ذكريات العمل الصحافي الرياضي الجميل، أعادتني الى بدايات رحلتي مع مهنة المتاعب في بلاط صاحبة الجلالة.. رنّ الهاتف المحمول واذا به استاذي الذي تلمذت على يديه.. ابو رشا.. الزميل صاحب القلب الرائع والعلاقة الجميلة التي يمتلكها.. انه عدنان الجبوري الذي عملت معه لاربع سنوات بالتمام والكمال يوم كنت في صحيفة العراق حيث البداية.. سمعت صوته البعيد الذي لم يتغير قــط ، بينما تغيرت السنوات وجرت بسرعة، 13 عاماً تركها ابو رشا بعيداً عنا وعن بلدنا الحبيب وبغداد الجميلة.
لم أكن أنوي الكتابة عن صدى الذكريات القريبة، لكن الجبوري الذي سَألني عن الزملاء الصحفيين والإعلاميين فرداً فرداً، اعاد الى اذهاني الكثير من اوقات العمل وفترات الانهماك باخراج الصفحة الرياضية التي تميزت بها الجريدة خاصة في الفترة التي أشرف فيها الزميل العزيز الرائع واستاذي المهني الناقد صفاء العبد على عمل الصحيفة حينذاك .
لا أظن ان هناك احداً من الزملاء الصحفيين يملك قدرة وخزينا وامكانية في جلب الاخبار الرياضية في اقصر الاوقات وأقلها جهداً وسرعة وحركة، مثل الاخبار التي كان يأتي بها الينا زميلي العزيز عدنان الجبوري، كان يملك هوسا في حفظ ارقام الهواتف الارضية (قبل ان تتحول الى المحمول في يومنا هذا) مثلما كان يملك سرا كبيرا في ان يصل الى مقر الجريدة الكائن في شارع 62 قبل الساعة الثانية ظهرا بدقائق حيث موعد العمل في غرفته التي تحوَّلت بفعل بعض الزملاء الى معرض للصور الرياضية من شخصيات ولقطات وفرق ويبدأ بعدها بالانهماك في العمل ويحصل على الاخبار التي تصعب على الآخرين بفضل علاقاته المميزة مع الكثير من الشخصيات كرؤساء الاندية والعاملين في الاتحادات الرياضية.
الجبوري، كان يُرسي جواً من الفرح والبهجة حيث الابتسامة التي لا تفارق وجهه وحركاته التي كانت تضع فينـا الأمل الى جانب النكتة التي كان يمنحها بين لحظة واخرى.. الجبوري سألني في غضون 17 دقيقة على نحو 50 شخصية وكانت نبرة صوته تتغير اذا ما علم برحيل فلان من الناس او مرض آخر له ذكريات جميلة معه.. تأسّف على غياب احدهم وسعد كثيرا حينما علم ان الزميل الفلاني يسأل عنه.. طالبني بمجموعة من الارقام لأشخاص كان قريباً منهم.. حتى انهم خرجوا من مخيلتي وفكري بسب العمل.. فارق العمر بيني وبين زميلي الرائع لم يمنعه حتى من الاتصال ببعض الزملاء على هواتفهم الارضية، لشدة حفظه لتلك الارقام.. ارقام الاصدقاء والأحبة لم تغادر مخيلة الجبوري، لكونه متعاطفاً وعلى درجة عالية من الرقة وجمال قلبه اكثر مما نتصور !
عدنان الجبوري الذي تبعدنا عنه آلاف الاميال حيث يقطن في الولايات المتحدة الاميركية، سألني عن الكثير من الزملاء وكأنه يعيش قريبا منا، لا ، بل سرد لي وبسرعة بعض الامور التي اُصبت بالذهول حين سماعي بها.. استفسرت عمّا اذا كان قد اتصل ببعض الاخوة الزملاء، وإلا كيف جاء بها ؟
قال لي بالحرف الواحد : عمار انا اتابع النشاطات كلها.. لديّ متسع من الوقت واُشاهد كل الاخبار.. برغم انني اتممت عملية جراحية في عيني قبل فترة لكنني اجد نفسي بينكم اينما اكون.
سلام ومحبة الى الرائع أبي رشا الذي عاملني معاملة صحيحة وسليمة وأخذ بيدي يوم كنت آتي له بالأخبار منصتاً ومندوباً قبل أن أصبح صحفياً.