ثلاثة أحداث أمنية في ثلاثة أيام شهدها الأردنيون, وهي جميعاً تتعلق بامتدادات الأزمة السورية الملتهبة إلى دول الجوار, مهما حاولت النأي بنفسها عن الحدث السوري, الأول يتعلق بالقبض على مجموعة إرهابية تخطط للقيام بتفجيرات في أماكن عامة, وهجمات ضد بعض السفارات الغربية, وخصوصاً السفارة الأميركية, والثاني باشتباك عند الحدود السورية مع مجموعة إرهابية حاولت دخول الأراضي الأردنية, ونتج عن الاشتباك مقتل عسكري أردني, والثالث هو القبض على سبعة سوريين, تتوفر لديهم أجهزة اتصال حديثة ومناظير ليلية, ويقطنون في مناطق متفرقة, غير أنهم جميعاً تابعون لمخابرات البلد الشقيق, ومكلفون بمهمات لم تفصح الجهة الأمنية التي اعتقلتهم عنها.
منذ انطلقت الأحداث الراهنة في سوريا, كان كل من في الأردن يدرك أن ما يجري في الجوار لن يظل حبيس جغرافيا الدولة السورية, وأن التداعيات ستصل عاجلاً أم آجلاً, ولم تتغافل السلطات الأردنية عن ما كانت تعلنه دمشق حول انتقال شرر ما يجري فيها إلى كل دول المنطقة, تم تعزيز التواجد العسكري عند الحدود المشتركة, وتعزيز الإجراءات الأمنية عند نقاط الحدود الرسمية, وترافق ذلك كله مع استقبال عشرات آلاف اللاجئين, الفارين من جحيم ما يجري في وطنهم, غير أن الأكثر أهميةً هو حالة التأهب العالية المستوى في صفوف الأجهزة الأمنية, التي أدركت أن الخطأ الصغير يمكن أن يتحول إلى كارثة في مجتمع محتقن بسبب الحالة الاقتصادية المتردية, والحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات.
كل ذلك لم يمنع الطرف الآخر من محاولة نقل أزمته إلى خارج حدوده, فكانت الحوادث الثلاث الأخيرة التي كشفتها الأجهزة الأمنية, وهي وإن كانت تتعلق بتنظيمات ذات توجه ديني كالقاعدة, فإن هناك أحاديث عن تفاهمات لهذا التنظيم مع بعض مفاصل السلطة السورية, تعود جذورها إلى ما بعد سقوط نظام صدام حسين, وتبني دمشق لكل مناوئي النظام الجديد في بلاد الرافدين, وتحويل أراضي سوريا إلى موقع لتجميع كل المتضررين من سقوط صدام, أو من أتى بعده, وعلى وجه الخصوص من يرفضون صعود المكون الشيعي في العراق إلى موقع السلطة, ولنا أن نتذكر كيف وكم اشتكت بغداد من تساهل السوريين مع " المجاهدين " الذين يتسللون إلى العراق, بكل ما في جعبتهم من إرهاب أعمى, لم يكن يفرق بين من يذبحهم ويحيل حياتهم إلى جحيم.
لن تكون الأحداث الثلاثة التي تم الكشف عنها الأخيرة, وستتوالى فصول جديدة يأمل المواطن الأردني أن تظل تحت السيطرة, وهو وإن كان يأخذ على أجهزة أمنه تدخلها في بعض مفاصل حياته السياسية, فإنه اليوم يشد على يدها, ويثمن عالياً جهدها في حفظ أمنه, وهو النعمة الأكثر ضرورة في حياته, أما الذين يعبثون بأمن الوطن من أبنائه, فهم يدمرون وطنهم بأيديهم دون أن يدركوا أي جريمة يرتكبون, أو أي نعمة يرفسونها بأقدامهم, والأكثر مأساوية أن بعضهم يتوهم أنه بذلك يؤدي واجبه الديني, متجاهلاً أن من يوجهه إما أنه لايكترث بالدين, أو أن عقليته تحجرت عند أفكار العصور الوسطى.
سيتأثر الأردن دون شك بما يجري في جارته الشمالية, وسيظل الأمل أن يكون التأثير القادم إيجابياً, يخدم المصلحة العامة, وسنظل نردد, حفظ الله الأردن والأردنيين, وسوريا والسوريين.