TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

"الفصائل" عطلت تفاهمات هيئة رئاسة المجلس

نشر في: 31 ديسمبر, 2025: 12:44 ص

بغداد/ تميم الحسن

خرق البرلمان الدستور في جلسته الأولى عبر تمديد إجراءات اختيار رئاسة المجلس - بحسب خبراء في القانون -، فيما كشفت مجريات الجلسة عن انقسام داخل ما يُعرف بـ"الكتلة الأكبر» .
وعلى الرغم من التوصل في الدقائق الأخيرة إلى اتفاق سني نادر أفضى إلى حسم منصب رئيس مجلس النواب، فإن الجلسة انتهت بإخفاق كردي في اختيار النائب الثاني لرئيس المجلس، ما فتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تعقيداً في الاستحقاقات المقبلة، ولا سيما انتخاب رئيس الجمهورية.
وبحسب ما أعلنه هادي العامري، زعيم منظمة بدر، كان من المقرر أن يجري البرلمان مساء الثلاثاء (أمس) جولة ثالثة لانتخاب النائب الثاني، بعد فشل جولتين سابقتين في تحقيق النصاب القانوني لأي من المرشحين، رغم أن المنصب يُعدّ من حصة المكون الكردي وفق الأعراف السياسية المعتمدة منذ 2005.
وأكد رئيس مجلس النواب هيبت الحلبوسي في تصريحات صحفية، أمس، أن جلسة البرلمان رُفعت لغرض التشاور مع الكتل السياسية بشأن اختيار النائب الثاني لرئيس المجلس.
وكان رئيس السن النائب عامر الفائز أعلن، في الجلسة الأولى، التوجه إلى جولة ثالثة لانتخاب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عقب انتهاء المشاورات السياسية.
في موازاة ذلك، أثار تأجيل واستمرار الجلسة الأولى جدلاً دستورياً واسعاً. إذ قال الخبير القانوني سالم حواس، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن ما جرى "يمثل مخالفة صريحة للمادة 54 من الدستور العراقي»، مؤكداً أن النص الدستوري "آمر وملزم ولا يجيز التمديد أو التأجيل لأي سبب»، محذّراً من أن أي تراخٍ في تطبيقه "يفرغ الدستور من مضمونه ويُشرعن التعطيل السياسي» .
وأوضح حواس أن خطورة ما حدث تكمن في أن الدستور لم يمنح أي جهة سياسية حق تعطيل الجلسة الأولى أو ربطها بالتوافقات، مشدداً على أن بقاء النواب حتى ساعات متأخرة "واجب دستوري لا خيار سياسي»، لأن النص الواضح لعبارة "في أول جلسة» يفرض حسم جميع المناصب دون تأجيل.
واعتبر الخبير القانوني أن تعطيل النصوص الدستورية بذريعة التوافق يُشكّل "سابقة خطيرة» تهدد انتظام عمل السلطة التشريعية، وقد تمتد آثارها إلى المدد الدستورية اللاحقة، في مخالفة صريحة للمادة 55 التي تنص على انتخاب رئيس المجلس ونائبيه بالأغلبية المطلقة في الجلسة الأولى وبالاقتراع السري المباشر.
ورغم هذا الجدل، نجح البرلمان في جلسته الأولى، التي عُقدت يوم الاثنين الماضي، في انتخاب هيبت الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، وعدنان فيحان نائباً أول، فيما بقي منصب النائب الثاني شاغراً.
أزمة النائب الثاني
بعد أن ضمنت القوى الشيعية والسنية منصبيها في رئاسة مجلس النواب، اتجهت بعض الأطراف من الجانبين إلى عرقلة حسم منصب النائب الثاني، المخصص للمكوّن الكردي، وفقاً لمصادر نيابية حضرت الجلسة الافتتاحية.
وتشير الاتهامات إلى رئيس حزب "تقدم» محمد الحلبوسي، إلى جانب جماعات من "الفصائل المسلحة» التي باتت تمتلك أكثر من 80 مقعداً في البرلمان. ويأتي ذلك في ظل مواقف سابقة للحلبوسي والجماعات المسلحة هاجمت فيها إدارة إقليم كردستان، التي يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني، في أكثر من مناسبة.
في هذا السياق، اعتبر النائب السابق عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي أن الجلسة الأولى لمجلس النواب أظهرت أن "نواب الإطار التنسيقي، ولا سيما نواب الفصائل المسلحة، هم من يتحكمون بالمشهد البرلماني» .
وقال شنكالي، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن المرحلة التشريعية المقبلة ستكون صعبة على القوى التي تسعى إلى نزع سلاح الفصائل والحد من الدور الخارجي الداعم لها.
وشهدت الجلسة تنافس مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني شاخوان عبد الله، ومرشح تيار الموقف، الذي يطرح نفسه بوصفه حزب معارضة، ريبوار كريم، على منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب. إلا أن أياً من المرشحين لم يتمكن من حصد الأغلبية المطلوبة، ما دفع البرلمان إلى إجراء جولتين متتاليتين من التصويت دون حسم.
من جهتها، قالت فيان صبري، القيادية في الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسة كتلته في الدورة البرلمانية السابقة، إن "الديمقراطي الكردستاني رقم صعب»، مؤكدة في تدوينة أنها ستتجه إلى الجولة الثالثة، وربما الرابعة، وأن الجلسة "ستبقى مفتوحة حتى حسم المنصب لصالح الحزب الديمقراطي " .
وأضافت أن "الأهم هو أن من لم يلتزم مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن الأخير لن يلتزم معه في أي مفاوضات مستقبلية»، في إشارة إلى تعقيدات سياسية مرشحة للتصاعد في المرحلة المقبلة.
اتفاق نادر… وتشتّت مقلق
كشفت الجلسة الأولى لمجلس النواب عن مفارقات سياسية لافتة، عكست في آنٍ واحد قدرة مؤقتة على التوافق، وانقسامات عميقة تنذر بصعوبات مقبلة. فعلى المستوى السني، نجحت القوى في إنجاز ما وُصف بـ"اتفاق نادر» لحسم منصب رئيس البرلمان، تم التوصل إليه في اللحظات الأخيرة من الجلسة.
وبعد تأخر نحو ساعة كاملة على افتتاح الجلسة، ظهر مثنى السامرائي، المنافس الأبرز على رئاسة البرلمان وزعيم "تحالف عزم»، ليعلن انسحابه من السباق. وجاء الانسحاب ضمن تسوية سياسية انسحب بموجبها محمد الحلبوسي أيضاً، ليُمنح المنصب إلى هيبت الحلبوسي، الذي يُعد من الصف الثاني داخل التشكيلة السنية التي أُعلن عنها الشهر الماضي تحت مسمى "المجلس السياسي».
غير أن هذا التوافق لم يمر من دون اتهامات. إذ كتب القيادي السني البارز جمال الكربولي، قبيل انعقاد الجلسة الافتتاحية، عن "صفقات مالية هائلة» رافقت حسم المنصب، واصفاً المجلس السني بـ"النخاسة». وقال الكربولي في تدوينة على منصة "إكس» إن الاتفاق تم "بمهر مقدمه 50 مليار دينار ومؤخره 50 مليار دينار، ووعود وزارية لعدد من الأعضاء»، مختتماً منشوره بوسم "مجلس النخاسة السياسي».
في المقابل، بدت صورة "الكتلة الأكبر» داخل البرلمان أقل تماسكاً. فعلى الرغم من تقديم أوراقها رسمياً إلى رئيس المجلس الجديد، أقرّ نواب من داخل المجموعة الشيعية بغياب التوافق. وزاد من حدة المفاجأة ترشح محسن المندلاوي، القيادي في "الإطار التنسيقي» ونائب رئيس البرلمان السابق، مجدداً للمنصب، في مواجهة مرشح "عصائب أهل الحق».
وأفضت النتائج عن فوز عدنان فيحان بفارق لا يتجاوز 70 صوتاً، ما عكس حجم الانقسام داخل القوى الشيعية، سواء بشأن منصب النائب الأول أو حتى رئاسة البرلمان نفسها، بحسب ما أشارت إليه النائبة حنان الفتلاوي.
وقالت الفتلاوي، في تدوينة عبر منصة "إكس»، إن "الإطار التنسيقي لم يكن موحداً في موقفه من انتخاب رئيس البرلمان، كما لم يُظهر توافقاً بشأن منصب النائب الأول الذي يُعد من حصة الإطار». وذهبت بالاتجاه نفسه النائبة عالية نصيف، التي أكدت في مقابلة تلفزيونية أن "ترشيح شخصين لمنصب نائب رئيس البرلمان مؤشر واضح على وجود خلافات داخل الإطار»، مشيرة إلى أن "بعض النواب خرجوا عن قرار الإطار التنسيقي»، وأن منصب النائب الأول عُرض على تحالف "الإعمار والتنمية».
وينذر استمرار انقسام موقف "الإطار التنسيقي» بإطالة أمد أزمة تسوية ملف رئاسة الوزراء، العالق منذ نحو شهرين، فضلاً عن انعكاساته المحتملة على انتخاب رئيس الجمهورية، وهو استحقاق يتطلب تصويت ما لا يقل عن 220 نائباً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

بغداد/ تميم الحسن خرق البرلمان الدستور في جلسته الأولى عبر تمديد إجراءات اختيار رئاسة المجلس - بحسب خبراء في القانون -، فيما كشفت مجريات الجلسة عن انقسام داخل ما يُعرف بـ"الكتلة الأكبر» . وعلى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram