بغداد/ علي الكاتب
يؤكد مراقبون ان عملية الإصلاح الاقتصادي تتطلب في بداية الأمر إحداث تنمية اقتصادية مستدامة تعتمد في أولوياتها العمل على إيجاد التعددية في الاقتصاد الوطني والخروج من بوتقة القطاع الواحد وهو القطاع النفطي كمصدر وحيد للانفاق الحكومي والموازنات المالية السنوية .
وقالت الخبيرة الاقتصادية اكرام عبد العزيز في حديث لـــ ( المدى) ان تلك القضية كانت من اهم المحاور التي بحثت في الاجتماع الذي عقدته هيئة المستشارين في الامانة العامة لمجلس الوزراء حول خطة التنمية القومية وتوجهاتها والمعوقات التي تعترضها ، حيث كانت هناك تقديرات للناتج المحلي بنحو 37 , 9 طوال فترة اعداد الخطة مما يصب في عملية تنويع مصادر الاقتصاد الوطني.واضافت: لقد تم بحث تنمية القطاع الخاص وزيادة الانتاجية الاقتصادية وزيادة فرص التوظيف، لاسيما لشريحة الشباب والنساء وزيادة تجهيز خدمات الماء الصالح للشرب وخدمات المجاري الصحية ، وتخفيف حدة الفقر وتقديم الخدمات الاجتماعية الاساسية للفقراء وتقليل الفروقات بين المحافظات من خلال التوزيع الجغرافي المتوازن للبنى التحتية والخدمات الاجتماعية والاسكان الملائم وتقليل الفروقات بين الحياة الحضرية والريفية ، في ظل توفر البنى التحتية والخدمات الاجتماعية وتوفير فرص التوظيف وزيادة التنفيذ في مشاريع التخطيط العمراني الحضري والريفي لاسس التنمية المستدامة ونوعية الحياة .
واشارت عبد العزيز الى ان الخطة الخمسية 2010-2014 من اهم اهدافها الاجابة عن التساؤل الذي يثار دائما حول اي القطاعات ستكون له الريادة القطاعية خلال السنوات المقبلة وتحديدا بعد سنة 2014، وما يتم بحثه كذلك هو ان القطاع النفطي سيبقى هو القطاع الرائد بين القطاعات الأخرى لفترة ، اي للسنوات الخمس المقبلة لكونه يعد المصدر الوحيد لتوفير الدخل للاقتصاد العراقي ومصدر تمويل عمل القطاعات الاقتصادية الاخرى.
واكدت ان ذلك يتبعه بقية القطاعات الاخرى التي من الممكن لها مستقبلا الاسهام بشكل فعال في الاقتصاد الوطني كالكهرباء الذي يمثل عصب الحياة الاقتصادية ، اذ لا يمكن ان تسير عملية التنمية الاقتصادية من دونه، وبعده تأتي القطاعات الانتاجية الاخرى وهي الزراعة وغيرها ، اذ ان تلك من اولويات الاصلاح الاقتصادي اعداد الخطط الكفيلة بتحقيق تلك الرؤى.
ولفتت الى ان تلك الرؤى يجب ان تبدأ من الموازنة وتطبيقات الانفاق العام لتمويل الايرادات ورفع كفاءة القطاعات الانتاجية ، وجعل اوجه النفاق العام في مكانها الصحيح ، وامكانية الحصول على نتائج ايجابية من خلال الصرف لمشروع استثماري ضمن الموازنة الاستثمارية ،كرفع كفاءة الإنتاج وزيادته وتحقيق مردودات اقتصادية على حساب التكاليف .وبينت الخبيرة الاقتصادية ان تأثير النفقات على مسارات الاصلاح الاقتصادي سواءا كانت نفقات استهلاكية او نفقات انتاجية، فاذا كانت تلك النفقات موجهة للاستهلاك وممولة من مصدر واحد ، فتكون هناك اولويات لهذا التوجه واولويات لسلم الانفاق الاستهلاكي الذي يجب ان يراعي كذلك رفع إنتاجية النفقات العامة.ونوهت عبد العزيز الى ان التوجه الاصلاحي يبدأ من إصلاح الموازنة وإصلاح النفقات والايرادات وهي مفتاح لجميع الإصلاحات لأنظمة الصرف وإصلاح لأسعار الفائدة وإصلاح التوجهات الائتمان، وهي خطوات متكاملة لنجاح واحد، ومن المهم ان يقصد بالإصلاح الاقتصادي مايحققه من تأثير في الموازنة لا مايحققه من ارقام فيها، لتكون لدينا مشاريع منجزة وخطط مستقبلية نعمل بموجبها، اما نوعية الاصلاح فيجب ان لا يكون بطريقة عشوائية ومجتزءة وانما بطريقة منظمة لضمان استثمار كل امكانيات التنمية وخفض تكاليف النفقات الاجتماعية المترتبة على الإصلاح.
