ترجمة حامد أحمد
أشار خبراء ومسؤولون لموقع ذي ناشنال الإخباري إلى أن إغلاق بعثة الأمم المتحدة في العراق يمثل فرصة لبغداد لتعزيز سيادتها الكاملة، حيث لم يعد البلد بحاجة إلى مساعدات ودعم وإشراف من قبل البعثة الأممية لما يتمتع به الآن من استقرار وموارد وسيادة، في وقت سعت بغداد لإنهاء التفويض الأممي لتقديم صورة عن عراق طبيعي للمجتمع الدولي.
وبناءً على طلب الحكومة، ستوقف بعثة الأمم المتحدة عملياتها بحلول نهاية هذا الشهر بعد 22 عامًا من المساعدة في انتقال البلاد نحو الديمقراطية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، والذي تسبب بإسقاط النظام السابق.
وتم إنشاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) لدعم البلد في إعادة بناء مؤسسات الدولة والحكم الديمقراطي، كما ساعدت في تنسيق جهود الإغاثة وإعادة الإعمار بعد فترة الحرب. وقال مسؤول حكومي لموقع ذي ناشنال الإخباري: "إن انتهاء بعثة الأمم المتحدة يمثل تأكيدًا على العراق المتجدد على سيادته بعد عقدين من الدعم السياسي من الأمم المتحدة".
ومع ذلك، ستظل الأمم المتحدة أداة مهمة لمعالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية في العراق من خلال الجهود التقنية والتعاونية.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بالقول: "إذا تم التعامل مع هذا الانتقال بحكمة، يمكن أن تتحول علاقات العراق مع الأمم المتحدة إلى شراكة متوازنة قائمة على الدعم بدلًا من الإشراف". من جانب آخر، قال الباحث والخبير ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في مركز تشاثام هاوس للدراسات في لندن، إن بغداد سعت لإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة يونامي لتقديم صورة عن "عراق طبيعي" أمام المجتمع الدولي.
وأضاف منصور لموقع ذي ناشنال: "كانت الفكرة تقديم نوع مختلف من العراق لا يوجد فيه ممثل خاص للأمم المتحدة يقدم تقاريره إلى مجلس الأمن"، مضيفًا أن ذلك بدا "غير ضروري" لقادة العراق. وأشار إلى أن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تشكلت بعد "تكاتف القادة العراقيين بأنفسهم لبناء دولتهم" دون مساعدة الأمم المتحدة، وهذه كانت الخطوة التي دفعت بغداد للإعلان بأنها "لم تعد بحاجة إلى بعثة الأمم المتحدة". وأضاف أن العراق سيظل مرتبطًا بوكالات الأمم المتحدة، لكن التركيز لن يكون بعد الآن على السياسة والأمن.
الاعتماد على الذات والاستقرار
أما الخبير في الشؤون العراقية، سجاد جياد، في مؤسسة سينجري فاونديشن في نيويورك، فقد ذكر أن البلاد وصلت إلى مرحلة من الاستقرار والاعتماد على الذات، ولديها الموارد لتقديم الخدمات والدعم الذي كانت تقدمه الأمم المتحدة.
وأضاف جياد: "المستقبل يبدو واعدًا، ولا أعتقد أن القيادة قلقة بشأن هذه الخطوة. وبشكل إيجابي، لم يعد العراق بحاجة إلى بعثة الأمم المتحدة كما كان في الماضي".
وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة قدمت دعمًا حيويًا خلال صراع العراق مع تنظيم داعش عبر تقديم المساعدات الإنسانية، وقال: "كما دعمت النازحين داخليًا، وسيتم الشعور بغياب هذا الدعم في بعض المناطق".
ومع ذلك، أوضح جياد: "العراق ليس بلدًا فقيرًا؛ يجب أن يكون قادرًا على تغطية ما كانت تقدمه الأمم المتحدة".
دور البعثة في الانتخابات والمصالحة
يشير التقرير إلى أن البعثة الأممية قدمت دعمًا حاسمًا في نطاق واسع من المجالات، بما في ذلك تقديم المشورة للحكومة بشأن الاستقرار السياسي، وتعزيز الحوار الوطني الشامل، ودعم المصالحة على مستوى المجتمعات في المناطق المتأثرة بالنزاع.
كما لعبت دورًا محوريًا في المساعدة الانتخابية، حيث ساعدت العراق في إجراء عدة جولات من الانتخابات المحلية والوطنية، بما في ذلك الانتخابات العامة التي جرت الشهر الماضي، والتي شهدت نسبة مشاركة 56٪ واعتُبرت ناجحة على نطاق واسع.
ووصف مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق، محمد الحسان، الانتخابات بأنها "الأكثر عدالة وحرية وسلمية". وقال: "عندما ترى انتخابات بهذه العدالة والديمقراطية، تعرف أن هناك إيمانًا بعراق جديد".
العراق الآن دولة طبيعية
وأشار رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، الأسبوع الماضي، خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للاحتفال بنهاية بعثة الأمم المتحدة، إلى أن "العراق يتفاعل الآن مع المجتمع الإقليمي والدولي كـ دولة ذات سيادة كاملة".
وأضاف أن العراق مدعوم بـ "مؤسسات دستورية قوية وقوات مسلحة" قادرة على ضمان أمن البلاد، وقال في بيان مشترك مع غوتيريش إن بلاده "تقدّر عاليًا" عمل البعثة في منطقة "عانت لعقود من الديكتاتورية والحروب والإرهاب".
وأكد أن انتهاء المهمة يظهر أن العراق وصل إلى مرحلة "الاعتماد الكامل على الذات". وقال: "خرج العراق منتصرًا بفضل تضحيات وشجاعة شعبه".
وأشار غوتيريش إلى أن العراق "أصبح الآن دولة طبيعية، وستتحول العلاقات بين الأمم المتحدة والعراق إلى علاقات طبيعية بانتهاء بعثة الأمم المتحدة".
وأعرب عن تقديره لالتزام العراق بإعادة مواطنيه من مخيم الهول الشاسع في شمال شرق سوريا، الذي يضم آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، والذين يشتبه في ارتباطهم بتنظيم داعش.
وقال غوتيريش: "عمل العراقيون على تجاوز عقود من العنف والاضطهاد والحروب والإرهاب والطائفية والتدخل الأجنبي، واليوم العراق مختلف تمامًا عما كان عليه في تلك الأوقات".
من جانب آخر، أشار تقرير للأمم المتحدة عن توقيع العراق الخميس الماضي لاتفاقية جديدة مع الأمم المتحدة عقب انتهاء عمل يونامي تحت عنوان "إطار التعاون من أجل التنمية المستدامة للفترة من 2025 إلى 2029" لمساعدة البلاد على إحراز تقدم في تحقيق أهدافها الوطنية، والتي ستتركز على أولويات استراتيجية رئيسية تشمل التعليم والصحة وتعزيز النمو الاقتصادي وحماية البيئة والتصدي لتغيرات المناخ، مع تعزيز سيادة القانون والحوكمة.
عن ذي ناشنال الإخباري









