ذي قار / حسين العامل
حذّر المشاركون في أعمال المؤتمر البيئي الذي عُقد في جامعة ذي قار من تداعيات المتغيرات المناخية على البيئة والسكان المحليين، ودعوا إلى تعزيز تعاون مشترك بين المؤسسات الحكومية والأكاديمية والمجتمعية لدعم البرامج العلمية والجهود الميدانية الهادفة إلى حماية البيئة.
يأتي ذلك في ظل جملة من التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية وأزمة المياه التي تواجهها محافظة ذي قار في الوقت الحاضر وخلال السنوات الأخيرة، إذ تعرض نحو 90 بالمئة من مساحات الأهوار في المحافظة للجفاف، وتضررت مئات القرى من شح المياه، فضلاً عن نزوح وهجرة أكثر من 10 آلاف أسرة من مناطق سكناها. وفقد معظم سكان الأهوار والقرى التي طاولها الجفاف خلال الأعوام المذكورة مصادر دخلهم المتمثلة بالزراعة وصيد الأسماك وتربية المواشي، فيما تفاقمت آثار التصحر والعواصف الغبارية على حياة السكان المحليين.
وبحث المشاركون في المؤتمر البيئي، الذي نظمه فريق «أصدقاء المياه» بالتنسيق مع جامعة ذي قار، عدداً من القضايا والملفات البيئية والتحديات التي تواجه المحافظة جراء المتغيرات المناخية، وذلك بحضور ناشطين ومهتمين بالشأن البيئي وممثلين عن مختلف القطاعات الاجتماعية والتخصصات الأكاديمية، فضلاً عن مسؤولين حكوميين وصناع قرار. وأعرب الفريق المنظم للمؤتمر عن تحرك لتشكيل تحالف للمدافعين عن البيئة في محافظة ذي قار.
وفي حديث لـ«المدى»، قال رئيس لجنة التصحر والجفاف والتغيرات المناخية في ذي قار، حيدر سعدي، إن «المؤتمر ناقش أبرز التحديات التي تواجه المحافظة في ملفي التصحر والجفاف»، مشيراً إلى تقديم دراسات وأوراق علمية تناولت تأثيرات التغيرات المناخية على الموارد المائية والغطاء النباتي».
وتطرّق سعدي، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، إلى ما طرحه المشاركون في المؤتمر حول ضرورة تعزيز التعاون المشترك بين المؤسسات الحكومية والجامعات والمنظمات المدنية، وأهمية ذلك في دعم الجهود العلمية والميدانية الرامية إلى حماية البيئة.
ويرى سعدي أن «محافظة ذي قار تواجه في الوقت الراهن تحديات بيئية معقدة، وفي مقدمتها التصحر والجفاف، وأن مواجهة هذه التحديات تتطلب تعزيز الشراكات بين مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية للحد من آثار التغيرات المناخية»، مشدداً على أهمية دعم مبادرات حماية البيئة.
وأشار رئيس لجنة التصحر والجفاف والتغيرات المناخية إلى أنه «تقرر تشكيل شبكة من المدافعين عن البيئة في محافظة ذي قار تضم 100 عضو، لرصد تداعيات المتغيرات المناخية في مختلف المناطق المتأثرة بالجفاف». وأضاف أن «الشبكة ستقوم بنشاطات توعوية تساعد السكان المحليين على التعامل مع أزمة المياه والتخفيف من آثارها البيئية والمجتمعية»، مبيناً أن «أعضاء الشبكة سيعتمدون استمارة رصد علمية لجمع البيانات وتقديم نتائجها إلى الجهات الحكومية المعنية».
وفي ختام المؤتمر البيئي، دعا المشاركون إلى تبنّي مبادرات مستدامة لمواجهة التحديات المناخية والحد من آثارها، مع التشديد على رفع الوعي المجتمعي.
وبالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، كشفت محافظة ذي قار في 17 حزيران 2025 عن زحف الجفاف على أكثر من 87 بالمئة من مناطق الأهوار والأراضي الرطبة، وتسجيل أكثر من 10 آلاف نازح بيئي، داعية إلى إدارة ملف المياه والمفاوضات مع دول الجوار من قبل خبراء ومختصين، وإلى اعتماد سياسة تقاسم الضرر الناجم عن أزمة المياه.
كما حذّر اتحاد الجمعيات الفلاحية في ذي قار مطلع تشرين الثاني 2025 من مخاطر بطالة الفلاحين الناجمة عن إلغاء الخطة الزراعية وجفاف الأنهار المغذية لأراضيهم. وأكد الاتحاد تعرض مربي المواشي لخسائر فادحة نتيجة نفوق آلاف رؤوس الجاموس والأبقار، داعياً إلى إعادة النظر بالسياسة المائية والزراعية وتجهيز المربين بالأعلاف المدعومة.
وشهدت مساحات الخطة الزراعية للموسم الشتوي في ذي قار تراجعاً كبيراً خلال الأعوام الأخيرة، فبعد أن كانت تُقدّر بـ438 ألف دونم عام 2016، انخفضت إلى 135 ألف دونم عام 2022، ثم إلى 450 دونماً فقط عام 2025، واقتصر ريّها على الآبار الارتوازية، فيما تم تصفير الخطة الصيفية في العام ذاته.
وفي أواسط تشرين الأول 2025، كشفت المصادر والبيانات الرسمية المتعلقة بآثار الجفاف والتغيرات المناخية في محافظة ذي قار عن هلاك أكثر من 15 ألف رأس جاموس ونحو ألفي رأس من الأبقار خلال ثلاث سنوات فقط، وهو ما تسبب بخسائر فادحة لمربي المواشي، فيما تمثل الدعم الحكومي للتخفيف من الضرر بمبادرة رئاسية تقضي بتجهيز المربين بحصة مجانية واحدة من أعلاف النخالة والمولاس قدرها 45 كيلوغراماً.









