 المدى/متابعة

حذر هاني إسليم، المسؤول عن تنسيق عمليات الإجلاء الطبي من غزة لصالح منظمة "أطباء بلا حدود"، الدول حول العالم من استمرار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع الفلسطيني، مطالبًا بفتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من المرضى المحتاجين إلى علاج عاجل خارج غزة، محذرًا من أن المئات فقدوا حياتهم أثناء انتظارهم للإجلاء الطبي.
وقال إسليم، في حديث من مقر المنظمة في جنيف، بعد مرافقة عدد من الأطفال المصابين بأمراض خطرة إلى سويسرا لتلقي العلاج، إن "الأعداد التي استقبلتها الدول حتى الآن لا تشكل سوى قطرة في محيط"، مشيرًا إلى أن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن أكثر من 8 آلاف مريض تم إجلاؤهم منذ اندلاع الحرب، فيما لا يزال أكثر من 16,500 مريض بحاجة إلى العلاج خارج القطاع.
وأضاف إسليم: "هذا الرقم يعتمد فقط على المرضى المسجلين للإجلاء الطبي، والرقم الحقيقي أعلى بكثير، إذ نتوقع أن يكون العدد بين ثلاثة وأربعة أضعاف هذا الرقم". وأكد أن الكثير من المرضى يعانون من أمراض مزمنة مثل السرطان وأمراض الكلى والقلب، إلى جانب إصابات حادة ناجمة عن القصف المستمر.
حتى الآن، استجابت أكثر من 30 دولة لطلبات الإجلاء الطبي من غزة، لكن الاستجابة لا تزال محدودة، ولا تشمل معظم الدول الكبرى. وفي أوروبا، استقبلت إيطاليا أكثر من 200 مريض، بينما لم تستقبل دول كبرى مثل فرنسا وألمانيا أي مريض، ما أثار انتقادات واسعة من المنظمات الإنسانية.
وتشير البيانات إلى أن النظام الصحي في غزة يعاني انهيارًا شبه كامل، نتيجة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، وانقطاع الكهرباء، وتدمير المستشفيات. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من نصف المستشفيات في القطاع من توقف جزئي أو كامل، كما أن أكثر من 70% من الأدوية الأساسية نفدت، مما يضاعف مخاطر وفاة المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية عاجلة. ويأتي هذا التحذير في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق، مع حصار مشدد على غزة يعيق وصول المساعدات الطبية والغذائية إلى السكان. وقد حذرت الأمم المتحدة مرارًا من كارثة صحية وشيكة إذا لم يتم تسهيل عمليات الإجلاء الطبي، خصوصًا للأطفال وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة.
يذكر أن عمليات الإجلاء الطبي تواجه تحديات كبيرة، تشمل الإجراءات البيروقراطية، محدودية الرحلات الجوية، والخوف من استهداف القوافل الإنسانية، ما أدى إلى وفاة العشرات من المرضى قبل وصولهم إلى أماكن العلاج.
وفي هذا السياق، تدعو "أطباء بلا حدود" جميع الدول، خصوصًا الكبرى منها، إلى تسريع استجاباتها وتخصيص أماكن إضافية لاستقبال المرضى من غزة، مع ضمان نقلهم بأمان إلى المستشفيات خارج القطاع لتلقي العلاج الذي يحتاجونه. ويؤكد إسليم أن هذه الجهود ليست رفاهية إنسانية، بل مسألة حياة أو موت للآلاف من السكان الذين لا يمكنهم الحصول على الرعاية الضرورية داخل القطاع المحاصر.
ويعيش قطاع غزة أزمة صحية وإنسانية خانقة منذ اندلاع الحرب الأخيرة، حيث أدى القصف المستمر ونقص الموارد الطبية إلى ارتفاع معدلات الوفاة بين المرضى الذين يحتاجون رعاية عاجلة. منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية و"أطباء بلا حدود" تحذر من كارثة إنسانية، مع تزايد أعداد المرضى الذين لا يستطيعون الحصول على العلاج داخل القطاع. ويواجه المجتمع الدولي ضغوطًا لتسهيل الإجلاء الطبي وتقديم الدعم المستدام للنظام الصحي في غزة.