين.
ويؤكد الطالب أن للذكاء الاصطناعي مزايا عديدة أبرزها اختصار الوقت وتسهيل تعديل الأفكار وإعادة إنتاجها بصيغ مختلفة. وقد لجأ العديد من المدرسين لاستخدام التطبيقات لتحويل نصوص محاضراتهم إلى محاضرات مسموعة ومرئية، ما يعزز جودة التعليم ويخفف من الضغط على المدرسين، ويساهم في دمج التقنية ضمن العملية التعليمية بطريقة فعالة.
من جهة أخرى، تطرق الطالب إلى الورش النادرة في الموصل، مثل ورشة أتيكيت خدمة المطاعم، وأشار إلى أنها تلبي حاجة ماسة في المدينة، خاصة مع وجود العديد من المطاعم التي تتطلب كوادر مؤهلة، لا سيما في المطاعم الفاخرة، ما يوفر فرص عمل للشباب ويزيد من جودة الخدمات. وأكد أن المنظمة تخطط لإطلاق ورش جديدة في نهاية العام الحالي لتلبية الاحتياجات المستمرة لسوق العمل المحلي.
وفي سياق التطلعات المستقبلية، كشف الطالب أن خطة عام 2026 تشمل تقديم ورش متخصصة في مجالات الطاقة الشمسية، الزراعة المائية، التجارة الإلكترونية، العلاج الطبيعي، وتركيب أبراج الاتصالات، موضحاً أن هذه المهن تمثل حاجات جديدة لسوق العمل المحلي وتواكب التطورات الاقتصادية والتقنية في العراق. كما أشار إلى أن الاستفتاءات التي تجريها المنظمة بين المواطنين في نينوى بينت وجود نقص في الكوادر المتخصصة في بعض المجالات، مثل تصفيف "البورسلين" بأحجام محددة، داعياً الشباب إلى التفكير خارج إطار التعيين الحكومي والتركيز على القطاع الخاص، الذي قد يوفر فرصاً مالية أكبر. من جانبها، تحدثت إحدى المشاركات في الورشة، المعلمة إسراء محمود، عن تجربتها الشخصية في استخدام التطبيقات لتطوير محتواها التعليمي والإعلامي. وأوضحت أنها تركز على صناعة الفيديوهات الترويجية للسياحة والثقافة، حيث قامت بعمل محتوى عن مسلة حمورابي في متحف اللوفر أظهر المتحف بطريقة تفاعلية للمشاهد، وفيديو آخر عن السياحة في سويسرا.
كما أضافت أن الذكاء الاصطناعي يساعدها في تحسين النصوص وتصحيح الأخطاء الإملائية، ما يجعل كتاباتها جاهزة للنشر مستقبلاً عند توفر الفرصة. وأكدت أن المعرفة المكتسبة تفيدها أيضاً في التعليم، خاصة في طرق تدريس اللغة الفرنسية للصفوف الأولى والثانية، وتطوير أساليب تعليمية مبتكرة تتناسب مع قدرات الطلاب.
أما طيبة شامل، وهي مشاركة أخرى تعمل في مجال الإعلانات، فقد أشارت إلى أن تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي ساعدها في إنجاز محتوى إعلاني دون الحاجة للتنقل إلى مواقع التصوير، ما وفر عليها الكثير من الوقت والجهد، كما مكنها من تطوير أفكار جديدة والعمل بكفاءة أكبر. وأكدت أن الاعتماد على أكثر من خمسة تطبيقات في الوقت ذاته ساعدها على إنتاج محتوى متكامل، وأظهرت أن إيجابيات هذا المجال تتفوق على السلبيات، ما يعزز فرص استمرارها في هذا العمل مستقبلاً.
تعد هذه الورشة خطوة نوعية في الموصل، ليس فقط لتمكين الفتيات من اكتساب مهارات تقنية متقدمة، وإنما أيضاً لتغيير النظرة المجتمعية نحو الذكاء الاصطناعي، من خطر محتمل إلى أداة إنتاج وإبداع وخلق فرص اقتصادية جديدة.
كما تؤكد التجربة أهمية استثمار الموارد المحلية والمبادرات الخيرية في دعم برامج تدريبية مستدامة تواكب متطلبات سوق العمل، وتفتح المجال أمام الشباب لإطلاق مشاريعهم الخاصة والاستفادة من الابتكارات الحديثة في مجالات متعددة، بما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

الجلسة الأولى للبرلمان: الرئاسة والنائب الأول في قلب الخلاف

بغداد/ تميم الحسن تتجه البلاد – على الأرجح – نحو جلسة برلمانية في نهاية الشهر الحالي من دون حسم أيٍّ من الرئاسات الثلاث، في مشهد يعيد إلى الأذهان انسداد عام 2022 حين دخلت العملية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram