العراقيون أكثر شعوب العالم حرصا على السؤال عن الصحة والعافية أثناء تبادل تحية الصباح والمساء ، و"مكاتيب" أي رسائل زمن ما قبل استخدام شبكة الانترنيت كانت تتضمن عبارة نتمنى لكم موفور الصحة والعافية ، وشكرا لساعي البريد.
مراجعو العيادات الصحية في المستشفيات من الجيل السابق تناولوا حبوب "العراق مجانا " لأنه دواء لكل داء ، لمن يطلب علاجا حكوميا ، وليس باستطاعته دفع أجور "المعاينة " للأطباء أصحاب العيادات المتخصصة ، ودعوة المطرب عبد الجبار الدراجي في أغنية عاين يادكتور لمعالجة جروح قلبه لم تجد علاجا لا بحبوب العراق مجانا ولا بأدوية تباع بالصيدليات ، وكانت تستورد من ألمانيا وسويسرا ، وتخضع لإجراءات الفحص المختبري ، ومراقبة جهاز التقييس والسيطرة النوعية ، والتجار العراقيون من اليهود مطلع القرن الماضي كانوا يستوردونها من المناشىء الأصلية ، ثم توزع بين صيدليات العاصمة وبقية المدن الأخرى ، ولم يكن احد يشكو في ذلك الوقت من انتهاء الصلاحية ، أو فقدان فاعلية الدواء نتيجة سوء الخزن والنقل.
استغاثة المطرب الدراجي بمعالجة جروح القلب العاطفية ربما عثرت على العلاج، وانتهى الأمر بالنسبة له، لكنها لدى الآخرين ممن يعانون الأمراض المزمنة والطارئة ، تبدأ من الانتظار الطويل في المستشفيات الحكومية للحصول على موعد الخضوع لفحص المفراس والسونار وسواء توفرت لأحدهم "الواسطة" أو بدونها فعليه أن ينتظر أكثر من شهر في اقل تقدير للخضوع للفحص ، ثم عرض النتائج على الطبيب المختص ليمنحه الدواء المطلوب.
الواقع الصحي العراقي يستطيع أي شخص أن يتعرف على تفاصيله عبر القيام بزيارة إلى منطقة الحارثية ، أو ساحة الواثق ، وهناك سيطلع على مأساة عراقية لا يوجد لها مثيل في دول الجوار ، الأسعار مرتفعة وأجور الفحص بجهاز الرنين المغناطيسي تبلغ ربع مليون دينار ، ومن لا يمتلك هذا المبلغ عليه بيع جزء من ممتلكاته ، كما ذكرت سيدة تسكن في قرية تابعة لقضاء المحمودية فهي باعت "العجل" لدفع تكاليف الفحص وشراء الدواء .
تلك السيدة باعت "العجل" وأخرى" الحجل ، وثالثة اقترضت مبلغا بأسلوب الربا لضمان المبلغ لإجراء الفحص الطبي ، وبعضهن وقعن ضحايا إعلانات تروج لوصول أطباء متخصصين لعلاج مختلف الأمراض بوصفات سحرية جلبوها من الخارج ، وأسعارها تعادل ثمن "عجلين أو ثلاث صخول حلابة" ، والمتخصصون الوافدون يطلبون من مراجعيهم المرضى بالمفاصل الخضوع لجلسات معالجة بالليزر وثمن الجلسة الواحدة تبلغ نصف مليون دينار .
الواقع الصحي الحالي ، وبرغم إعلان الجهات الرسمية الحرص على تطويره باستيراد الأجهزة التقنية الحديثة ، وتوفير جميع المستلزمات لعلاج المرضى ، يحتاج إلى المزيد من الإجراءات لكي يقتنع المرضى بان "العراق مجانا" دواء لكل داء .
أغنية "عاين يادكتور " المنسية هذه الأيام من المفيد إعادة بثها في إذاعات محلية لكي يسمعها كبار المسؤولين ، ليعيدوا النظر بصفقة شراء الطائرات الحربية من الولايات المتحدة وروسيا بتخصيص نصف مبلغ الصفقة لشراء أجهزة طبية جديدة ، والباقي يخصص لتطوير سلاح القوة الجوية العراقية ، علما أن أكثر طائراتها مازالت في إيران ، وعاين يادكتور عطاب كلبي .
عاين يادكتور
[post-views]
نشر في: 21 أكتوبر, 2012: 07:44 م