TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > على إيقاع الخشابة

على إيقاع الخشابة

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 06:51 م

فرقة الخشابة البصراوية المعروفة بأداء جميع  الأغاني العربية والعراقية المنسجمة مع إيقاعاتها لها جمهورها الواسع في الداخل والخارج ، وعلى الرغم من انحسار نشاطاتها في السنوات  الأخيرة لأسباب معروفة ، حافظت على حضورها ، ولاسيما أن أغانيها  أصبحت تحت متناول من يرغب في سماعها  .

بالمعنى السياسي فرقة  الخشابة تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة بدون حسد  يسمعها الجمهور العراقي بكل مكوناته من زاخو إلى الفاو ومن الرطبة إلى خانقين ، وما حققته الخشابة تفوق على تلك الجهة السياسية التي فشلت في وضع جدارية تحمل صورة لزعيمها في احد أحياء العاصمة بغداد ، فبعد الانتهاء من افتتاح الجدارية وعلى طريقة النظام السابق ، استفرت الأجهزة الأمنية جهودها للقبض على المتورطين   بتشويه الصورة، وتم  اعتقال صاحب عربانة لبيع اللبلبي  وإخضاعه للتحقيق  لمعرفة الجهة أو الأشخاص  المتورطين بارتكاب  جريمة التطاول على الرموز الوطنية .

أبو اللبلبي ترك موقع عمله  لأنه لم يكن يعتقد في يوم ما أن يكون متهما بخرق القانون والتجاوز على حقوق الآخرين  سواء من الشخصيات السياسية أو زعماء الأحزاب  والتنظيمات ،  والرجل اعتاد  بث أغاني الخشابة عبر مسجل  يعمل بالبطارية لاستقطاب الزبائن ، مع استعداده لتلبية طلبات المستمعين بتغيير "البكرة" بشرط عدم طلب أغاني وأناشيد النظام السابق .

فضل أبو اللبلبي اختيار مكان بعيد عن أية جدارية  ،  وان يكون بقرب سيطرة أمنية ،  للاستعانة بعناصرها وقت الحاجة  للإدلاء بشهادتهم على حسن سلوكه ، ورفضه الحديث بالسياسة ، ولكن المشكلة التي   واجهته فقدانه الزبائن ، ولتفادي كساد نشاطه الاقتصادي  قرر العودة إلى مقره الأول بعد أن اختفت الجدارية ،  وهيكلها الحديدي تحول إلى مظلة  لسواق الكيات  وأصحاب عربات بيع النفط  والغاز .

زبائن بائع اللبلبي رحبوا بعودته  ونددوا  بتعرضه  للتحقيق  والتعرض للمساءلة والاستجواب    و "الجرجرة " في مراكز الشرطة وتضامناً معه دفعوا ثمن  الصحن مضاعفا على إيقاع أغاني الخشابة ، محملين دائرة البلدية المسؤولية بوضع  الجداريات  في أماكن  قد تعرضها لهجمات محتملة من أعداء العملية السياسية والساخطين على الأداء الحكومي  . مع  اصرفاهم على أن يكون حيهم خاليا من أية جدارية.

مع  ارتفاع عدد المحللين السياسيين المختصين بالشأن العراقي ،  وإطلالتهم اليومية عبر شاشات  الفضائيات للدفاع عن موقف جهة أو مسؤول أو قائد سياسي معين،  من المتوقع أن تشهد الساحة العراقية ، ونتيجة إصرار البعض على اعتماد  الصورة في توسيع  القاعدة الشعبية ، سيظهر جيل جديد من المحللين المختصين بشؤون الجداريات ، وبوادر الظهور برزت من خلال وضع الأعلام والخرائط والصور على صدور المدافعين عن زعمائهم ،وأسيادهم ، وكأنهم يدعون  العراقيين لتقليدهم   للحصول على شرف تعليق صورة "ملك زمانه" على صدورهم، تعبيرا عن المحبة والولاء  والإخلاص والوطن والقائد ،  من المؤكد أن صاحب عربانة بيع اللبلبي سيرفض هذه الدعوة ،فهو لا يريد أن يتعرض  للجرجرة والتحقيق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram