مجاهد أبو الهيل
يبدو أن الأخ أحمد عبد الحسين يشكو قلة الموضوعات التي تصلح "قرطاساً" يسجل إثارة جديدة يطالعنا بها كل عمود، لذلك لا أستغرب هذا الهجوم على هيئة الإعلام والاتصالات التي سماها الأخ عبد الحسين بـ"هيئة الإعلام الأخلاقي"، وكأن الأخلاق أصبحت شتيمة على من يحاول أن يلتزم بها، وسابدأ من اللغة التحريضية التي كتب بها المقال (أو القرطاس).
إذ يستغرب عبد الحسين من مرور هذا الخبر من أمام أنوف الإعلاميين، في حين تمر من أمام أسماع وعيون هؤلاء الإعلاميين الكثير من الانتهاكات الإنسانية في وسائل الإعلام التي تستهين في العديد من برامجها بشرائح عديدة من المجتمع العراقي دون أن يسجلوا أدنى درجة من الاستغراب، فالشاعر أحمد عبد الحسين لم يطالع مثلي الكثير من شكاوى ذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب العاهات مثلا وهم يتوارون خجلاً من النكات والاستهانة بهم في أحد البرامج التلفزيونية التي يدافع عنها الأخ الشاعر وبعض المدافعين عن فوضى الصحافة، لأن الأخ عبد الحسين يمتلك موقفاً قبلياً ومسبقاً من كل المؤسسات التابعة للدولة، فهو يدعو إلى التساؤل عن أهمية وجدوى هذه الهيئة من الأساس، وكأنه لم يمرّ خلال جولاته في دول ديمقراطية تعتمد على مؤسسات مستقلة في إدارة الإعلام وتنظيمه، فهيئة الإعلام البريطانية لها من الضوابط وقواعد السلوك المهني والأخلاقي ما لم تعتمده الهيئة العراقية لحد الآن، لأن تطبيق هذه القوانين سوف يغلق العديد من الفضائيات والصحف بسبب انتهاكها هذه المعايير، الهيئة استقت مدوناتها من قانون حقوق الإنسان، مؤسسة اليونسكو هي التي أشرفت على وضع هذه المدونات التي يسميها الأخ عبد الحسين بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، مشبّهاً إيانا بالسعودية وإيران، وكأنه يغفل الفرق الشاسع بين حرية الإعلام العراقي التي تعد مقالات السيد عبد الحسين وزملاءه مصداقاً حقيقياً لها، وبين تكميم الأفواه في دول وبلدان أخرى.
إن تعريف الأخلاق لدى الهيئة هو الالتزام بالقيم الإنسانية وحرمة البيوت والأشخاص وعدم الانتقاص من الآخر على أساس اللون أو الطائفة أو الحزب أو السلامة البدنية، لذلك تطالب هيئتنا "هيئة الإعلام المهني" كل وسائل الإعلام الالتزام بهذه المعايير الإنسانية والأخلاقية، فالإعلام العراقي بحاجة إلى مرجعية يحتكم إليها حينما تنتهك حقوق أحد من قبل آخر، وبحاجة إلى مرجعية تنظيمية تؤطر عمله بأطر قانونية وفنية، كما هو بحاجة إلى من يحميه من التدخلات السياسية والتداخلات الترددية.
يذكّرني الأخ عبد الحسين بخطباء المنبر الحسيني، إذ يجب عليهم أن يربطوا آخر الخطبة بمصيبة الإمام الحسين، فهو هكذا تماما "في هذا الجانب طبعا" يعرّج في كل مقال له أو قرطاس على ذكر رئيس الحكومة، متهماً الهيئة بذلك، خالطاً بين هيئة الإعلام والاتصالات المؤسسة التنظيمية التي لا وسيلة بث لديها على الإطلاق وبين شبكة الإعلام العراقي التي تمتلك وسائل بث عديدة كان يعمل بها الأخ أحمد عبد الحسين.
نحن في هيئة الإعلام والاتصالات لم نحاسب مؤسسة إعلامية لحد الآن على أساس سياسي – على الرغم من كثرة الخروقات السياسية – ولم ندافع عن أي مسؤول حكومي – على الرغم من كثرة الشكاوى من وسائل الإعلام – إنما ندافع عن إنسانية هؤلاء المعدمين والمسحوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، أعتقد أن ذلك ما سميته أخلاقا، فأنا أدرك جيداً أنني لست محتسباً أخلاقيا أو عضواً في هيئة دينية، إنما أنا مؤتمن على رسالة إنسانية يجب أن تصل عبر وسائل الإعلام من دون أن تخدش شعور احد.
أخيراً أتمنى من السيد أحمد عبد الحسين وكل الإعلاميين الذين لم يفهموا وظيفة هيئة الإعلام والاتصالات لحد الآن أن يزوروا الهيئة ويطلعوا على الكم الهائل من الخروقات والمخالفات المسكوت عنها والتي لم يتخذ فيها أي أجراءٍ قانوني رغم أننا مطالبون بعوامل ردع لكل متسلق على أسوار القانون، كما أدعو الأخ عبد الحسين إلى أن يتفضل علينا ويعمل راصداً لمدة أسبوع ليكتب قرطاسه القادم عن الهيئة بطريقة أجزم أنها تختلف عن هذا القرطاس.
قــــرطاس هيئــــة الإعــــلام المهني
[post-views]
نشر في: 16 أكتوبر, 2012: 06:14 م