TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > البرلمان تحت الاختبار… تحذيرات من نفوذ نواب الفصائل بعد أول استحقاق تشريعي

البرلمان تحت الاختبار… تحذيرات من نفوذ نواب الفصائل بعد أول استحقاق تشريعي

نشر في: 31 ديسمبر, 2025: 12:33 ص

محمد العبيدي
مع انطلاق أعمال الدورة السادسة لـمجلس النواب العراقي، بدأت تتكشف تدريجياً ملامح توازنات داخل المجلس، تتمثل بقدرة بعض الكتل والمتبنيات المرتبطة بفصائل مسلحة على التعطيل أو فرض مسارات محددة في الاستحقاقات الأولى للمجلس، في مشهد يؤشر انتقال نفوذ هذه القوى من مستوى التأثير المقبول إلى التدخل في عمق العملية السياسية، عبر التحكم بإيقاع التصويت، وإعادة توجيه التوافقات وفق أولوياتها. وقبل الانتخابات، ساد توصيف واسع لما يمكن أن يكون عليه البرلمان الجديد، وسط حديث متكرر عن صعود نفوذ الفصائل المسلحة داخل المؤسسة التشريعية، إلا أن الجلسات الأولى، ولا سيما تلك المرتبطة بانتخاب هيئة رئاسة المجلس، قدمت نموذجاً عملياً لكيفية ترجمة هذا الثقل العددي إلى تأثير مباشر على النتائج، وعلى مسار التوافقات السياسية التي تشكلت في مراحل سابقة.
ضربة للتوافقات السياسية
ورفض نواب ممثلون عن فصائل مسلحة التصويت لمرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني لمنصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله، وبعد حوارات معمقة سحب الديمقراطي الكردستاني ترشيح شاخوان، وقدّم مرشحا بديلا هو فرهاد الأتروشي، في محاولة لكسر حالة الانسداد التي رافقت جولتي التصويت.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي علي البيدر إن «وجود نحو 100 نائب داخل مجلس النواب قادر على خلخلة التوافقات السياسية التي تشكلت خلال المرحلة الماضية»، مشيراً إلى أن «هذا العدد كفيل بصناعة واقع ورؤية سياسية جديدة قد لا تنسجم مع حالة التوافق الستراتيجي التي بُنيت عليها العملية السياسية في العراق».
وأوضح البيدر لـ(المدى) أن «هذا التحول قد يقود إلى صناعة أزمات سياسية جديدة أو خلق تقاطعات حادة بين القوى السياسية، من شأنها أن تجهز على ثقافة التوافق، وتدفع باتجاه تشكيل تكتلات جديدة على حساب العلاقات الستراتيجية سواء بين المكونات أو بين العناوين السياسية داخل البرلمان».
وبالتوازي مع هذا الطرح، اعتبر النائب السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي أن الجلسة الأولى لمجلس النواب أثبتت أن نواب الإطار التنسيقي، ولا سيما النواب المرتبطين بالفصائل المسلحة، باتوا يمسكون بمفاصل التأثير داخل البرلمان. وقال شنكالي في تصريح صحفي، إن «ما جرى في عملية انتخاب النائب الثاني لرئيس البرلمان حمل رسائل واضحة، ليس فقط للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل لطبيعة التوازنات داخل المجلس»، مبيناً أن «المرحلة التشريعية المقبلة ستكون معقدة على القوى التي تسعى إلى تحجيم دور الفصائل أو الدفع باتجاه مسارات مختلفة في الملفات السيادية والأمنية».
خارطة التصويت
وكان مجلس النواب قد أخفق في جولتين متتاليتين بحسم منصب النائب الثاني لرئيس المجلس، المخصص للمكون الكردي وفق التوافقات السياسية غير المكتوبة، بعد تقدم مرشح تيار الموقف ريبوار كريم على مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبدالله، دون أن يتمكن أي منهما من بلوغ عتبة الحسم.
وفي قراءة لخريطة التصويت داخل مجلس النواب، تبيّن أن مرشح تيار الموقف الوطني ريبوار كريم حظي بدعم كتل ونواب ينتمون إلى قوى سياسية متعددة، من بينها كتل مرتبطة بفصائل مسلحة وأخرى حزبية، إذ صوّت لصالحه نواب من عصائب أهل الحق بعدد 28 صوتاً، و18 صوتاً من الاتحاد الوطني الكردستاني، إضافة إلى 37 صوتاً من نواب حزب تقدم، فضلاً عن نواب كتل «خدمات» وسيد الشهداء «منتصرون» والفصائل المسلحة ضمن ائتلاف «الإعمار والتنمية» مثل «جند الإمام» بزعامة أحمد الأسدي، فضلاً عن تشكيلات أخرى مثل بابليون، وأنصار الله الأوفياء، وفق تقارير كردية.
بدوره، حذر عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد من تداعيات ما وصفه بالمؤشر الخطير على العملية السياسية، في ظل تصاعد نفوذ نواب تابعين للفصائل داخل البرلمان، وتأثيرهم على مسار اتخاذ القرار التشريعي. وقال محمد لـ(المدى)، إن «عدد النواب المحسوبين على الفصائل المسلحة يصل إلى نحو 90 نائباً، وهؤلاء خاصة نواب كتلة بدر تربطهم علاقات جيدة بالحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن جماعات أخرى تتخذ مواقف عدائية واضحة تجاه الحزب، وتحركاتها الأخيرة ليست مفاجئة».
وأضاف أن «تلك الجهات كانت متهمة سابقاً باستهداف أربيل، وتحركها الحالي ضد الحزب الديمقراطي أمر طبيعي، إلا أنه يشكّل في الوقت نفسه خطراً حقيقياً على العملية السياسية».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

بغداد/ تميم الحسن خرق البرلمان الدستور في جلسته الأولى عبر تمديد إجراءات اختيار رئاسة المجلس - بحسب خبراء في القانون -، فيما كشفت مجريات الجلسة عن انقسام داخل ما يُعرف بـ"الكتلة الأكبر» . وعلى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram