عندما قرأت عمود الزميل عدنان حسين "عمل لا يليق بالبارزاني" ثم تبعه بـ "شكرا كاك مسعود"، أردت من لحظتها أن اكتب "ولا يليق بالمالكي" لكن شيئا منعني بوقتها. كانت مشاعر عدنان، كما كتبها بوضوح، انه شعر بالخجل والأسف وهو يسمع أغنية راقصة تمتدح رئيس الإقليم. كنت لم أسمع بتلك الأغنية بل سمعت بأخرى في مديح المالكي، منتشرة على الانترنت، غناها المطرب عبد فلك بعنوان "يا بو إسراء". لم ينتابني خجل أو أسف، بل خوف. وكتابة الخائف ليست مثل الخجلان.
خفت على العراق قبل كل شيء. ثم على الأغنية العراقية، وعلى المالكي أيضا. من الطبيعي أن يذكرنا هذا النوع من الأغاني بصدام. فأغاني امتداح الحكام، مهما كانت نصوصها جيدة من الناحية الشعرية وألحانها راقصة ومتقنة، لا تطرب، بل ترعب.
لم تكن هناك أغانٍ لمدح البكر ولا الأخوين عارف. خمسة وعشرون عاما من تاريخ العراق (1963 إلى 1979) مرت ولا اذكر إن كانت هناك أغنية في مدح رئيس. ظهرت أول أغنية من هذا النوع به بعد أن أحكم صدام سيطرته الكاملة على كرسي الرئاسة. كانت تلك أغنية "العزيز انت" التي جرت من بعدها مئات الأغاني التي تمجد الطغاة. ثم جاءت أغاني التلذذ برائحة البارود والدم والحرب. بدأت بأغنية واحدة ثم تحولت إلى ظاهرة يتكرر بثها حتى كاد العراقيون أن لا يسمعوا غيرها. النتيجة أن دفع العراق والعراقيون ثمن نشوة الطاغية وتصديقه لما جاء في تلك الأغاني.
كل أغاني امتداح الحكام تملق ونقاق وزيف. كذب بكذب. وصدق من قال "إن الكذب يهجم البيوت". ويا ليته هجم بيتا واحدا بل هجم وطنا بأكمله. وهكذا صرت أخاف على العراق من هذه الأغاني لأنها تنذر بخراب جديد. فأغاني امتداح صدام لم تهجم بيت العراق، حسب، بل طالت بيت الأغنية العراقية وذائقة العراقيين فهجمتهما أيضا. لقد كانت أغاني مديح صدام احد أهم أسباب ما نسمعه اليوم من أغان عراقية هابطة وصلت إلى "بس بس ميو" و "كبدبد" ولها من يسمعها ويرقص لها أيضا!
واليوم يبدو أن معامل إنتاج الطغاة عن طريق الأغاني عادت للظهور من جديد. وللحقيقة إن تلك المعامل كانت تشتغل مرغمة، إلى حد ما، في زمان صدام لكنها الآن صارت تتطوع، أو هكذا تبدو في أقل تقدير. وحين سمعت أغنية "أبو إسراء" التي لم يظهر بها وجه المطرب ولا وجه الفرقة الموسيقية، بل مجموعة صور للسيد المالكي أحيط بها وجهه بهالة من نور كتلك التي كنت أراها تحيط صور السيد المسيح أو الإمام علي التي تطبع في إيران على الغالب.
خفت على المالكي هذه المرة أن لا تمر عليه اللعبة. وخوفي تحقق لأني لم اسمع بقرار منه أو من البرلمان يمنع أغاني امتداح الحاكم. ومثلما وجد عدنان أن تلك الأغاني ذات "الكذب المصفط" لا تليق برئيس الإقليم، فإنها قطعا لا تليق برئيس الحكومة الاتحادية.
وها أنا أقول قولي بكل إخلاص وصفاء نية، فهل سيستجيب رئيس الوزراء ويصدر قراراً بمنع الأغاني والهوسات والقصائد التي تمتدحه؟ لننتظر.
ولا يليق بالمالكي
[post-views]
نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 06:11 م
جميع التعليقات 1
فلاح الساعدي
العزيز هاشم العقابي تحيه ود يؤسفني ان اخبرك ان انتظارك سيطول وسوف لن تسمع الجواب ولن تتلمس فعل ايقاف هكذا تصرف والحق يقال ان الرجل ربما لا يدري انك قد كتبت عن هذا الموضوع ولكنه يدري بكل تاكيد ان الاغاني والمديح قد وصل الى الفرق الموسيقيه وربما هناك من ي