عرفته من مشيته
هاشم العقابي
كنت محظوظا بعض الشيء قبل ليلة البارحة. لا تذهبوا بعيدا فتتصورن أني فزت بجائزة كبرى. حظوظ العراقيين صارت مثل طموحاتهم التي هانت حتى لأدنى طماح غير مضمون.
القصة وما فيها اني كنت في النادي اليوناني الصغير الذي يقع في شارع عماد الدين بالقاهرة. كنت لوحدي "احتسي" ترافقني "النوت بوك" أتصفح بها مواقع الانترنت. وهناك دخل مثقف مصري اكن له احتراما كبيرا فصار جليسي. تركت المناجاة مع الانترنت اذ لا يصح ان يتناجى اثنان دون الثالث.
اقل من نصف ساعة مرت، وإذا بعراقيين قد دخلا. أحدهما من اهل كار "الثقافة"، والآخر حدست من "مشيته" انه ذو منصب حكومي وقد جاء من العراق في مهمة "ايفادية". قلت بداخلي "صاحت الفرسان طب طاعونها". وبعد أن سلما وجلسا معنا اكتشفت ان حدسي كان صحيحا. لم يخف الضيف الحكومي انه يعرفني لكنه بالمقابل لم يخف أيضا عدم ارتياحه لرؤيتي. ومن دون أن اطيل عليكم، كان الأخ منزعجا مني لاني أنقد المالكي وأترك علاوي او البارزاني أو نيجرفان، حسب قوله. سانده صاحبي في "الكار" مضيفا من خياله انه نصحني بذلك كثيرا فلم استجب. وصار يمتدح المالكي بطريقة لا تخلو من تشكيك بنا، نحن الذين نكتب في "المدى". انها الاسطوانة ذاتها التي ليس عند المدافعين عن المالكي غيرها. حاولت باختصار ان أوضح له بان لكل كاتب "كعبته" الخاصة يمّم وجهه صوبها حين يكتب. وانا "كعبتي" بغداد. أولوياتي هي الآن مدننا البائسة وناسها المغلبون على أمرهم والمضحوك عليهم باسم الحرص علي بيضة الدين او المذهب. عدا ذلك فأهل كل "مكة"، عربا كانوا او اكرادا او فرسا او أتراكا، أدرى بشعابها. فلو زار المالكي الف دولة عظمى وظهر في الف برنامج وقال ما قال عن نفسه، فلا يهمني ذلك ما دامت "زنوبة تبيع كلينكس بالشوارع وحمودي يبيع علاليك"، و "حسنة" تغبّش للمسطر بالعمارة تنافس الرجال العاطلين والباحثين عن فرصة عمل شأنها شأن الف "حسنة" أخرى في الكاظمية وكربلاء والثورة والناصرية والبصرة وغيرها. سأظل أنقده ما دام الشعب بلا كهرباء والإرهابيون يسرحون ويمرحون بالبلاد ويستطيعون الخروج من السجن متى شاءوا. سابقي هكذا لأني أرى الأطفال تبحث عن قوتها في المزابل، ونصف شباب العراق ان لم يكن ثلاثة أرباعهم، بدون عمل. انقده لا دفاعا عن غيره. أما الأسماء، التي ظننت انك وغيرك ستحرجني او تحرج زملائي بالجريدة لأننا لا ننقدها، فأقول لك أعطني واحدا من الذين ذكرتهم بيده ميزانية البلد ويمتلك إصدار قرار حكومي لإنقاذ "زنوبة" و"حمودي" من الضياع. دلني عليه. وان ولم يفعل، فسترى ماذا نفعل به. ان المالكي يا "صاحبنا" هو الذي يقود السلطة التنفيذية وأخواتها، وتحت تصرفه أموال ميزانية تحلم بها الدول الكبرى. لكنه ارتضى لنفسه ومقربيه، ومن يدور في فلكه، عيشا كريما ومرفها تاركا العراق في أعلى قائمة أتعس البلدان في العالم، من حيث انعدام الأمن والخدمات وغياب فرص العمل مع غياب الحريات وحقوق الإنسان.
تنحنح ذو المنصب، بعد أن سحب أقسام لسانه صوب حنجرته بصعوبة، فنطق. نطق فورط نفسه مع المثقف المصري، وليس معي، هذه المرة. ربك ما يكطع كما يقولون.
للحكاية تتمة.
عمودسلاما ياعراق عدد(2617)
[post-views]
نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 05:49 م