TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عمودحرف علة عدد(2616)

عمودحرف علة عدد(2616)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 05:19 م

النشيد الوطني.. في المحاصصة
عواد ناصر
النشيد الوطني، في تاريخنا العراقي القريب، هو مرادف لرصاص الانقلاب العسكري.
كلما قام انقلاب عسكري جاء بنشيده الوطني معه.
نشيد ملغوم بالصراخ والتعصب والضجر، خال من العراق كمحبة وأحلام وتوحيد مشاعر وتطلعات.
يأتي ضابط الانقلاب متنكباً بندقيته ومتأبطاً نشيده الوطني الذي لا يمت للوطن وأهله بصلة: "الله أكبر فوق كيد المعتدي.. الله الله الله أكبر" الذي ارتبط بذاكرة العراقيين بأتفه الانقلابات وأخطرها في تاريخ العراق.
نحن أمة أناشيد هلعة وعدوانية فيها الشجاعة كلها وعلى الأرض الجبن كله في مواجهة أعداء الأمة وفيها ضجيج الفراغ التقليدي ذو الرنين العالي كالبراميل الخاوية.
ثمة أناشيد قومية فرعية لاكها المذياع العربي حتى باتت مثل تفل الشاي الذي غلى آلاف المرات.. حتى قال شاعر عربي اسمه محمود درويش:
"وتكتب ض. ظ. ق. ص. ع. وتهرب منها، لأن
هدير المحيطات فيها ولا شيء فيها ضجيج الفراغ،
حروف تميزنا عن سوانا- طلعنا عليهم طلوع
المنون - فكانوا هباء وكانوا صدى. صدى نحن
هم يحرثون طفولتنا ويصكون أسلحة من أساطير،
أعلامهم لا تغني وأعلامنا تجهض الرعد.. نقصفهم بالحروف
السمينة ض.ظ.ص.ق.ع ثم نقول انتصرنا وما
الأرض؟ ما قيمة الأرض؟ أتربة ووحول..
 نقاتل أو لا نقاتل؟
ليس مهماً سؤالك ما دامت الثورة العربية محفوظة في الأناشيد
والعيد والبنك والبرلمان"
نشيدنا الوطني الراهن غير عراقي فكاتب كلماته فلسطيني وملحنه لبناني.. نشيد مستورد يشبه ملكنا الأول الذي حل ببغداد من وراء البادية، كما اشتهت المس بيل وعملت وقررت ونجحت.
الخلاف الراهن في برلمان العراق الراهن جداً، واحد من خلافات عدة، والمؤسف أن كل كتلة وحزب وعشيرة ومنطقة وزقاق في العراق يريد له حصة في النشيد الوطني، وباسمه الصريح، فلا النخل ذو السعفات الطوال، ولا الجرف ولا المنحنى ولا الشمس العراقية الجميلة ولا دجلة ولا الفرات ولا شط العرب ولا سومر ولا بابل ولا الجاحظ ولا المتنبي رموز عراقية يجتمع حولها ويجمع عليها العراقيون في بضعة أسطر لتكون نشيدهم الوطني واختلاف أمتي لعنة لا رحمة.
ليت الأمر يتعلق بعراقية النشيد ليصار إلى بحث مضمونه وجماليته، كلمات ولحناً، وليأتي عراقياً يشبه دجلة والفرات والمنحنى، إذ لأول مرة في تاريخ العراق، يصبح محمد مهدي الجواهري مادة للخلاف وتعدد وجهات النظر ويستلقي شعره على طاولة برلماني بليد لا يفك الحرف، والمدعاة للسخرية أن نكرة ما يريد لقصيدته أن تكون بديلاً لقصيدة الجواهري!
العراق الذي انطلقت منه أكبر حركة تجديد للشعر العربي الحديث، وجاءت قصائد شعرائه مفعمة بالوطنية والجمال والحب وأشواق التغيير، يجلس اليوم في غرفة انتظار خانقة كي ينهزم هذا الشعر أمام تجاربه الفريدة مثل تلميذ سيئ الحظ فشل في الامتحان لأنه أذكى بكثير من زميله الدراخ الذي دخل القاعة وهو يحفظ الأكاذيب المدرسية عن ظهر قلب.
أتوقع أن تخرج كلمات نشيدنا الوطني ثمرة محاصصة لغوية فجة، مباشرة، تقريرية وبالأسماء الصريحة للقبائل المتناحرة، وستخرج مدججة بكل الكراهية والتكالب والفساد السياسي ولكنها خالية من العراق الحقيقي: عراق الجواهري وكاوة الحداد وعبدالجبار عبدالله وعلي الوردي وبدر شاكر السياب وبهنام أبو الصوف وعبدالله كوران وحجي زاير ومظفر النواب وسائر الكوكبة البهيجة.
إنه زمن الخصوم التافهين الذين لا يليقون حتى بصفة خصم، وها هم خصومك اليوم يضعونك في المنافسة غير المتكافئة ليفوز الدعي ابن الدعي.
خصوم صغار لشعراء كبار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ثلاثة منتخبات تحجز مقاعدها مبكراً في ربع نهائي كأس العرب 2025

القضاء يحسم 853 طعناً على نتائج الانتخابات

الداخلية: العراق بنى منظومة متطورة لمكافحة المخدرات

التخطيط تتجه لتوسيع الرقابة النوعية لتشمل الصادرات والواردات عالية المخاطر

قبول 1832 طالباً في المنح المجانية لكليات المجموعة الطبية

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram