ترجمة المدى
الاسئلة الجادة بشأن ما اذا كانت المنظومة العدلية في العراق تطبّق المعايير الدولية في المحاكمات العادلة، تسلط الضوء على الحاجة الملحة لوقف عقوبة الاعدام. في الرابع من تشرين الاول اعدمت السلطات العراقية ستة سجناء دون سابق انذار، و احد عشر آخرين في السابع من الشهر ذاته و ستة ايضا في الثامن منه. استنادا الى تصريح لمسؤولين في وزارة العدل يوم 8 تشرين الاول، تم اعدام 23 شخصا مدانين بهجمات اجرامية و ارهابية مما يجعل مجموع المعدومين 119 شخصا لعام 2012 و يجعل البلد من اكبر بلدان المنطقة في استخدام عقوبة الاعدام.
يقول جو ستروك نائب مدير قسم الشرق الاوسط و شمال افريقيا في منظمة حقوق الانسان " ان اصرار السلطات العراقية على تنفيذ سلسلة الاعدامات المثيرة للغضب و في نفس الوقت رفضها الكشف عن الكثير من المعلومات، يشير الى طبيعة النظام العدلي غير الواضح الذي يسبب المتاعب. فبدلا من اعدام الناس ينبغي للعراق ان يركز على اصلاح منظوماته الامنية و القضائية لحماية مواطنيه من انتهاكات حقوق الانسان المتزايدة" يؤكد المسؤولون العراقيون عند مواجهتهم للتحديات المتعلقة بعقوبة الاعدام، بان هذا الامر متجذر في التقاليد العراقية. الا ان منظمة حقوق الانسان الدولية تقول ان انتشار المحاكمات الجائرة و ممارسة التعذيب في المعتقلات و خاصة في القضايا المتعلقة بالأمن القومي و الارهاب يثير مخاوف جدية و يجعل انعدام الشفافية في تطبيق عقوبة الاعدام امرا فظيعا، حيث لم تعط وزارة العدل الا تفاصيل قليلة عن الاشخاص الذين اعدمتهم في الاسبوع الاول من تشرين الاول، اذ انها اعلنت اسما واحدا فقط هو عبدالرحمن ياسين تركي و قالت انه متهم بتفجير سيارة مفخخة قرب وزارة الخارجية عام 2009. و قال تصريح الوزارة ان شخصا آخر من المعدومين كان من بين السجناء الهاربين من سجن تكريت نهاية شهر ايلول تم اعتقاله مؤخرا من قبل القوات الامنية. لم يقدم التصريح المزيد من المعلومات عن هويات المعدومين بل قال فقط انهم مدانون بجرائم يعاقب عليها قانون محاربة الارهاب. كما لم تعط الوزارة تفاصيل عن المعدومين في 7 تشرين الاول و اكتفت بالقول بانهم مدانون بالارهاب " تنفيذ اعمال قتل و تفجيرات ضد ابناء الشعب العراقي ". و في تصريح اطلقته الوزارة في 8 تشرين الاول اعلنت فيه الاسماء الاولى لاثنين من المعدومين مدعية بانهما مدانان بعمليات اختطاف و قتل. الاربعة الاخرون مدانون بتهم ارهابية حسب ما جاء في التصريح الذي لم يعط اية معلومات عن الذين اعدموا يوم الاثنين. يقول ستورك " على الحكومة ان تكشف الهويات و الاماكن و وضع كافة السجناء الواقفين في طابور الاعدام و الجرائم المدانين بها و الادلة التي تدعم ادانتهم بالاضافة الى تفاصيل الاعدامات اللاحقة".
ان قانون محاربة الارهاب – الذي تم تمريره عام 2005 – يخول عقوبة الاعدام لأولئك " الذين يرتكبون اعمالا ارهابية " بالاضافة الى " الذين يحرضون و يخططون و يمولون و كل الذين يساعدون الارهابيين في ارتكاب تلك الجرائم". تقول المنظمة ان هذه التعريفات المبهمة تسمح للسلطات العراقية بفرض عقوبة الاعدام كيفيا و عشوائيا عن طريق شمول حتى المحتجين السياسيين المسالمين ضمن النطاق المبهم و الغامض للارهاب.
