المدى
تنشر( المدى) نص المذكرة التي رفعتها مجموعة من الشخصيات إلى رئيس الجمهورية جلال طالباني والى مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية ورئاسة إقليم كردستان وكافة وسائل الإعلام منددة بحملات التشهير ضد محافظ البنك المركزي المقال الدكتور سنان الشبيبي وفيما يلي نص المذكرة التي وقعها د. فاضل عباس مهدي -
د. كاظم حبيب –د. هاشم محمد العلي –د. ناجح العبيدي –د. كامل العضاض - نهاد القاضي –عدنان الجنابي -
د. فرهنك جلال –فؤاد الكاظمي – د. جعفر عبد الغني واخرون
تحية واحترام
من وظائف الدولة العراقية ومؤسساتها الحفاظ على المال العام وعلى حقوق المواطنين المدنية والسياسية دون تعرضهم للتشهير والعمليات المبرمجة لدى البعض لتشويه السمعة والاستهداف القصد منه التسقيط المهني والسياسي. وقد لاحظنا في الأشهر القليلة الماضية حملة شعواء قامت بها اجهزة مدعومة من اعلى مؤسسات الدولة تستهدف إخضاع البنك المركزي العراقي لمشيئة رئيس الحكومة الحالية السيد نوري المالكي إذ لم يعد سرا لدى القاصي والداني ان الدكتور سنان محمد رضا الشبيبي هو المستهدف بهذه الحملات التشهيرية والتطهيرية والتي صارت تذكرنا بما قام به نظام صدام الفاشي من تشويه لسمعة مواطنين ومسؤولين كبار في الدولة كان منهم مثلا المرحوم صالح كبة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي بالستينيات الذي اتهم ظلما بالجاسوسية انذاك رغم كونه من أنظف الموظفين الكبار في الدولة ومسؤوليها انذاك. وكانت هذه الحملات التطهيرية إيذانا بدخول الوطن في ظلام الدكتاتورية والفاشية التي دامت ٣٥ عاما كالحاً تبددت فيه كل منجزات الأجيال من بنى تحتية وأرصدة مالية فتحول العراق من بلد يملك ٣٧ مليار دولار من احتياطي العملات الاجنبية عام ١٩٧٩ الى بلد مدين ب ١٤٠ مليار دولار من الديون السيادية عام ٢٠٠٣. وبسبب هذه السياسات الخرقاء ونتيجة العسكرة والحروب، تحول الاقتصاد العراقي الى اقتصاد مدمر يعاني العراقيون لحد اليوم من دماره.
اننا ككفاءات عراقية مهنية معروفة بنزاهتها وحبها للوطن الغالي اضافة الى السياسيين والمهتمين بالشأن السياسي صرنا نلاحظ بان نفس الأساليب التشهيرية والتطهيرية صارت تطل علينا اليوم ولكن بثوب جديد. النظام البعثي بدأ بالتشهير بالأبرياء والوطنيين والمهنيين وانتهى بالتطهير والهيمنة على جميع مفاصل الدولة والمجتمع من خلال عسكرة الدولة وانفاق الاموال الطائلة على شراء الاسلحة بدلا من التنمية وعلى تضخيم اجهزة الشرطة والمخابرات والجيش بدلا من تشغيل العراقيين في القطاعات الانتاجية. وطال التطهير في الكثير من الاحيان أعراقا وقوميات وطوائف كما طال حركات سياسية تقدمية ووطنية وإسلامية ومثقفيها نذكر منهم مثلا ،وليس على سبيل الحصر، الشهيد اسعد محمد رضا الشبيبي المهندس الوطني النزيه الذي أودع سجون النظام البائد لتختفي آثاره الى يومنا هذا كما طال من الاقتصاديين المعروفين الشهيد الدكتور صباح الدرة والأستاذ الجليل الدكتور محمد سلمان حسن والشهيد الدكتور صفاء الحافظ والشهيد آية الله محمد باقر الصدر و اخته بنت الهدى، كما طال التطهير والقمع اساتذة فطاحل في جامعات العراق كان منهم العالم الشهيرالدكتور عبد الجبار عبد الله واللغوي الفطحل الدكتور مهدي المخزومي لينال التطهير هذا ايضاً أساتذة أجلاء في كلية الطب بجامعة بغداد في اواخر السبعينيات كان منهم "طبيب الأطباء" الدكتور فرحان باقر وغيرهم كثار فمحدلة إرهاب الدولة التي بدأت بالكفاءات العراقية المتميزة طالت في نهاية المطاف اغلب فصائل الشعب بمكوناته العرقية والطائفية والسياسية المختلفة. وكانت هذه المحدلة الصماء قد بدأت تجرف العراق الى هاوية الدكتاتورية باستهداف المثقفين وكبار المهنيين الوطنيين والكثير من المواطنين الآخرين ليهيمن على مقدرات البلاد الجهل والتجهيل والتخلف الاقتصادي والاجتماعي.