ميسان / مهدي الساعدي
دعا ناشطون ومهتمون بيئيون في ميسان الحكومة المحلية والجهات ذات العلاقة إلى حماية الطيور المهاجرة، ومنها طيور «الفلامنكو» (النحام)، التي تتميز بجمال شكلها وهيئتها والمعروفة محلياً باسم «الغرنوك»، فيما نظم العديد منهم حملات إعلامية عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأجمل مهتمون بالوضع البيئي أهم المخاطر التي تتعرض لها الطيور المهاجرة، ومنها الطيور المهددة بالانقراض، وفي هذا الصدد أشار حيدر عدنان، رئيس منظمة «أبناء الأهوار»، لصحيفة «المدى» قائلاً: «تواجه الطيور المهاجرة إلى محافظة ميسان مجموعة من المخاطر، منها الصيد الجائر بمختلف أنواعه وبأعداد كبيرة جداً تصل إلى الآلاف يومياً في بعض الفترات؛ مما يقلص أعدادها ويهدد وجودها، ويشمل الصيد كافة أنواع الطيور، ويشكل هذا الجانب المظلم من الصيد الجائر مشكلة كبيرة على البيئة والتنوع الأحيائي في الأهوار».
وتأتي تصاعد مناشدات الناشطين والمهتمين بالجانب البيئي بعد انتشار صور ومقاطع فيديو لطيور «الفلامنكو» وهي أسيرة بيد الباعة بعد صيدها من أماكن وصولها، التي وثقتها كاميرات مهتمين وقت وصولها إلى مناطق في محافظة ميسان. كما حدد رئيس منظمة «أبناء الأهوار» في ميسان أسباباً أخرى تهدد وجود الطيور المهاجرة، منها التلوث البيئي والتغيرات المناخية، وأكد لصحيفة «المدى» أن «التلوث البيئي والجفاف في مناطق الأهوار يشكلان خطراً كبيراً على حياة الطيور المهاجرة؛ بسبب انتشار الأمراض نتيجة زيادة تلوث المياه، وكذلك الجفاف الذي يضرب الأهوار ويقلص المسطحات المائية، كما تعتبر التغيرات المناخية وتأثيراتها، مثل هطول الأمطار التي انخفضت في السنوات الأخيرة وساهمت بمشكلة الجفاف، وأيضاً ارتفاع درجات الحرارة، تحدياً كبيراً لاستقرار الطيور في الأهوار والمستنقعات وجميع أماكن تواجدها».
وفي الشأن ذاته، أكد ناشطون بيئيون ضرورة تفعيل القوانين التي تحمي الطيور من الصيد الجائر، وتشديد إجراءات الرقابة على مكاتب بيع السلاح، ومتابعة صيادي الشباك. وفي هذا الصدد، بيّن المستكشف والناشط البيئي أحمد جاسم لصحيفة «المدى» قائلاً: «نطالب بحماية الطيور المهاجرة من خلال عدة طرق، منها مراقبة المكاتب التي تبيع سلاح الصيد بأنواعه، ومتابعة إصدار الهويات وترقيم الإطلاقات النارية ووجوب حصرها بعدد معين، كما نشدد على مصادرة سلاح الصيد إذا كان يحمل إطلاقات أكثر من المقرر، ومتابعة صيادي الطيور بطريقة الشباك (الدواشة) وإخضاعها لعدد من الضوابط، منها الالتزام بالأعداد والترخيص واستصدار هويات خاصة من أجل تقليل الصيد للمحافظة على الطيور».
وشدد متابعون بيئيون على وجود أنواع كثيرة من الطيور المهاجرة التي تقع تحت طائلة الصيد الجائر، ولكن طائر «الفلامنكو» أخذ جزءاً واسعاً من الاهتمام، وهذا ما أشار إليه المتابع للوضع البيئي سعد جاسم لصحيفة «المدى» بقوله: «أخذ طائر الفلامنكو الحصة الأكبر من تسليط الضوء على الصيد الجائر لعدة أسباب، منها شهرة هذا الطائر وجماليته، ولكن هناك طيور مائية أخرى تتعرض للصيد بشكل كبير أيضاً وبصورة مستمرة، خصوصاً وقت ورودها للعراق وبالتحديد في فصل الشتاء لغلاء ثمنها، ومنها طائر (الخضيري) وهو (البط الخضري) الذي تصل أسعاره في الأسواق إلى 60 ألف دينار عراقي وأكثر للزوج الواحد وتسمى أنثاه (مسكة)، وهناك أيضاً طائر (الهربان) و(البربش) و(الجوشم) وغيرها من الطيور». وأكد جاسم أن «الطيور المهاجرة لم تعد تفد إلى مناطق الأهوار بشكل كبير كما كانت في الماضي لعدة أسباب، منها الجفاف وما يترتب عليه من قلة غذائها؛ لذا يجب مراعاة ذلك خصوصاً من قبل الجهات المختصة وتنظيم عمليات الصيد».
وحول كيفية توفير الحماية اللازمة للطيور المهاجرة، أوضح الأكاديمي والأستاذ الجامعي علي محسن لصحيفة «المدى» ضرورة «وضع خطط مستدامة لحماية الطيور المهاجرة، وفي مقدمتها ضمان الإطلاقات المائية نحو الأهوار، وتشديد القوانين الخاصة بالصيد الجائر»، ويضيف: «كما لابد من الإشارة إلى دعم المجتمعات المحلية وتوعيتها بأهمية الحفاظ على التنوع الأحيائي، باعتبار أن حماية الطيور هي حماية لمصادر رزقهم ومستقبلهم». وشدد محسن على أن «الأهوار ليست مجرد بيئة طبيعية، بل تمثل هوية إنسانية وحضارية للعراق، وحماية الطيور المهاجرة فيها واجب وطني وأخلاقي يتطلب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لضمان بقاء هذا الإرث البيئي حياً للأجيال القادمة».