في شهر آب اعدمت السلطات العراقية معتقلين احدهما سعودي و الاخر سوري بتهم " تتعلق بالارهاب". و في الثاني من تشرين الاول ذكرت صحيفة سعودية بان سلطات احد السجون في بغداد اخبرت المواطنين الاجانب بانها ستعدمهم قبل عيد الاضحى. لم تتمكن منظمة حقوق الانسان من التاكد ما اذا كان هذان السجينان من بين الستة الذين اعدموا. ذكرت البي بي سي ان احد الاحدعشر الذين اعدموا كان مواطنا جزائريا. بموجب اتفاقية جنيف حول العلاقات القنصلية، التي صادق عليها العراق عام 1963، فان من حق القنصل او من ينوب عنه رسميا " ان يزور مواطنه السجين في البلد الذي يعمل قنصلا فيه – سواء المحجوز او المعتقل – للتحاور معه و ترتيب تمثيل قانوني له ". ذكرت الصحف المحلية ان عددا من المواطنين الاجانب لازالوا في السجون العراقية و ان احد موظفي الامم المتحدة قد طلب من وزارة العدل العراقية تزويده بمعلومات عن اسباب اعدام عدد من السجناء من مختلف البلدان مؤخرا. بعض المتهمين بالدخول الى العراق بشكل غير قانوني تم الحكم عليهم بالسجن لخمسة عشر عاما حسب التقارير الاعلامية. آخرون حكموا بالاعدام بعد ادانتهم بالارهاب. تقول منظمة حقوق الانسان ان على الحكومة العراقية اعطاء معلومات علنية عن عدد المعتقلين الاجانب لديها. يفرض القانون العراقي عقوبة الاعدام عن 48 جريمة، بضمنها قانون مكافحة الاتجار بالبشر الذي جرى تمريره في نيسان، و جرائم اخرى تقع خارج المعايير الدولية التي تحدد عقوبة الاعدام بالجرائم " الاكثر خطورة "، كما ان السلطات نادرا ما تعلن عن عقوبة الاعدام قبل تنفيذها.
الزيادة الكبيرة في عدد الاعدامات في 2012 – التي تجاوزت عددها للعام الماضي البالغ 62 – دعا بعض الناشطين المحليين و اعضاء لجنة حقوق الانسان في البرلمان العراقي للتكهن ما اذا كانت السلطات العراقية تستخدم عقوبة الاعدام لغرض افراغ السجون من السجناء الذين قد يستفيدون من قانون العفو العام المثير للخلافات في البرلمان. نفى وزير العدل حسن الشمري هذه المزاعم. من جانبها قامت منظمة حقوق الانسان العالمية بتحليل جوانب هذا القانون الذي سيوفر عفوا عاما لعدد كبير من المتهمين بغض النظر عن احكامهم. الا ان القانون لن يعفو عن المدانين بالارهاب. من المقرر ان يصوت البرلمان على القانون يوم الاثنين لكن لحد الان لم تتوفرمعلومات عما اذا كان القانون سيتم تمريره ام لا.
القانون الدولي لحقوق الانسان يقضي، في حالة عدم الغاء عقوبة الاعدام، بتطبيقه فقط على الجرائم الاكثر خطورة بعد تطبيق المعايير الدولية للمحاكمات العادلة بضمنها حق المدعى عليه بتوكيل محامي كفوء يتولى الدفاع عنه لحين اثبات التهمة عليه. تقول المنظمة ان المحاكمات في العراق غالبا ما تنتهك ابسط انواع هذه الضمانات.
منظمة حقوق الانسان العالمية تعارض عقوبة الاعدام في كل البلدان و تحت كل الظروف لأن هذه العقوبة لا تتفق و كرامة الانسان الموروثة، كما ان هذا النوع من العقوبة فريد في وحشيته و قطعيته حيث لابد ان يقترن به التعسف و التحيز و الخطأ. تقول المنظمة لابد للحكومة العراقية ان تتريث باحكام الاعدام و ان تصدر امرا بابطال الاستخدام الدائم لعقوبة الاعدام او ان تلغيها عن طريق المصادقة على البروتوكول الثاني للاتفاقية الدولية الخاص بالحقوق المدنية و السياسية، و على العراق ايضا ان يأمر باجراء تحقيق متعمق و غير منحاز حول الاعدامات التي تم تنفيذها هذا العام. يقول ستورك " العراق لديه مخاوف أمنية شرعية الا ان اعدام السجناء بشكل عشوائي لن يجعل البلاد اكثر أمنا. ان عقوبة الاعدام تزيد العنف في المجتمع، و اذا استمرت الحال على هذه الوتيرة فسرعان ما سيكون العراق ثالث اكثر المستخدمين لعقوبة الاعدام في العالم ".
عن: توبيكس
الحاجة ملحة لوقف عقوبة الإعدام
نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 07:16 م