الدكتور سنان محمد رضا الشبيبي في رأينا هو من أفضل الكفاءات الاقتصادية العراقية التي عادت لخدمة الوطن وهو الآن مستهدف من قبل بعض القياديين في دولة القانون، البعض منهم انتمى اليه بعد ان كان من العاملين في أجهزة النظام السابق. ان هذا الاستهداف هو أساسا لكون الدكتور الشبيبي اقتصاديا محترما في المؤسسات الاقتصادية العراقية والدولية واوساطهما المهنية، إذ كان قد رفض قبل عامين طلبا في احدى جلسات مجلس الوزراء من قبل رئيس مجلس الوزراء بإقراض الحكومة مبلغ ٥ مليارات دولار. ولأن المادة 26 من قانون البنك المركزي لعام 2004 صريحة في تحريمها له إقراض الدولة ومؤسساتها، فقد امتنع محافظ البنك المركزي عن صرف هذا المبلغ، وهو بهذا قد تصرف بما يتطابق مع قانون البنك المركزي، مما أثار غضب واستياء السيد نوري المالكي فصار لا يقبل إلا بإخضاع البنك المركزي لمشيئته كما اخضع من قبل هيئة النزاهة وغيرها وحاول إخضاع المفوضية العليا للانتخابات والتي رافقتها حملة تشهيرية بائسة اخرى في وسائل الاعلام. قبل تشكيل اللجان في البرلمان للتدقيق بعمل البنك المركزي ومزاده انطلقت حملات تشهيرية تقودها فضائيات ونائب برلماني من دولة القانون هو هيثم الجبوري الامر الذي خلق مناخا تشهيريا مضللا للذين لا يعرفون ما يدار في الخفاء من تصميم واضح للهيمنة على الاحتياطي النقدي في العراق والبالغ ٦٥ مليار دولار لاستخدامه كما استخدمت المليارات الاخرى المبددة هباء منثورا دون اثر تنموي واضح سوى في التنمية التي شهدها اقليم كردستان. وفي هذا الشأن، اطل علينا رئيس كتلة المواطن البرلمانية السيد باقر جبر الزبيدي في مقابلة خاصة مع قناة العراقية يوم ١٤ تشرين الاول الحالي ليخبرنا عن ال ٢٠٠ مدرسة التي كان مقررا بناؤها وانتهت حديدا مكوماً بلا مدارس! وقصص الكهرباء والتبديد باستثمارات هذا القطاع الحيوي نتيجة الفساد غنية عن التعريف فما زال العراقيون خارج الاقليم يعانون من انقطاع التيار الكهربائي اغلب ساعات النهار نتيجة الفساد وما من محاسب للفاسدين في وزارة الكهرباء.
ان استهداف الدكتور الشبيبي ومن تضامن معه من المهنيين من قبل الأجهزة المدعومة على اعلى المستويات في ديوان مجلس الوزراء بداية غير مسؤولة لتضييق الحريات التي كفلها القانون والدستور فقد تلقى مثلا احد زملائنا وهو الدكتور فاضل عباس مهدي بالبريد الالكتروني رسالة يوم ١٤ تشرين الاول الساعة ٥ و ٤٨ دقيقة مساء ممن يقول له بالحرف الواحد "سيتم تحريم دخولك الى العراق انشاء الله" والرسالة الالكترونية البذيئة في محتوياتها الاخرى محفوظة لدينا. اننا نسأل هل أمسى العراق ملكاً لأجهزة المخابرات وديوان مجلس الوزراء لكي يُهدد مواطن عراقي اخر واقتصادي معروف دولياً بتحريم دخوله الى وطنه؟ وهل هذا هو جزاء المعرفة والكفاءات العراقية المعروفة؟ (وقد بلغنا في 18 تشرين الأول أن عدداً من الزملاء الأفاضل داخل العراق ممن كانوا قد وقعوا المذكرتين التضامنية مع محافظ البنك المركزي الدكتور الشبيبي والفنية بخصوص تحليل أداء السياسة النقدية، واللتين نشرتا على موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، قد تلقوا تهديدات. ولا نستطيع ذكر أسمائهم هنا حفاظاً عليهم- د. فاضل مهدي منسق المذكرة).
وفي هذا الشأن، تستهدف الحملة الحالية والتهديد بالسجن والعقوبات هي الاخرى إخافة الدكتور الشبيبي كي يُحْرَم من العودة الى الوطن ومهام منصبه الذي يقال انه اقيل منه من قبل مجلس الوزراء وبشكل غير قانوني وعلى عجل لافت للانظار.
ان استهداف الدكتور الشبيبي بالتشهير والتهديد بالسجن الفوري دون حق الكفالة، وهو كما معروف رجل يعاني من مرض القلب منذ سنين طوال، ومن ثم الإقالة الاستعجالية وتعيين السيد عبد الباسط تركي أمور ملفتة للنظر لنا كمواطنين عراقيين ذوي ذاكرات طويلة وشاخصة عن تسلسل مآسي العراق. وفي هذا الشأن، لا بد وان نقارن ما يحدث مع الدكتور الشبيبي، الكفاءة العراقية المتميزة والمعروفة، من استهداف وتشهير بما حدث من حماية لمسؤولين آخرين معروفين للقاصي والداني بفسادهم في وزارة التجارة ووزارة الكهرباء وغيرها. ان تسلسل الاحداث وسياقها يذكرنا بالعام ١٩٦٩ عندما بدأت حملات التشهير والهيمنة لتنتهي بالتطهير المذهبي والعرقي للكرد الفيلية فبقية الكرد ومن ثم انتقل التطهير ليطال الحزب الشيوعي والمثقفين اليساريين والديمقراطيين المستقلين والليبراليين والأحزاب الاسلامية والكثيرين من شرفاء ومثقفي الوطن الذي نكبته السياسات الفردية التي انتهت بالدكتاتورية والدمار.
ان التشهير واستهداف الكفاءات المشهود لها يذكرنا ببداية خريف اخر في تاريخ العراق السياسي نحذر من عواقبه لحضراتكم وانتم كبار المسؤولين في الوطن المستهدف بهذه السياسات التشهيرية التي نأمل ان لا تقود في يوم اخر الى التطهير. لقد ابتدأ النظام السابق بالتشهير وانتهى بالتصفيات الجسدية للكثيرين من شهداء الوطن ومن هذا نحذر كمثقفين وكفاءات.
رسالة إلى رئيس الجمهورية.. حملات التشهير ضد الدكتور الشبيبي غير مبررة
نشر في: 21 أكتوبر, 2012: 07:26 م