عدوية الهلالي
خلال أي حكم ديكتاتوري ، يكون اكثر مايخشاه الناس هو الظلم فيلجأون الى الصمت أو المواجهة ويدفعون أثماناً باهظة في كلا الحالتين ، فاذا صمتوا فهم يشاركون في اطالة حُكم الدكتاتور ويمنحونه فرصة الايغال في ظلمهم لتحقيق أجنداته الخاصة ، اما اذا ثاروا لمواجهته فيكون مصيرهم الموت والاعتقالات والتغييب وزيادة جرعة الخوف .
ولو شاءت الأقدار أو شاءت الدول الكبرى وسقط حكم الدكتاتور وتغيرت السلطة من دكتاتورية الى ديمقراطية كما حدث معنا على سبيل المثال ، فسيصبح أكثر مايخشاه الناس هو التغيير خوفاً من عودة الظلم بصورة أخرى ..كان من الممكن ألا يخاف الناس من التغيير ويعتبرونه خطوة فاعلة لبناء وطن ومجتمع جديد خال ٍ من اخطاء الماضي وضغوطاته ومبشراً بمستقبل زاهر وحياة مستقرة وأفعال تقود البلد الى التقدم والازدهار ، لكن ماحدث ان الشعب فقد ثقته في الديمقراطية والانتخابات التي يمكن ان تقود الى التغيير مادام في كل مرة يصحو على نتائج لاعلاقة لها بصناديق الاقتراع ، فيتم تشكيل الحكومة بناء على تأثير أجندات خارجية او حسب توافق وترضية لأطراف يمكن لها ان تقلب الطاولة على الحكومة في حالة عدم منحها حصة من كعكة السلطة ، وهكذا وبعد اكثر من دورة انتخابية يمكن ان نتوقع ظهور اجتهادات جديدة قد لاتكون لها علاقة بأصوات الناخبين او حتى ببنود الدستور لضمان ان تسير سفينة السلطة بلا متاعب ولكي يتم تشكيل حكومة فقط حتى لو استمر ذلك لشهور او لعام كامل كما حدث في الدورة الانتخابية السابقة ..
هذه المرة ، تم تحديد سقف لتشكيل الحكومة من المحكمة الاتحادية ، ونأمل ان يتم الالتزام به لكننا ننتظر ماستسفر عنه الزيارات الطارئة الى الدول الاقليمية والكبرى والنقاشات المستفيضة في الغرف المغلقة ، ونتلهف شوقاً الى معرفة أي اجتهاد جديد ستتفتق عنه عبقرية الاحزاب المشاركة في الانتخابات لضمان وصولها الى المقاعد السيادية حتى لو اختطفت لقمة الفوز من افواه الاحزاب التي نالتها عن طريق صناديق الاقتراع ..
المصيبة ان اغلبنا اختار الصمت خلال الحكم الدكتاتوري بسبب الخوف فطال عمر الدكتاتور حتى أسقطته يد خارجية ، فهل سيظل الصمت خيارنا حتى خلال الحكم الديمقراطي بانتظار ان تقوم يد خارجية بتغييره أو ترتيب أوراقه حسب مصالحها الشخصية ؟! أين نحن من كل مايحدث ؟ المفروض ان الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب فلماذا يغيب دورنا دائماً حتى لو تصورنا اننا نشارك في التغيير بأصابعنا الملوثة بحبر الانتخابات؟!