الاسهام في تخفيض العجز
وقالت ان هناك شرطين للاصلاح الاقتصادي هما الاسهام في تخفيض العجز الخارجي للمستوى الذي يمكن ان يحقق استقرارا ، حيث يكون هذا التوازن الخارجي متفقا عليه لتحقيق معدلات النمو في الداخل بشكل مقبول ،واصلاح في مجالات القضاء على البطالة والتضخم مما يستوجب وجود ادارة رشيدة لادارة تكاليف الاصلاح ، مع الاخذ بنظر الاعتبار الفئات الاقل في مستويات الدخل في المجتمع وجوانب القضاء على الفقر ، ضمن اجراءات اصلاحية تسير باتجاه تقليص الاعباء المترتبة على ذلك ، اذ ان هناك مسارات لو اخذت بالحسبان لنتجت لنا قطاعات اقتصادية انتاجية بديلة عن النفط كالزراعة والصناعة من خلال ذلك يمكن توفير مردودات مالية كبيرة للموازنة العامة لتكون مداخيل للموازنة تسهم في تنوعها ، مما يضيف قوة للاقتصاد الوطني ، اذ ستكون هناك صادرات كبيرة للخارج ومنتجات محلية تنافس المستوردة ، مع تقديم الدعم الكامل للميزان التجاري وميزان المدفوعات في الاقتصاد العراقي .
الاصلاح الاقتصادي ضرورة
قال الخبير الاقتصادي كمال البصري لـــ ( المدى) ان عملية الاصلاح الاقتصادي هي ضرورة اقتصادية وموضوعية قبل ان تكون قرارا سياسيا ، وهذا يأتي بسبب الاحداث التي مرت بالعراق خلال العقود المنصرمة قبل التغيير في سنة 2003 ، الامر الذي عطل الكثير من مرتكزات الاقتصاد وقطاعاته الرئيسة، فضلا عن حالة التقادم التي افضت اليها تلك الاحداث من تراجع في بنية المؤسسات والمصانع والمكائن والمعدات ، لتصبح من الاستحالة القبول بالواقع الاقتصادي بعد سنة 2003 ، وهو مادعا كل الإدارات السياسية بعد هذا التاريخ الى العمل على تطويره وتغيير الاقتصاد من خلال اليات الادارة اولا عبر التحول نحو اقتصاد السوق واعتماد الياته.
واضاف ان عملية التحول لم تكن سهلة، لاسيما في ظل الظروف السياسية والامنية التي مر بها العراق ،وبالتالي كان هناك الكثير من التحديات التي اضافت اعباء كثيرة على عملية التحول الاقتصادي كعقبة تقف دون حدوثه ومن ابرزها انهيار البنى التحتية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتضخم وانتشار ظاهرتي الفساد المالي والاداري ،الامر الذي دفع بالمجتمع الدولي الى مؤازرة العراق في مواجهة تحديات تحوله السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
الاندماج بالمنظمات الاقتصادية
فيما قال الخبير الاقتصادي باسم عبد الهادي ان الرغبة لدى العراق في الاندماج ضمن متطلبات المنظومة الاقتصادية الدولية المتمثلة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية سهلت امامه الحصول على الدعم المالي والفني من المجتمع الدولي، وهو ما تحقق من خلال اسقاط جزء كبير من مديونيته الخارجية ، فضلا عن الحصول على عدد كبير من القروض المالية سواء من المؤسسات الدولية او من الدول الصديقة .واضاف ان الفساد المالي والاداري يعد التحدي الاكبر امام اعادة بناء الاقتصاد الوطني ، لكونه يخفض الانتاجية ومعدل النمو ويحجم مستويات الاستثمار ويحد من المنافسة ويزيد من الانفاق الحكومي ، وان الخطوة الاولى في بناء المنظومة الاقتصادية تتم من خلال محاربة هذه الظاهرة ، حيث ان استراتيجية مكافحة الفساد الاداري تعد خطوة بالاتجاه الصحيح ،مع اهمية دور المواطن في محاربة هذه الظاهرة .