TOP

جريدة المدى > سياسية > نتائج عكسية في بغداد

نتائج عكسية في بغداد

نشر في: 30 أكتوبر, 2012: 11:00 م

 ترجمة المدى

في عام 2006 تم تكليف المهندس التكنوقراط طارق شفيق، الذي تدرب في بيركلي، بصياغة قانون للنفط. بدأ شفيق مهنته في سنوات الخمسينات حيث برز من خلال العمل في شركات اجنبية ضمت شركة نفط العراق لغاية تأميم قطاع النفط عام 1970 و الحكم على شفيق بالإعدام بتهمة التآمر لصالح الامبرياليين لكن لحسن حظه كان خارج العراق حينها ولم يعد اليه على مدى عقود. في بلد تأتي 95% من عائداته من النفط فان قانونه النفطي لا يؤطر فقط ادارة و تنظيم الاقتصاد الوطني و انما يقرر ايضا مدى مركزية السلطة فيه. كان القانون محورا للجدالات الفيدرالية . فمن الجانب الفيدرالي، رأى الكرد الذين كسبوا استقلالا سياسيا و عسكريا كبيرا ان توزيع سلطة الدولة يمكن ان يمنع القمع الذي كانت تغذيه سيطرة صدام الكاملة على النفط ، ويمكن ان يحمي من الطغيان. من جانب آخر، زعم دعاة المركزية ان بلقنة قطاع النفط يمكن ان يؤدي الى صراع لا ينتهي حيث تقاتل الحكومات المحلية من اجل حقول النفط الواقعة على حدود الاقاليم ؛ و يقولون انه سيقلل من قيمة العراق، فاذا سعت الاجزاء المختلفة من البلاد الى مشاركة نفس الشركات الكبرى فانها حتما ستقوض بعضها البعض. لقد عانى شفيق على ايدي الظالمين في بغداد لكنه تبنى وجهة النظر المركزية .
كتب شفيق عام 2006 قائلا " بدون سياسة مركزية موحدة سيكون هناك تنافر وتنافس بين بغداد والحكومات الاقليمية وسيؤدي ذلك الى صناعة نفطية غير سليمة تساهم في تقسيم البلاد"، الا ان كلماته تلك ضاعت في السياسة المنقسمة . بعد ست سنوات لازالت مسودة شفيق تقبع لدى لجنة برلمانية ولازال الجدال حول الفيدرالية متأججا . لكن على ارض الواقع كان الجانبان قد وقّعا عقودا بمليارات الدولارات وكانت المعركة غير متوازنة : فالفيدراليون في كردستان يفوزون لسبب بسيط هو ان حليفهم اقوى من اي حليف لبغداد، الا و هو شركة اكسون موبيل . لم يكن الامر كذلك على الدوام، فعلى مدى سنوات كانت حكومة العراق المركزية هي المسيطرة، وكانت شركة اكسون تناور لتكون اكبر شركائها. في كانون الثاني 2010 وافقت الشركة على استثمار مليارات الدولارات في واحد من اكبر حقول النفط في البصرة هو حقل غرب القرنة 1 بهدف رفع الانتاجية هناك الى 2.8 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 ، يقول احد المدراء التنفيذيين في الشركة " ان هدفنا الستراتيجي في العراق على المدى البعيد هو ان نبقى لسنوات عديدة و ان نكون شريكا قيّما للحكومة و ان نكون جزءا من نجاح المجتمع العراقي ".
اليوم تغير كل شيء. ففي 18 تشرين الاول 2011 وقّعت اكسون ستة عقود استكشاف في اقليم كردستان، و كانت تلك الخطوة تمثل انتقالا مهتزا في توازن القوى في العراق ؛ فشركة اكسون هي اكبر الشركات المتحالفة مع الكرد و بفعلها هذا قد غدرت ببغداد علنا. و قد حذّر نائب رئيس الوزراء لشؤون النفط حسين الشهرستاني الشركة بان توقيع عقود مع الكرد سيكون غير قانوني و يشكل خرقا لعقد غرب القرنة 1 ، الا ان محامي اكسون رفض ذلك، اذ ان بغداد لا تمتلك اساسا قانونيا قويا – بغياب قانون نفط جديد يدعم موقفها لأن ادعاءات وزارة النفط تستند الى تفسيرات فردية للقانون العراقي . في لقاء غير مريح مع الشهرستاني، اوضح احد كبار المدراء التنفيذيين في اكسون نوايا شركته في كردستان فأعلنت الحكومة العراقية اعتراضها . قال المدير التنفيذي للشركة " شكرا لكم لقد اتضح موقف العراق "، الا ان الشركة وقعت عقودا  مع الاقليم . الكثير ممن يعرفون كيفية صناعة القرار الداخلي للشركة قالوا ان هناك بعض الاسباب البسيطة في رغبة اكسون بالمجازفة في علاقتها مع بغداد. اولها ان طبيعة ارض كردستان تبدو واعدة؛ و ثانيا ان شروط عقد حكومة كردستان تقدم ارباحا اكبر؛ و ثالثا ان شركة اكسون يمكن لها ان تتملص منها. بعد عام لم تدعم بغداد تهديداتها لطرد الشركة من البصرة، و حتى لو حصل ذلك فان اكسون مستعدة لفسخ علاقاتها مع بغداد، فالشركة  تبحث عن مشترين يتولون حقل غرب القرنة 1 و في نفس الوقت قرر المسؤولون في مقر الشركة في ارفنج – تكساس مضاعفة عملها في كردستان، ففي العام الماضي انفقت حوالي ربع مليار دولار في شراء تجهيزات و نقل ادوات من اجل الحفر و الاستكشاف .  
عن : نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

صحيفة عبرية: "إسرائيل" وأميركا يخشوّن أنصار الله كونها جهة يصعب التغلب عليها

الأنواء تحذر من رياح عالية في العراق

مقتل إعلامية لبنانية أمام المحكمة

لا حلول لـ"الشح".. العراق يلوح بـ"تدويل" أزمة المياه مع تركيا لزيادة حصصه

اعتقال قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا بسوريا

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي
سياسية

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي "إطاري" وتصالح مع السوداني

بغداد/ تميم الحسن في موجة جديدة هي الأعنف ربما، دخل محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، في صراع مع خصومه السُنّة وجزء من الكُرد.تصاعدت الخلافات بشكل متزامن بعد عودة الحلبوسي من زيارة مثيرة أجراها زعيم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram