TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل سنرى الفيل هذه المرة؟

هل سنرى الفيل هذه المرة؟

نشر في: 30 أكتوبر, 2012: 11:00 م

.. ونحن نعيش التفاعلات السريعة لقضية البنك المركزي هذه الأيام نرى العديد من المقالات والتصريحات التي تملأ الصحف والفضائيات حول الموضوع  ، والتي ما أن نطلع عليها حتى نزداد حيرة لأنها تمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فالبعض مؤيد والبعض مؤيد بشدة والعكس صحيح أيضا، ومن خلال مراقبتي تلك الآراء أرى أن أغلبها قائم على "حسن الفطن" في استنباط الأحكام دون معرفة حقيقة الأمر ،وهذا يذكرني بحجة الفلاسفة في إثبات أن الفلسفة هي الوحيدة التي أدركت الحقيقة كاملة من بين باقي العلوم ،إذ يقولون إن مثل الفلسفة في ذلك مثل مجموعة أشخاص أرادوا معرفة ما موجود في غرفة مظلمة  ، الأول عند خروجه منها قال إن فيها ذيل ،والثاني قال فيها خرطوم ،فيما أكد الثالث وجود ساق حتى دخل الأخير وفتح الضوء ليرى الحقيقة وهي أن هنالك فيلاً في هذه الغرفة !

ربما تنطبق هذه القصة إلى حد ما على جميع قضيا الفساد السابقة إلا أنها تبدو أكثر وضوحا هذه المرة في قضية البنك المركزي وأعتقد أن السبب لا يعود إلى تباين الخلفيات السياسية لمن أدلوا بآرائهم فقط وإنما إلى شخص المحافظ وسيرته الاجتماعية التي جعلت البعض يعتبره فوق الشبهات ،فيما ذهب البعض الآخر إلى إصدار الحكم عليه مسبقا انطلاقا ربما من مسؤولية المحافظ التضامنية بحكم موقعه في البنك بعض النظر عن وجود مسؤولية مباشره له أم لا ، وفي الوقت الذي يجب فيه ألا نخلط الأوراق ، فالسمعة شيء والعمل شيء آخر فإننا يجب ألا نستبق الاحداث أيضا ،فالقضية لا تزال غير محسومة قضائيا وعلينا أن نحترم القضاء.

إن دعوتي للتأني في إصدار الأحكام أسوقها على الرغم من اطلاعي على الكثير من مجريات الأمور في هذه المؤسسة بعد أن عملت فيها لأكثر من سبعة أعوام عايشت فيها العديد من المسؤولين بمن فيهم الموجودون حاليا ، إلا أن طبيعة عمل البنك المركزي وكثرة دوائره وموظفيه يكاد يضفي عليه نوعا من الغموض ،وهذا الغموض قد تعزز في المرحلة الجديدة لاسيما بعد أن جاء قانونه رقم 56 لسنة 2004 مؤكدا   استقلاليته التي أصبحت لاحقا مثار جدل كبير في إطار قضية الهيئات المستقلة وارتباطها الإداري ولم تحسم بشكل واضح حتى من قبل المحكمة الاتحادية التي أصدرت ثلاثة قرارات بشأنها.

 

الأدوات والهدف

إن الحديث عن الاستقلالية والذي يعد من خصائص المصارف المركزية في الدول الديمقراطية في العالم لا يرتبط بعدم الخضوع للرقابة كما أراد بعض المسؤولين في البنك أن يفسره وإنما يعني أن يكون البنك حرا في اختيار أدواته للوصول إلى أهدافه التي نص عليها قانونه بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية ،وفي هذا الإطار لا يستطيع المركزي أن ينكر تمتعه بالاستقلالية طوال السنوات الماضية ولكن في المقابل هل استطاع البنك أن يحقق أهدافه؟ أي هل نجح في استخدام أدواته؟ الإجابة عن هذا السؤال ربما يكون لها مناسبة أخرى، حيث أن الأمر اليوم لا يتعلق بتقييم سياسة البنك وإنما الحديث يدور حول اتهامات بالفساد المالي والإداري لعدد من المسؤولين في البنك المركزي ، وعليه فإن السؤال المهم اليوم هو :إلى أي مدى كان البنك شفافا ونزيها في إدارته أدواته؟ والإجابة عن هذا السؤال نريد أن نسمعها من القضاء كاملة بغض النظر عن النتائج ، أي أن نرى "الفيل" هذه المرة وإلا يبقى في الظلام كما حدث من قبل!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram