المدى/متابعة
تلقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعماً سياسياً قوياً من القادة الأوروبيين وكندا، عشية لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الولايات المتحدة، في وقت تشهد فيه الحرب الروسية – الأوكرانية تصعيداً ميدانياً لافتاً، يعكس تعقيدات المشهدين العسكري والسياسي معاً.
ووصل زيلينسكي إلى مدينة هاليفاكس الكندية في محطة أولى ضمن جولته باتجاه فلوريدا، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الأميركي، وذلك في ظل مساعٍ أوكرانية حثيثة لتثبيت الدعم الغربي وضمان استمراريته، لا سيما مع عودة ترامب إلى واجهة القرار الأميركي، وما يرافق ذلك من تساؤلات حول مستقبل الموقف الأميركي من الحرب.
وجاء تحرك زيلينسكي الخارجي بعد ساعات من شنّ روسيا ضربات مكثفة استهدفت العاصمة كييف ومحيطها، في واحدة من أعنف الهجمات خلال الأسابيع الأخيرة. واعتبر الرئيس الأوكراني أن هذه الضربات تمثل «دليلاً واضحاً على أن روسيا لا تريد إنهاء الحرب»، في رسالة سياسية موجهة إلى شركائه الغربيين، مفادها أن أي حديث عن تسوية أو وقف لإطلاق النار لا يزال يصطدم بالواقع الميداني.
وفي كندا، عقد زيلينسكي اجتماعاً عبر تقنية الفيديو مع عدد من القادة الأوروبيين، شكّل مناسبة لإعادة التأكيد على وحدة الموقف الغربي. وخلال الاجتماع، ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ«الموجة الجديدة من الضربات الروسية»، معتبراً أنها تكشف «تناقضاً صارخاً بين رغبة أوكرانيا في بناء سلام دائم، وإصرار روسيا على إطالة أمد الحرب وفرض الوقائع بالقوة».
من جانبه، أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن زيلينسكي يحظى «بالدعم الكامل» من القادة الأوروبيين وكندا، مشدداً على أن الجهود المبذولة من أجل «سلام دائم وعادل في أوكرانيا» ستستمر «بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة»، في إشارة إلى أهمية العامل الأميركي في أي مسار سياسي مقبل.
هذا الدعم الأوروبي – الكندي يأتي في سياق قلق متزايد داخل العواصم الغربية من مرحلة ما بعد الانتخابات الأميركية، حيث لطالما أبدى ترامب مواقف متحفظة تجاه حجم الدعم العسكري والمالي المقدم لأوكرانيا، داعياً في أكثر من مناسبة إلى «إنهاء سريع للحرب» دون توضيح آليات ذلك، ما أثار مخاوف كييف من احتمال ممارسة ضغوط عليها للقبول بتنازلات سياسية أو جغرافية.
وفي هذا الإطار، كشف البيت الأبيض، عن عقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ونقلت قناة CBS News ووسائل إعلام أميركية أخرى عن زيلينسكي أن اللقاء سيبحث «الضمانات الأمنية لأوكرانيا» إضافة إلى «خطة سلام من 20 بنداً» تعمل كييف على تسويقها دولياً.
وفيما لم يصدر بيان رسمي مفصل عن البيت الأبيض، أكدت تقارير لوسائل إعلام أن الاجتماع سيعقد في منتجع مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا، يوم الأحد، وأن البيت الأبيض أكد مبدئياً انعقاده من دون الإعلان عن توقيته الدقيق.
وتسعى أوكرانيا من خلال هذا اللقاء إلى اختبار توجهات الإدارة الأميركية الجديدة، ومحاولة ضمان عدم تراجع مستوى الدعم العسكري والاستخباري، خصوصاً في ظل التحديات التي تواجهها القوات الأوكرانية على جبهات عدة، ومع استمرار روسيا في تكثيف ضرباتها الجوية والصاروخية.
في المقابل، ترى موسكو أن أي دعم غربي إضافي لكييف سيُنظر إليه كتصعيد مباشر، فيما تؤكد أن الحل يجب أن يقوم على «وقائع ميدانية جديدة»، وهو ما ترفضه أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، معتبرين أن السلام لا يمكن أن يتحقق على حساب السيادة الأوكرانية.
وبين التصعيد العسكري والتحركات الدبلوماسية، يبدو أن لقاء زيلينسكي – ترامب سيحمل أهمية مفصلية، ليس فقط لمسار الحرب، بل أيضاً لشكل النظام الأمني الأوروبي في المرحلة المقبلة، في ظل صراع مفتوح على النفوذ، وحرب لم تنضج بعد شروط إنهائها.
ومنذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي عام 1991، شهدت البلاد أزمات متكررة، أبرزها ضم روسيا للقرم عام 2014، والصراع في دونباس، ما أعاد قضية الأمن الأوروبي والسيادة الوطنية إلى الواجهة، مع تحديات جغرافية وسياسية كبيرة.









