TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عموداوراق اقتصادية عدد(2617)

عموداوراق اقتصادية عدد(2617)

نشر في: 9 أكتوبر, 2012: 06:35 م

 قانون سياق اللاعودة
قبل أكثر من عشر سنوات وتحديدا في نهاية عام 2000 كنت قد انتهيت من كتابة رسالة الماجستير في الاقتصاد، وعادة ما تكون اللمسات النهائية هي المقدمة والخاتمة فضلا عن تقديم الشكر إلى من قدم العون للباحث وكذلك الاهداء وربما يكون الاخير هو الاصعب من بين هذه الاشياء وبعد ان فكرت في الموضوع قررت ان يكون اهدائي الى (كل من يؤمن بان قانون سياق اللاعودة يمكن ان يختفي في مكان آخر) وقصة هذا الإهداء هي انني قرأت في إحدى المجلات ان العلماء قد اكتشفوا كوكبا يسير فيه الزمن الى الخلف وهذا هو عكس ما موجود لدينا حيث نعيش ضمن ما يعرف بـ "قانون سياق اللاعودة" اي ان الزمن على الارض لايعود الى الوراء ابدا وما ان عرضت فكرة الاهداء على بعض الاصدقاء من المثقفين حتى استغربوا الامر مستبعدين ان يكون ذلك ممكن وتساءلوا كيف يمكن ان يعود الزمن الى الوراء؟!
في حينها استحضرت قصة غاليلو حين اكتشف ان الارض تدور ولم يصدقه احد حتى اعدم نتيجة اكتشافه وتيقنت أن مشكلتنا هي أننا لا نصدق إلا ما نفهم وإذا ما أردنا أن تطور علينا احترام العلم والعلماء وان لم نفهم أو نصدق ما يقولون ويبدو أن ذلك هو انعكاس للطبيعة البشرية بشكل عام ولطبيعة مستوى ثقافتنا بشكل خاص حيث أصابها ما أصابها من التراجع ففي الوقت الذي أصبح فيه رأس المال البشري أهم عوامل الإنتاج في الدول المتطورة فأن الدول النامية تهمل هذا المورد وبشكل كامل وفي مقارنة بسيطة فان النتاج العلمي من تأليف وترجمة في دولة أوربية متوسطة الحجم مثل اسبانيا نجده يعادل أربعة أضعاف المنتج العلمي للدول العربية مجتمعة وقس على ذلك.
لن آتي بجديد أن قلت بأن موضوع التخصص شيء مهم جدا واعتقد انه يمكن أن يكون سر نجاح أي إدارة سياسية إذا ما أرادت بناء اقتصاد متين ينمو بسرعة في عالم متسارع تتحكم فيه مفاتيح الاقتصاد والعراق بلد زاخر بالعقول الاقتصادية إلا أنها شبه مبعدة عن تقديم الرأي والمشورة لأصحاب القرار ونجد البعض من المسؤولين يفتون بأمور اقتصادية تحتاج إلى سنوات من الخبرة والدراسة للخوض فيها، وللتذكير فقط فان محمد مهاتير (رئيس وزراء ماليزيا الأسبق) الذي يعد صاحب انجح تجربة اقتصادية في الدول النامية خلال الربع الأخير من القرن العشرين كان طبيبا ولكنه كان يستعين بمستشارين اقتصاديين رسموا له خارطة الطريق وفي النهاية كان النجاح من حصته هو.
لقد تم تقديم العديد من المقترحات التي تهدف إلى تجسير الفجوة بين اهل السياسة عندنا وأهل الاقتصاد الا ان جل هذه المقترحات لم تكن سهلة التطبيق وأنا اود ان اقترح فكرة اخرى اعتقد أنها ستكون مهمة وسهلة التطبيق أيضا مفادها قيام اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء بمتابعة تنفيذ الإستراتيجية التنموية المقدمة من قبل وزارة التخطيط وتنسيق الجهود الوزارية في تنفيذها ويمكن أن تستعين هذه اللجنة بهيئة المستشارين في هذا الأمر أو تشكل فريق عمل خاص بالموضوع من الاقتصاديين لدينا حيث أثبتت التجربة أن تنفيذ الاستراتيجيات السابقة كان ضعيفا جدا وبالتالي علينا مضاعفة الجهود وان لا نضيع المزيد من الوقت لأنه عندما يذهب لن يعود مرة اخرى اي ان لا ننسى أننا نعيش في ظل قانون سياق اللاعودة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram